إن السعي الجاد والإخلاص في العمل من أعظم أسباب التوفيق، مع ضرورة التوكل على الله سبحانه وتعالى وطلب العون منه في كل الأمور، فالمسلم الحق يتحلى بالعزيمة والإرادة، ويأخذ بالأسباب المادية، ثم يتوجه بقلبه إلى مسبب الأسباب، سائلاً إياه السداد والنجاح في الدنيا والآخرة، والدعاء هو لب العبادة وجوهر التوكل، وبه يستمد العبد القوة والعون من ربه.
أدعية جامعة لطلب التوفيق والخير
يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بصيغ عامة تجمع خيري الدنيا والآخرة، طالبًا منه التوفيق والهداية، ومن أمثلة هذه الأدعية الجامعة:
- “يَا رَبِّ ارْزُقْنِي الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَعَوِّضْنِي بِمَا تَرَاهُ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ اجْبُرْ كَسْرِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، وَيَسِّرْ لِي كُلَّ دَرْبٍ يُوصِلُنِي إِلَى مَرْضَاتِكَ، اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي مَغْفِرَةً مِنْكَ وَعَفْوًا تُزِيلُ بِهِ هُمُومِي، وَكُنْ مَعِي فِي كُلِّ أَحْوَالِي.”.
- “اللَّهُمَّ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، وَأَرْشِدْنَا لِلْعَمَلِ الَّذِي يَرْضِيكَ عَنَّا، يَا رَبِّ، اجْعَلْنَا مِنْ سُكَّانِ الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى مَعَ الصَّالِحِينَ وَالْأَبْرَارِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الْوَاسِعَةِ أَنْ تُوَفِّقَنِي فِي خُطُوَاتِي الْقَادِمَةِ، وَتُسَهِّلَ لِي كُلَّ أَمْرٍ عَسِيرٍ، وَتُبَاعِدَ بَيْنِي وَبَيْنَ كُلِّ شَرٍّ.”.
تنبيه: هذه الصيغ هي أدعية عامة لم ترد بنصها في السنة النبوية، ولكن معناها صحيح ويمكن الدعاء بها، والأكمل والأفضل هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة الصحيحة.
دعاء “اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى”
إن طلب التوفيق لما يحبه الله ويرضاه هو غاية كل مسلم، فإذا وُفِّق العبد لذلك، فقد نال السعادة الحقيقية، فالتوفيق ليس مجرد نجاح دنيوي، بل هو انسجام حياة العبد مع مراد الله الشرعي، وهو ثمرة السعي الصادق والاجتهاد في الطاعة مع الاستعانة بالله تعالى بالدعاء الخالص، ودعاء “اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى” من الأدعية الجامعة التي تحمل هذا المعنى العظيم.
ويمكن الدعاء به وبصيغ أخرى تحمل معاني الخشوع والتقرب إلى الله، منها:
- “اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَأَعْطِنَا مِنَ النَّعِيمِ مَا يُسْعِدُ قُلُوبَنَا، وَاحْفَظْ لَنَا أَهْلَنَا وَأَحْبَابَنَا، وَارْزُقْنَا الْخَيْرَ الْوَفِيرَ، وَاجْعَلْ لَنَا نَصِيبًا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ قَسَمْتَهُ لِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.”.
- “اللَّهُمَّ أَعْطِنَا حَتَّى تُرْضِيَنَا، وَشَفِّعْ فِينَا نَبِيَّكَ مُحَمَّدًا ﷺ، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِكُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ السَّعَادَةَ تَسْكُنُ قُلُوبَنَا، وَأَنْعِمْ عَلَيْنَا بِالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاهْدِنَا إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.”.
- “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَيَسِّرْ لَنَا أُمُورَنَا، وَاجْعَلْ أَعْمَالَنَا خَالِصَةً لِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَاسْتُرْنَا فَوْقَ الْأَرْضِ وَتَحْتَ الْأَرْضِ وَيَوْمَ الْعَرْضِ عَلَيْكَ.”.
- “اللَّهُمَّ اكْتُبْ لَنَا الْهِدَايَةَ التَّامَّةَ، وَأَعْطِنَا فَيْضًا وَاسِعًا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَمِدَّنَا بِالْقُوَّةِ وَالثَّبَاتِ، اللَّهُمَّ أَبْعِدْ عَنَّا كُلَّ مَنْ يُرِيدُ بِنَا شَرًّا، وَارْزُقْنَا الصُّحْبَةَ الصَّالِحَةَ الَّتِي تَأْخُذُ بِأَيْدِينَا إِلَى الْجَنَّةِ.”.
أدعية مأثورة في طلب الهداية والتوفيق
إن أعظم ما يسأله العبد ربه هو الهداية والتوفيق، وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة أدعية عظيمة في هذا الباب، وهي الأفضل والأكثر بركة.
دعاء جامع من القرآن الكريم
من أجمع الأدعية التي علمنا الله إياها في كتابه، دعاء يطلب فيه العبد خير الدنيا والآخرة:
“وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
المصدر: [سورة البقرة: 201].
دعاء نبوي لطلب صلاح الأمور كلها
كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء الشامل الذي يجمع صلاح الدين والدنيا والآخرة:
“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ.”
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2720، (حديث صحيح).
اللهم وفقنا ويسر لنا أمورنا
يجد المسلم في الدعاء طمأنينة وسكينة، فعندما يتوجه إلى الله بالتضرع، فإنه يعترف بقدرة الله المطلقة وحكمته البالغة، وتفويض الأمر إلى الله مع الأخذ بالأسباب يورث في النفس راحة عميقة وثقة بأن الله سيختار لعبده ما هو خير له، حتى وإن خفيت عليه الحكمة في حينها.
- “اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نُقْبِلُ عَلَيْهِ نُورًا وَبَرَكَةً، وَسَخِّرْ لَنَا أَسْبَابَ التَّوْفِيقِ الَّتِي تَفْتَحُ لَنَا أَبْوَابَ الْخَيْرِ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا قُلُوبًا شَاكِرَةً، وَرِزْقًا وَافِرًا طَيِّبًا يُغْنِينَا عَنِ الْحَرَامِ.”.
- “يَا مَالِكَ الْمُلْكِ، نَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تُبَدِّلَ هُمُومَنَا أَفْرَاحًا، وَأَنْ تَفْتَحَ لَنَا أَبْوَابَ رِزْقٍ مِنْ حَيْثُ لَا نَحْتَسِبُ، وَامْلَأْ قُلُوبَنَا بِثَبَاتِ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ.”.
- “اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ رَضِيتَ عَنْهُمْ، وَسَخَّرْتَ لَهُمُ الْخَيْرَ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ، اللَّهُمَّ احْفَظْ أَحِبَّتَنَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاغْمُرْ حَيَاتَنَا بِسَكِينَةٍ وَرِضًا بِقَضَائِكَ، وَاهْدِ خُطَانَا إِلَى صِرَاطِكَ الْمُسْتَقِيمِ.”.
وسائل شرعية لتحقيق التوفيق والنجاح
إن دعاء “اللهم وفقنا لما تحب وترضى” يجب أن يقترن بالعمل والسعي، فالتوفيق الإلهي يناله العبد بالأخذ بالأسباب التي شرعها الله وأمر بها، ومن أهمها:
1، الجدية والإخلاص
- التعامل مع أمور الدين والدنيا بجدية وإخلاص النية لله تعالى هو أساس كل عمل مقبول، فالجدية تعني بذل الجهد، والإخلاص يضمن أن يكون هذا الجهد في سبيل مرضاة الله، مما يفتح أبواب التوفيق.
2، حسن التوكل على الله
- التوكل الصحيح هو عمل قلبي يعني صدق الاعتماد على الله مع فعل الأسباب المشروعة، يبدأ المسلم عمله مستعينًا بالله، واثقًا بتدبيره، وهذا يمنحه طمأنينة وثباتًا في سعيه.
3، تجنب الكسل والتسويف
- الكسل من الآفات التي حذر منها الإسلام، وقد استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم، أما الشخص المثابر الذي يبادر بالعمل الصالح، فإنه يُعان ويُوفق، فالسماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة.
4، الصبر والثبات
- طريق النجاح محفوف بالتحديات، والصبر هو مفتاح الفرج وبوابة التمكين، قال تعالى:
 “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ” [الزمر: 10]، فمن صبر على الطاعة، وعن المعصية، وعلى أقدار الله، نال عظيم الأجر والتوفيق. 
اللهم وفقنا لكل خير
إن شكر نعم الله التي لا تعد ولا تحصى يكون باستخدامها في طاعته، وعندما يواجه المسلم أمرًا عسيرًا، فإن ملجأه الأول هو الله تعالى، يدعوه ويتضرع إليه ليكشف كربه وييسر أمره، ومن الأدعية الطيبة في هذا السياق:
- “اللَّهُمَّ اجْعَلِ التَّوْفِيقَ حَلِيفَنَا، وَارْزُقْنَا الْعِلْمَ النَّافِعَ وَالرِّزْقَ الطَّيِّبَ وَالْعَمَلَ الْمُتَقَبَّلَ، يَا اللهُ، اهْدِنَا صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ وَاغْمُرْنَا بِرَحْمَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.”.
- “اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا رُشْدَنَا، وَقِنَا شَرَّ أَنْفُسِنَا، اللَّهُمَّ أَبْعِدْ عَنَّا وَسَاوِسَ الشَّيَاطِينِ، وَاحْفَظْنَا مِنْ عُيُونِ الْحَاسِدِينَ، وَمِنْ كُلِّ مَنْ أَرَادَ بِنَا سُوءًا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.”.
- “يَا رَبِّ، بِبَابِكَ وَقَفْتُ، وَلِرَحْمَتِكَ رَجَوْتُ، فَلَا تَرُدَّنِي خَائِبًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي حَظًّا وَاسِعًا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَوَفِّقْنِي لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي بِقَبُولٍ حَسَنٍ.”.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة الزمر، الآية 10.
- صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، حديث رقم 2720، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء لطلب التوفيق والنجاح؟
أفضل الأدعية هي ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ومن أجمعها دعاء:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
، والدعاء النبوي:
“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي…”
.
هل يجوز الدعاء بصيغ لم ترد في السنة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من الأدعية الطيبة التي ليس فيها اعتداء أو مخالفة شرعية، ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.
ما هي أوقات استجابة الدعاء؟
يُرجى إجابة الدعاء في أوقات وأحوال معينة، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، ومن المهم أن يكون الداعي حاضر القلب وموقنًا بالإجابة.
 
		
