حكم دعاء “اللهم سلمنا لرمضان” ودرجة صحته
ينتشر بين المسلمين مع قُرب شهر رمضان المبارك دعاء بصيغة “اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْ رَمَضَانَ لَنَا، وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا مُتَقَبَّلًا”، هذا الدعاء، على الرغم من معناه الطيب، إلا أن الحديث المنسوب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن والذي يرويه الصحابي عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- هو حديث ضعيف الإسناد.
وقد بيّن أهل العلم والمختصون في علم الحديث ضعف هذا الحديث، ومنهم المحدّث الشيخ شعيب الأرناؤوط الذي حكم على إسناده بالضعف عند تخريجه لكتاب “سير أعلام النبلاء”، ويعود سبب الضعف إلى وجود رواة في السند عليهم كلام، مثل أبي جعفر الرازي، الذي أشار الإمام ابن المديني وغيره إلى أنه كان يخطئ ويخلط في الروايات، بناءً على ذلك، لا يصح نسبة هذا الدعاء بلفظه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
هل يجوز الدعاء بهذه الصيغة؟
نعم، لا حرج على المسلم أن يدعو الله بهذه الصيغة أو بما يشابهها، فمعناها صحيح ومقبول، فهي طلب من الله تعالى أن يبلغنا رمضان بصحة وعافية، وأن يعيننا على الطاعة فيه، وأن يتقبل منا أعمالنا، لكنّ الإشكال يكمن في نسبتها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- واعتقاد أنها سنة مأثورة عنه، والأولى بالمسلم دائمًا هو الحرص على الأدعية الثابتة والصحيحة عن رسول الله، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة وفيها البركة والاتباع.
البديل الصحيح من السنة عند رؤية هلال رمضان
ورد في السنة النبوية الشريفة دعاء صحيح يُقال عند رؤية هلال شهر جديد، ومنه هلال رمضان، هذا الدعاء هو الأفضل للاتباع والعمل به تأسياً بالنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-.
عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ إِذا رَأَى الهِلالَ قَالَ:
“اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّي ورَبُّكَ اللَّهُ”.
المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3451، وقال عنه: “حديث حسن”.
- شرح موجز للدعاء: هو طلب من الله تعالى أن يجعل بداية هذا الشهر مباركة (اليمن)، وأن يثبتنا فيه على الإيمان، ويحفظنا فيه بالسلامة في الدين والبدن، ويوفقنا لشرائع الإسلام، مع إقرار بأن الله هو الرب المستحق للعبادة وحده.
أدعية عامة يُستحب الدعاء بها في رمضان
باب الدعاء واسع، ويمكن للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من الخير، وهذه بعض الصيغ العامة التي تحمل معاني طيبة ويُمكن الدعاء بها في أيام الشهر الفضيل:
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِدَايَةَ هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ بِدَايَةَ خَيْرٍ لَنَا، وَأَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالسُّرُورِ، وَأَتْمِمْ عَلَيْنَا العَافِيَةَ، وَاغْفِرْ خَطَايَانَا، وَوَسِّعْ أَرْزَاقَنَا بِرَحْمَتِكَ، فَإِنَّكَ الكَرِيمُ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- يَا رَبِّ اجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الَّذِينَ صَامُوا هَذَا الشَّهْرَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَعَمِلُوا فِيهِ بِكُلِّ مَا يُرْضِيكَ، وَاغْفِرْ لَنَا تَقْصِيرَنَا، وَطَهِّرْ قُلُوبَنَا مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ.
- اللَّهُمَّ يَا حَقُّ يَا عَزِيزُ، نَدْعُوكَ خَاشِعِينَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ المُبَارَكَةِ أَنْ تُزِيلَ عَنَّا كُلَّ هَمٍّ، وَتَشْفِيَ كُلَّ مَرِيضٍ، وَتَرْحَمَ أَرْوَاحَ مَنْ غَادَرُونَا وَسَكَنُوا القُبُورَ، وَارْزُقْنَا بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.
- يَا اللهُ، ارْزُقْنَا صَلَاحَ القُلُوبِ وَطَهَارَةَ النُّفُوسِ، وَأَكْرِمْنَا بِبَرَكَاتِ هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ، وَاجْعَلْهُ مَيْدَانًا لِلتَّقَرُّبِ إِلَيْكَ، وَاغْفِرْ ذُنُوبَنَا، وَاسْلُكْ بِنَا طَرِيقَ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
- يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ، امْنَحْنَا القُوَّةَ لِصِيَامِ الشَّهْرِ الكَرِيمِ وَقِيَامِهِ، وَامْلَأْ دُنْيَانَا بِرِضَاكَ، وَأَكْرِمْنَا بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ الكَرِيمِ، وَاشْمَلْنَا بِقَبُولِ الطَّاعَاتِ إِنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا فِي هَذَا الشَّهْرِ نَصِيبًا مِنْ مَغْفِرَتِكَ وَعِتْقًا مِنْ نِيرَانِكَ، وَارْحَمْ مَوْتَانَا الَّذِينَ سَبَقُونَا، وَاحْفَظْنَا بِسِتْرِكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ.
المصادر والمراجع
- حديث “اللهم سلمنا لرمضان…”، ضعفه الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريج سير أعلام النبلاء (19/51)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “اللهم أهله علينا باليمن والإيمان…”، رواه الترمذي (3451) وحسّنه الألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو حكم قول “اللهم سلمنا لرمضان”؟
الحديث المروي فيه ضعيف ولا يصح نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن، يجوز الدعاء بهذه الصيغة لأن معناها صحيح، بشرط عدم اعتقاد أنها سنة ثابتة عنه.
ما هو الدعاء الصحيح عند رؤية هلال رمضان؟
الدعاء الصحيح الثابت هو: “اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّ ورَبُّكَ اللَّهُ”، وهو حديث حسن رواه الترمذي.
هل يجوز الدعاء بأدعية من عندي في رمضان؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، والأفضل دائمًا الجمع بين الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، والدعاء بما يحتاجه الإنسان ويفتح الله به عليه.
 
		
