يحرص المسلم على الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، خاصة في شهر رمضان المبارك، طمعًا في الأجر العظيم والفضل الواسع من الله تعالى، ويُعد إتمام ختم القرآن الكريم من أعظم القربات، وهو موطن يُرجى فيه إجابة الدعاء، فيستحب للمسلم أن يتوجه إلى الله بالدعاء والتضرع عند هذه اللحظة المباركة.

عند إتمام الختمة، يمكن للمسلم الدعاء بما يفتح الله عليه من خيري الدنيا والآخرة، ولتسهيل الأمر على من يرغب في الحصول على صيغ جامعة للدعاء، يمكن تحميل ملف يجمع أدعية مأثورة ومنتشرة لختم القرآن بصيغة PDF عبر الرابط التالي: “تحميل دعاء ختم القرآن PDF“.

ما حكم تخصيص دعاء معين لختم القرآن؟

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاءٌ مخصصٌ لختم القرآن الكريم، فالدعاء في هذا الموطن هو أمرٌ واسع، ويمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية الطيبة، وقد ورد عن بعض السلف الصالح، مثل الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا بهم، مما يدل على أن هذا الوقت من أوقات إجابة الدعاء.

وعليه، فالأصل هو أن يدعو المسلم بما يحتاجه من أمور دينه ودنياه، وله أن يستعين بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة لكونها أجمع وأكمل الأدعية.

أدعية جامعة من القرآن والسنة يُنصح بها عند ختم القرآن

هذه مجموعة من الأدعية الصحيحة الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي يٌستحب للمسلم أن يدعو بها في كل وقت، وخاصة في المواطن التي يُرجى فيها الإجابة كعقب ختم القرآن:

• الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، وهو من أجمع الأدعية:
  

  “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

  (سورة البقرة، الآية 201).

• دعاء صلاح الدين والدنيا والآخرة، وهو من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ”

  (رواه مسلم، حديث صحيح).

• دعاء جامع لطلب الطاعة واليقين:
  

  “اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا”

  (رواه الترمذي، حديث حسن).

صيغة شائعة تُنسب لدعاء ختم القرآن

تنتشر بين الناس صيغة دعاء طويلة تُقرأ عند ختم القرآن، وتُطبع في نهاية بعض المصاحف، وفيما يلي نص هذه الصيغة لمن أراد الاطلاع عليها أو الدعاء ببعض أجزائها التي لا تخالف الشرع:

• اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِالقُرْآنِ وَاجْعَلْهُ لِي إِمَامًا وَنُورًا وَهُدًى وَرَحْمَةً..
• اللَّهُمَّ ذَكِّرْنِي مِنْهُ مَا نَسِيتُ وَعَلِّمْنِي مِنْهُ مَا جَهِلْتُ وَارْزُقْنِي تِلَاوَتَهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ وَاجْعَلْهُ لِي حُجَّةً يَا رَبَّ العَالَمِينَ..
• اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ عُمْرِي آخِرَهُ، وَخَيْرَ عَمَلِي خَوَاتِمَهُ، وَخَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاكَ فِيهِ..
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِيشَةً هَنِيَّةً وَمِيتَةً سَوِيَّةً وَمَرَدًّا غَيْرَ مُخْزٍ وَلاَ فَاضِحٍ..
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ المَسْأَلَةِ، وَخَيْرَ الدُّعَاءِ، وَخَيْرَ النَّجَاحِ، وَخَيْرَ العِلْمِ، وَخَيْرَ العَمَلِ، وَخَيْرَ الثَّوَابِ، وَخَيْرَ الحَيَاةِ، وَخَيْرَ المَمَاتِ، وَثَبِّتْنِي وَثَقِّلْ مَوَازِينِي، وَحَقِّقْ إِيمَانِي، وَارْفَعْ دَرَجَتِي، وَتَقَبَّلْ صَلاَتِي، وَاغْفِرْ خَطِيئَتِي، وَأَسْأَلُكَ العُلَا مِنَ الجَنَّةِ..
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالسَّلاَمَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَالغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالفَوْزَ بِالجَنَّةِ، وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ..
• اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ..
• اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلاَ دَيْنًا إِلَّا قَضَيْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ..
• رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا..

تنبيه هام: هذه الصيغة المجمعة هي مما يتداوله بعض الناس ويشتهر بين العوام، ولم تثبت بسند صحيح متصل عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذا الترتيب والتخصيص، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، مع جواز الدعاء بأي دعاء طيب لا يخالف الشرع.

فضل ختم القرآن الكريم

المداومة على تلاوة القرآن وختمه من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، خاصة في شهر رمضان، فالقرآن الكريم هو كلام الله الذي أنزله هداية ورحمة للعالمين، وتلاوته وتدبره ترفع الدرجات وتزيد الحسنات، وقد دلت السنة النبوية على الفضل العظيم الذي يناله القارئ.

وقد أوضحت المؤسسات الدينية الموثوقة، كدار الإفتاء، أن ختم القرآن في رمضان من المستحبات المؤكدة، فكلما أكثر المسلم من التلاوة، عظم أجره، ويشهد لذلك الحديث القدسي الذي يبين منزلة العبد المتقرب إلى الله بالنوافل:

• عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه عز وجل:
  

  “وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ…”

  (رواه البخاري، حديث صحيح).

أفضل الأوقات لتلاوة القرآن الكريم في رمضان

تلاوة القرآن مستحبة في كل وقت، إلا أن أوقات الليل وساعات السحر لها فضل خاص، حيث يكون القلب أكثر حضورًا وخشوعًا، وقد أشار العلماء إلى أن جوف الليل من أفضل الأوقات للتدبر والتلاوة، لصفاء الذهن والبعد عن مشاغل الدنيا، استدلالاً بقوله تعالى:

• “إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا”

  (سورة المزمل، الآية 6).

وتشير الآية إلى أن عبادة الليل، ومنها قراءة القرآن، أشد تأثيرًا في القلب وأكثر استقامة في القول والفهم، لذا، كان دأب السلف الصالح الحرص على قيام الليل وتلاوة القرآن فيه، لما في ذلك من فرصة عظيمة للتأمل والاتصال الخاشع بالله عز وجل.

آداب الدعاء وأسباب القبول

لكي يكون الدعاء أرجى للقبول، يُستحب للمسلم الالتزام بآداب الدعاء التي أرشدنا إليها الشرع الحنيف، ومن أهمها:

• الإخلاص لله تعالى: أن يكون الدعاء خالصًا لوجه الله، لا رياء فيه ولا سمعة.
• الطهارة واستقبال القبلة: يُستحب أن يكون الداعي على طهارة، مستقبلًا القبلة، ورافعًا يديه.
• البدء بحمد الله والثناء عليه: افتتاح الدعاء بحمد الله وشكره، والاعتراف بنعمه.
• الصلاة على النبي ﷺ: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أول الدعاء وأوسطه وآخره.
• الخشوع والتضرع: حضور القلب واستشعار عظمة الله تعالى، والدعاء بخشوع وإلحاح.
• اليقين بالإجابة: أن يدعو المسلم وهو موقن بأن الله سيستجيب له، مع حسن الظن بالله.
• الدعاء بجوامع الكلم: اختيار الأدعية الجامعة من القرآن والسنة، فهي أكمل وأفضل.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

هل ورد دعاء محدد لختم القرآن عن النبي ﷺ؟

لا، لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاء محدد بلفظه خصصه النبي صلى الله عليه وسلم لختم القرآن، والأمر في ذلك واسع، فيدعو المسلم بما يشاء من خير الدنيا والآخرة.

ما حكم الدعاء بالصيغة المنتشرة في آخر المصاحف؟

هذه الصيغة لم تثبت بسند صحيح عن النبي ﷺ، ولكنها تحتوي على أدعية طيبة المعاني، يجوز الدعاء بما فيها من عبارات لا تخالف الشرع، ولكن لا يُعتقد أنها سنة لازمة أو أن لها فضلًا خاصًا لكونها “دعاء ختم القرآن”.

متى يكون دعاء ختم القرآن؟ هل بعد قراءة آخر آية مباشرة؟

يمكن الدعاء بعد الانتهاء من قراءة سورة الناس مباشرة، وإن كان الختم في الصلاة، ففيه تفصيل عند أهل العلم بين الدعاء قبل الركوع أو بعده في الركعة الأخيرة.

هل من السنة جمع الأهل للدعاء عند ختم القرآن؟

نعم، ورد ذلك عن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث كان يجمع أهله ويدعو بهم عند ختمه للقرآن، وهذا يدل على استحباب هذا الفعل اقتداءً بالسلف الصالح، ورجاءً لبركة اجتماعهم على الدعاء.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر