اللهم اني اسالك العوض الجميل في كل شيء

يُدرك المؤمن أن الصبر على البلاء من أعظم القربات، وأنه سبيل لتجاوز المحن والأزمات بيقينٍ في حكمة الله وعوضه، فالمؤمن يمضي قُدمًا، مُستعينًا بالله، ومُوقنًا بأن عوض الله آتٍ لا محالة لمن صبر واحتسب، فالله تعالى يقول في كتابه الكريم:

“إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ” [الزمر: 10]

.

وإن من أعظم ما يعين العبد على الصبر هو اللجوء إلى الله بالدعاء، وسؤاله العوض الجميل في الدنيا والآخرة.

أدعية ثابتة من القرآن والسنة لطلب العوض والصبر

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تحمل أكمل المعاني وأصح المباني، ومن هذه الأدعية:

  • دعاء أم سلمة عند المصيبة: وهو من أعظم الأدعية لطلب العوض بعد فقد أو مصيبة، عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

    “مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا”.

    (المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 918)، قالت أم سلمة: فلما مات أبو سلمة قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

  • الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة: هذا الدعاء من أجمع الأدعية التي كان يكثر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو طلبٌ للعوض عن كل نقص بالخير والحسنة في الدارين.

    “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

    (المصدر: سورة البقرة، الآية 201).

  • دعاء تفريج الكرب: عند اشتداد الهم والضيق، يُسن للمسلم أن يلجأ إلى الله بهذا الدعاء الثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب:

    “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”.

    (المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6346).

صيغ وأدعية عامة في طلب العوض الجميل

صورة دعاء اللهم إني أسألك عوضًا جميلًا في كل أمر

تنبيه هام: هذه الصيغ التالية هي مما يتداوله بعض الناس، وهي أدعية عامة بمعانٍ حسنة، ولكنها لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ويجوز الدعاء بمعانٍ صحيحة ما لم يعتقد الداعي أن هذه الصيغة بحد ذاتها سنة أو لها فضل خاص.

  • اللَّهُمَّ اجبُرنِي فِي كُلِّ شَيءٍ فَاتَنِي، وَعَوِّضنِي يَا اللَّهُ بِمَا هُوَ أَفضَلُ وَأَكرَمُ، وَاكفِنِي يَا رَبِّ حَاجَتِي إِلَى النَّاسِ، وَاجعَلنِي فِي غِنًى بِحُسنِ ظَنِّي بِكَ وَيَقِينِي فِي عَطَائِكَ وَرَحْمَتِكَ، وَمِنْ حَيثُ لَا أَحْتَسِبُ ارْزُقنِي مَا أَتَمَنَّاهُ فِي قَلْبِي يَا وَلِيَّ النِّعَمِ.
  • اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي الخَيْرَ حَيثُمَا كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ، وَانزِعْ مِنْ قَلْبِي كُلَّ مَا يُقلِقُنِي وَيُوجِعُنِي، وَارْزُقنِي قَلبًا مُطْمَئِنًّا يَمْلَؤُهُ الرِّضَا وَالسَّكِينَةُ، وَاجعَلنِي فِي مَعيَّتِكَ فِي كُلِّ حَالٍ، وَاصْرِفْ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي يَا قَوِيُّ يَا جَبَّارٌ.
  • اللهم إني أسألك العوض الجميل عن كل ما فقدت، اللهم اجعل لي من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا، ويسِّر لي الخير حيث كان، واجعل لي نصيبًا من السعادة والراحة.
  • يا الله يا كريم، يا من لا ينقطع عطاؤه، عوضني عن كل ألم وتعب مررت به، وارزقني راحة البال وطمأنينة القلب، واجعلني من عبادك الصالحين المقربين منك.

ما حكم الدعاء بغير المأثور لطلب العوض؟

أجمع أهل العلم على جواز دعاء المسلم ربه بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، فباب الدعاء واسع، ويمكن للمسلم أن يناجي ربه بأسلوبه وحاجته وبالكلمات التي تعبر عما في قلبه، بشرطين أساسيين:

  1. أن تكون معاني الدعاء صحيحة ولا تخالف الشرع.
  2. ألا يعتقد أن هذه الصيغة التي ابتكرها هي سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أن لها فضلًا خاصًا مرتبطًا بلفظها أو عددها.

فالأفضل دائمًا هو الحرص على الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، فهي أسلم وأجمع للخير وأعظم في البركة.

نص دعاء اللهم عوضني عوضًا جميلًا عن كل ما أحزنني

أهمية التضرع إلى الله وفضله العظيم

الدعاء هو العبادة، وهو الصلة المباشرة بين العبد وربه، يلجأ إليه في السراء والضراء، والشدة والرخاء، وقد أمرنا الله تعالى بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال سبحانه:

“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ” [غافر: 60]

، ومن فضائل التضرع إلى الله:

  • نيل الأجر والثواب: فالدعاء في حد ذاته عبادة عظيمة يُثاب عليها المسلم، سواءً استُجيب له بما طلب، أو صُرف عنه من السوء مثله، أو ادُّخر له أجره في الآخرة.
  • دفع البلاء ورفعه: الدعاء من أقوى الأسباب في دفع البلاء قبل نزوله ورفعه بعد نزوله، وهو سلاح المؤمن الذي يتقي به أقدار الله المؤلمة بأقدار الله الرحيمة.
  • تحصيل الطمأنينة والسكينة: حين يستشعر المسلم أن الله يسمعه ويراه، وأن أمره كله بيده، يمتلئ قلبه بالراحة والطمأنينة، ويجد في مناجاة ربه سلوى عن كل هم وحزن.
  • تحقيق العبودية والشكر: التضرع إلى الله هو إقرار من العبد بفقره وحاجته إلى خالقه، واعتراف بقدرة الله المطلقة وغناه، وهو من أعظم صور شكر النعم.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

ما هو أفضل دعاء لطلب العوض من الله؟

من أفضل وأصح ما ورد في السنة النبوية لطلب العوض هو دعاء أم سلمة رضي الله عنها عند المصيبة: “اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا”، فهو دعاء نبوي مباشر في هذا الباب، وقد استجاب الله لها بأن رزقها الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لطلب الفرج والعوض؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من كلام طيب ومعانٍ صحيحة لا تخالف الشرع، وأن يسأل الله حاجته بلغته وأسلوبه، فالله سبحانه وتعالى عليم بما في الصدور، لكن يبقى الأفضل والأكمل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.

متى يأتي عوض الله؟

عوض الله يأتي في الوقت الذي يعلمه سبحانه هو الخير للعبد، قد يكون العوض معجلاً في الدنيا، أو قد يكون مدخراً في الآخرة على هيئة أجور عظيمة ودرجات رفيعة، والمطلوب من العبد هو الصبر والرضا وحسن الظن بالله، واليقين بأن اختيار الله له خير من اختياره لنفسه.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات