إن التوجّه إلى الله تعالى بالدعاء لطلب الحماية والكفاية من كل شر وأذى هو من أعظم العبادات التي تعكس يقين المؤمن واعتماده على خالقه، والأصل في الدعاء أن يكون بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي جوامع الكلم التي تحمل أكمل المعاني وأعظم البركات، وفيما يلي بيان لأهم الأدعية الثابتة، مع توضيح حكم الدعاء بصيغ عامة منتشرة.
أدعية ثابتة في القرآن والسنة للتحصين والوقاية من الشرور
إن أفضل ما يتحصن به المسلم هو كلام الله تعالى وما صح عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الأدعية هي الحصن الحصين، وهي كافية وشافية بإذن الله.
1، التحصين بآيات من القرآن الكريم
- آية الكرسي (أعظم آية في القرآن): وهي سبب للحفظ من الشيطان حتى يصبح، يُسن قراءتها بعد الصلوات المكتوبة وعند النوم.
“اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” [البقرة: 255].
.
- المعوذتان (سورة الفلق وسورة الناس): قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما سأل سائل بمثلهما، ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما”، (حديث صحيح، رواه النسائي).
“قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ” [الفلق: 1-5].
“قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ” [الناس: 1-6].
.
2، أدعية من السنة النبوية الصحيحة
- دعاء الكفاية من كل شيء: يُقال ثلاث مرات صباحًا ومساءً.
“بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”، (حديث حسن، رواه الترمذي).
.
- دعاء الاستعاذة من الشرور: يُقال ثلاث مرات صباحًا ومساءً.
“أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ”، (حديث صحيح، رواه مسلم).
.
- دعاء شامل للحفظ والعافية: من أذكار الصباح والمساء.
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”، (حديث صحيح، رواه أبو داود).
.
صيغ شائعة للدعاء بـ “اللهم اكفني شر من أراد بي سوء”
يتداول بعض الناس صيغًا عامة للدعاء بقصد طلب الحماية والكفاية من الشرور، وهي تعبر عن حاجة الإنسان للافتقار إلى الله، ومن أمثلة هذه الصيغ المنتشرة:
- اللَّهُمَّ اكْفِنِي شَرَّ مَنْ أَرَادَ بِي سُوءًا، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيْهِ، وَاصْرِفْ عَنِّي أَذَاهُ وَكَيْدَهُ يَا قَوِيُّ يَا مَتِينُ.
- يَا رَبِّ، أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمَنْ أُحِبُّ، فَاحْفَظْنَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاكْفِنَا بِرُكْنِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَ شَرِّ خَلْقِكَ حِجَابًا مَسْتُورًا، وَسُورًا مَنِيعًا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
- رَبِّ إِنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، وَاجْبُرْ قَلْبِي الْمُنْكَسِرَ، وَاصْرِفْ عَنِّي كُلَّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ بِقُدْرَتِكَ يَا قَدِيرُ.
- اللَّهُمَّ يَا مَنْ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، اكْفِنِي شُرُورَ الْأَشْرَارِ، وَكَيْدَ الْفُجَّارِ، وَاحْفَظْنِي بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.
تنبيه هام وحكم الدعاء بهذه الصيغ
تنبيه: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه. الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير.
الحكم الشرعي: يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بأي صيغة تحمل معنى طيبًا ولا تخالف الشرع، لأن باب الدعاء واسع، ومع ذلك، فإن الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أوتي جوامع الكلم، ودعاؤه هو خير الدعاء.
أهمية اللجوء إلى الله للوقاية من الشرور
إن التجاء العبد إلى ربه بالدعاء هو دليل على إيمانه بأن النفع والضر بيد الله وحده، فالله تعالى هو الحافظ، وهو الكافي، ولا يقع في كونه إلا ما أراد، والمسلم حين يدعو ربه ليقيه الشرور، فإنه يحقق التوكل على الله، ويفوض أمره إليه، فينال بذلك الطمأنينة في قلبه، والحفظ في نفسه وأهله وماله بإذن الله.
- تحقيق العبودية: الدعاء هو العبادة، واللجوء إلى الله به هو إقرار بربوبيته وقدرته.
- جلب الطمأنينة: عندما يستودع المؤمن أموره لله، يطمئن قلبه وتهدأ نفسه لعلمه أنه في رعاية الله وحفظه.
- دفع البلاء: الدعاء من أقوى الأسباب التي يدفع الله بها البلاء عن العبد قبل نزوله وبعده.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 255 (آية الكرسي).
- سورة الفلق.
- سورة الناس.
- حديث “بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ…”، سنن الترمذي، حديث رقم 3388، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ…”، صحيح مسلم، حديث رقم 2708، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ…”، سنن أبي داود، حديث رقم 5074، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء للتحصين من الشرور؟
أفضل ما يُحصّن به المسلم نفسه هو الأدعية الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وعلى رأسها قراءة آية الكرسي والمعوذتين، بالإضافة إلى أذكار الصباح والمساء الصحيحة مثل: “بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء…” و “أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق”.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لم ترد في السنة؟
نعم، يجوز الدعاء بأي كلام طيب لا يخالف العقيدة الإسلامية، فباب الدعاء واسع، لكن الأفضل والأكمل هو الاقتصار على الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها أجمع للخير وأعظم في البركة.
ما هي الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء؟
يُرجى إجابة الدعاء في أوقات وأحوال معينة وردت بها السنة، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.

