يَتَمنّى كُلُّ مُسلمٍ مع اقترابِ شهر رمضان المبارك أن يمنّ الله على إخواننا في غزة بالأمن والأمان، وأن يرفع عنهم البلاء، والدعاء هو من أعظم ما يمكن أن يقدمه المسلم لإخوانه، فهو سلاح المؤمن وصلته بربه، وبه تتحقق صور الأخوة الإيمانية الصادقة.
فيما يلي نستعرض أدعية مأثورة من القرآن والسنة، بالإضافة إلى صيغ دعاء عامة يمكن للمسلم أن يتوجه بها إلى الله لنصرة أهل غزة وتفريج كربتهم.
أدعية مأثورة من القرآن والسنة لنصرة المستضعفين
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، ومنها ما يناسب حال إخواننا في غزة:
- دعاء من القرآن الكريم لطلب الصبر والثبات والنصر: وهو دعاء ورد على لسان الفئة المؤمنة عند لقاء عدوها.
 “رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ” [البقرة: 250]. . 
- دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على الأحزاب: وهو دعاء دعا به النبي عند الشدة، ويُناسب الدعاء به على المعتدين.
 “اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وزَلْزِلْهُمْ” (متفق عليه). . 
- دعاء الكرب والشدة: وهو دعاء جامع لتفريج الهموم، يُرجى لمن دعا به أن يفرّج الله كربه.
 “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ” (صحيح البخاري). . 
اللهم بلغنا رمضان وقد عمّ النصر أرض غزة
يمكن للمسلم أن يدعو لإخوانه في غزة بما يفتح الله عليه من صيغ الدعاء التي تجمع خيري الدنيا والآخرة، ما لم تتضمن اعتداءً في الدعاء، ومن الأمثلة على ذلك:
- اللَّهُمَّ انْصُرْ أَهْلَ غَزَّةَ وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ، وَارْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِم، وَكُنْ لَهُمْ عَوْنًا وَنَصِيرًا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ وَقَدْ كَشَفْتَ الغُمَّةَ عَنْ أَهْلِ غَزَّةَ، وَأَبْدَلْتَ خَوْفَهُمْ أَمْنًا، وَضَعْفَهُمْ قُوَّةً، وَهَزِيمَتَهُمْ نَصْرًا.
- يَا رَبِّ، نَسْتَوْدِعُكَ أَهْلَنَا فِي غَزَّةَ، فَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَاكْلَأْهُمْ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَتَوَلَّهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا وَلِيَّ المُؤْمِنِينَ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ رَمَضَانَ هَذَا العَامِ فَاتِحَةَ خَيْرٍ وَنَصْرٍ وَتَمْكِينٍ لإِخْوَانِنَا فِي غَزَّةَ، وَاجْبُرْ كَسْرَهُمْ، وَاشْفِ جَرْحَاهُمْ، وَتَقَبَّلْ شُهَدَاءَهُمْ.
اللهم بلغنا رمضان وأهل غزة ينعمون بالأمان
إن الشعور بالأمان من أعظم نعم الله على عباده، وقد حُرم منه أهلنا في غزة، لذا، يلهج المسلمون بالدعاء سائلين الله أن يعيد إليهم أمنهم وسكينتهم مع حلول الشهر الفضيل.
- اللَّهُمَّ يَا مُؤْمِنَ الخَائِفِينَ، أَنْزِلْ سَكِينَتَكَ عَلَى أَهْلِ غَزَّةَ، وَأَمِّنْ رَوْعَاتِهِمْ، وَاسْتُرْ عَوْرَاتِهِمْ، وَاحْفَظْهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ.
- يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ نَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِأَهْلِ غَزَّةَ شَأْنَهُمْ كُلَّهُ وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ.
- اللَّهُمَّ كُنْ لِأَهْلِ غَزَّةَ وَلِيًّا وَنَصِيرًا، وَمُعِينًا وَظَهِيرًا، اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّهُمْ، وَنَفِّسْ كَرْبَهُمْ، وَأَقِلْ عَثْرَتَهُمْ، وَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ.
- اللَّهُمَّ عَجِّلْ لَهُمْ بِالفَرَجِ القَرِيبِ، وَارْزُقْهُمْ حَيَاةً آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً، وَبَلِّغْهُمْ رَمَضَانَ وَهُمْ فِي أَفْضَلِ حَالٍ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ.
المكانة العظيمة لأرض فلسطين في وجدان المسلمين
إن دعاء المسلمين الدائم لفلسطين وأهلها، مثل “اللهم بلغنا رمضان وغزة حرة منتصرة”، ينبع من مكانتها الراسخة في العقيدة الإسلامية، فهي أرض مباركة تجمع العديد من الخصائص الدينية والروحية:
- القبلة الأولى للمسلمين: كانت وجهة المسلمين في صلاتهم قبل أن يأمر الله تعالى بالتوجه نحو الكعبة المشرفة، مما يمنحها مكانة تاريخية فريدة.
- أرض الإسراء: هي المحطة التي انتهى إليها إسراء النبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام، ومنها بدأ معراجه إلى السماوات العُلا، كما قال تعالى:
 “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ…” [الإسراء: 1]. . 
- موطن اجتماع الأنبياء: على أرضها المباركة، جمع الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم الأنبياء جميعًا، فصلى بهم إمامًا في ليلة الإسراء والمعراج، في حدث جليل يؤكد مكانتها كأرض للرسالات السماوية.
- ثالث المساجد التي تُشد إليها الرحال: أكد النبي صلى الله عليه وسلم مكانة المسجد الأقصى بوصفه أحد المساجد الثلاثة التي يُشرع السفر إليها بقصد العبادة، حيث قال:
 “لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى” (متفق عليه). . 
لهذه الأسباب وغيرها، تظل فلسطين والمسجد الأقصى جزءًا لا يتجزأ من عقيدة كل مسلم، وحاضرة في قلبه ودعائه، خاصة في أوقات الشدة والمحن.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 250.
- سورة الإسراء، الآية 1.
- حديث “اللهم منزل الكتاب…”، (متفق عليه: صحيح البخاري، حديث رقم 2966، وصحيح مسلم، حديث رقم 1742)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “لا إله إلا الله العظيم الحليم…”، (صحيح البخاري، حديث رقم 6346)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “لا تشد الرحال…”، (متفق عليه: صحيح البخاري، حديث رقم 1189، وصحيح مسلم، حديث رقم 1397)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول الدعاء لأهل غزة
ما هو أفضل وقت للدعاء لأهل غزة؟
يستحب الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، وفي شهر رمضان المبارك خاصة عند الإفطار.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لنصرة أهل غزة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من كلام طيب وبصيغ لم ترد في السنة، بشرط ألا يكون في الدعاء إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء، والأفضل دائمًا هو الجمع بين الأدعية المأثورة من القرآن والسنة والدعاء بما تجود به النفس من الخير لإخوانه المسلمين.
ما هو واجب المسلم تجاه إخوانه في غزة؟
واجب المسلم تجاه إخوانه المستضعفين في غزة وفي كل مكان هو نصرتهم بكل وسيلة مشروعة وممكنة، ومن أعظم صور النصرة الدعاء لهم بصدق وإخلاص في ظهر الغيب، بالإضافة إلى الدعم المادي والمعنوي، ونشر قضيتهم العادلة، وتوعية الناس بها.
 
		

