دعاء اللهم زدنا ولا تنقصنا وأعطنا ولا تحرمنا

إن من أعظم صور العبودية لجوء العبد إلى ربه بالدعاء، سائلاً إياه من فضله العظيم، وطالباً للزيادة في النعم والبركات، الدعاء بطلب المزيد من الخير وحفظ النعم القائمة يعكس يقيناً عميقاً بكرم الله وقدرته، وثقةً بأن خزائنه لا تنفد، فالله سبحانه وتعالى هو الكريم الذي يحب أن يُسأل، ويستجيب لمن دعاه بقلبٍ صادق ونفسٍ متضرعة.

نص دعاء “اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا”

نص دعاء اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا مكتوب بالتشكيل

الصيغة الكاملة للدعاء كما وردت في بعض الروايات هي:

“اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا، وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا، وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَأَرْضِنَا وَارْضَ عَنَّا”

مصدر الدعاء وحكمه الشرعي

يُنسب هذا الدعاء إلى حديث مروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث ورد أنه كان يُسمع عند وجه النبي صلى الله عليه وسلم كدوي النحل حين ينزل عليه الوحي، وأنه دعا بهذا الدعاء بعد أن أُنزلت عليه الآيات العشر الأولى من سورة المؤمنون، وقد ورد هذا الحديث في مصادر عدة مثل سنن الترمذي ومسند الإمام أحمد.

تنبيه هام حول درجة صحة الحديث:

على الرغم من شهرة هذا الحديث وتداول الدعاء بين الناس، إلا أن الحديث الذي ورد فيه هذا الدعاء حكم عليه أهل العلم بالضعف من حيث السند، فقد ضعّفه عدد من المحققين المحدثين، منهم الإمام الألباني والشيخ شعيب الأرناؤوط، وذلك لوجود علل في إسناده.

هل يجوز الدعاء به؟
نعم، يجوز الدعاء بهذه الصيغة؛ لأن معناها صحيح ولا يخالف أصول الشريعة الإسلامية، فطلب الزيادة من فضل الله، وطلب الكرامة، والعطاء، والرضا هي من المعاني الجليلة التي يحث عليها الإسلام، ولكن لا يجوز نسبته بشكل قاطع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو اعتقاد فضل خاص مرتبط بتلك الرواية الضعيفة.

تفسير ودلالات دعاء “اللهم زدنا ولا تنقصنا”

يحمل هذا الدعاء معانٍ إيمانية عميقة، فهو يعبر عن طموح المسلم للارتقاء في دينه ودنياه، وافتقاره الكامل إلى فضل الله وعونه، وفيما يلي تفصيل لدلالاته:

  • “اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا”: هو طلب للزيادة في كل خير؛ من إيمان وعلم ورزق وصحة وعمل صالح، مع سؤال الله أن يحفظ هذه النعم من النقصان والزوال.
  • “وَأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا”: طلب للإكرام الإلهي في الدنيا والآخرة، وذلك بطاعة الله والتوفيق لها، والعزة بين الناس، والنجاة من الهوان والذل.
  • “وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا”: دعاء شامل بطلب عطاء الله الذي لا ينقطع، وسؤاله ألا يحرم الداعي من خيرات الدنيا والآخرة بسبب ذنوبه أو تقصيره.
  • “وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا”: طلب من الله أن يخصنا برحمته وفضله، وأن يجعلنا من المفضلين عنده، وألا يقدم علينا غيرنا في العطاء والخير بسبب أعمالنا.
  • “وَأَرْضِنَا وَارْضَ عَنَّا”: هو جوهر السعادة، ففيه طلبان: الأول أن يرزقنا الله الرضا بما قسم لنا، وهي نعمة عظيمة تورث الطمأنينة، والثاني، وهو الأسمى، أن يرضى الله عنا، فمن رضي الله عنه فقد فاز فوزاً عظيماً.

صيغ وأدعية جامعة في طلب الفضل والرزق

دعاء اللهم أنعم علينا بكرمك وعطائك ولا تكلنا إلى جهدنا

هذه مجموعة من الأدعية العامة والمأثورة التي تحمل معاني طلب الخير والرزق والتوفيق، ويمكن للمسلم الدعاء بها في كل وقت، خاصة في أوقات الإجابة كجوف الليل وبين الأذان والإقامة:

  • “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُمَا إِلَّا أَنْتَ”، (حديث صحيح، رواه الطبراني وصححه الألباني).
  • “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، (من القرآن الكريم، [البقرة: 201]).
  • “اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”، (حديث حسن، رواه الترمذي).
  • اللهم إني أسألك رزقًا طيبًا واسعًا مباركًا فيه، وأسألك توفيقًا يهديني إلى ما تحب وترضى.
  • يا رب، يا من بيدك خزائن كل شيء، امنحني من فضلك ما تقر به عيني، ويسّر لي أمري، واغنني بكرمك يا أكرم الأكرمين.
  • اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، وأصلح لنا شأننا كله، لا إله إلا أنت.

أسئلة شائعة حول الدعاء

هل حديث “اللهم زدنا ولا تنقصنا” صحيح؟

الحديث المروي في فضل هذا الدعاء يُصنّف على أنه حديث ضعيف من حيث السند، كما بيّن ذلك علماء الحديث المعاصرون، ولكن معنى الدعاء صحيح وجليل، ويجوز الدعاء به دون نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم.

ما هو أفضل وقت للدعاء بطلب الزيادة والبركة؟

يمكن الدعاء في كل وقت، فباب الله مفتوح دائمًا، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة.

ما هو البديل الصحيح المأثور عن النبي لطلب الخير؟

هناك أدعية كثيرة صحيحة وثابتة، من أجمعها دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمه لأنس بن مالك رضي الله عنه:

“اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

وهو مأخوذ من قول الله تعالى في سورة البقرة، فهذا الدعاء يجمع خيري الدنيا والآخرة.

المصادر والمراجع

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات