تُعَدُّ تكبيرات عيد الفطر من أبرز الشعائر التي شرعها الله للمسلمين إظهارًا للفرح باكتمال نعمة صيام شهر رمضان، وشكرًا له على توفيقه لهذه العبادة العظيمة، وهي سُنّة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، تملأ الأجواء روحانية وبهجة، وتُعلن عن قدوم يوم الجائزة والمغفرة.
يبدأ وقت التكبير في عيد الفطر من غروب شمس ليلة العيد، ويستمر حتى خروج الإمام لأداء صلاة العيد، ويُشرع الجهر به للرجال في البيوت والأسواق والمساجد والطرقات، تعظيمًا لله وإحياءً للسنة.
الصيغة الصحيحة والمأثورة لتكبيرات العيد
وردت عن السلف الصالح، وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عدة صيغ صحيحة للتكبير، والأمر في ذلك واسع، ومن أصح ما ورد وأشهره ما يلي:
- الصيغة الأولى: “اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ”، وهي الصيغة المأثورة عن عدد من الصحابة كابن مسعود رضي الله عنه.
- الصيغة الثانية: “اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ”، وتكون بتثليث التكبير في أولها، وهو ما ورد عن صحابة آخرين كابن عباس رضي الله عنهما.
صيغ شائعة وزيادات مأثورة
انتشرت بين المسلمين صيغة مطولة للتكبيرات، وهي الصيغة التي استحسنها الإمام الشافعي رحمه الله وغيره من أهل العلم، وتتضمن زيادات في الذكر والثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ونصها:
- “اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ، اللهُ أكبرُ كبيرًا، والحمدُ للهِ كثيرًا، وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلاً، لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ، صدَقَ وعدَهُ، ونصَرَ عبدَهُ، وأعزَّ جندَهُ، وهزَمَ الأحزابَ وحدَهُ، لا إلهَ إلا اللهُ، ولا نعبدُ إلا إياهُ، مخلصينَ لهُ الدينَ ولو كرِهَ الكافرونَ، اللهمَّ صلِّ على سيدنا محمدٍ، وعلى آلِ سيدنا محمدٍ، وعلى أصحابِ سيدنا محمدٍ، وعلى أنصارِ سيدنا محمدٍ، وعلى أزواجِ سيدنا محمدٍ، وعلى ذريةِ سيدنا محمدٍ، وسلمْ تسليمًا كثيرًا”..
تنبيه هام: هذه الصيغة بزياداتها هي مما استحسنه بعض العلماء كالإمام الشافعي، وهي في ذاتها ذكر وثناء مشروع، لكن الصيغة التي ثبتت عن الصحابة هي الصيغة الأقصر المذكورة أولاً، والأصل في العبادات هو الاتباع، فالاقتصار على المأثور عن الصحابة هو الأفضل والأكمل، والزيادة بهذه الأذكار الطيبة جائزة على ألا يُعتقد أنها جزء لا يتجزأ من السنة الواردة في التكبير نفسه.
حكم التكبير في عيد الفطر ووقته
التكبير في عيد الفطر سُنّة مؤكدة، وهو مشروع بنص القرآن الكريم في قوله تعالى:
“وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” [البقرة: 185]
وقد اختلف الفقهاء في تفاصيل وقته على النحو التالي:
- بداية وقت التكبير: يبدأ وقت التكبير عند جمهور الفقهاء من غروب شمس آخر يوم من رمضان (ليلة العيد).
- نهاية وقت التكبير: ينتهي وقت التكبير عند جمهور الفقهاء بخروج الإمام إلى مصلى العيد لأداء الصلاة.
أنواع التكبير: المطلق والمقيد
ينقسم التكبير في الأعياد إلى نوعين رئيسيين، من المهم التفريق بينهما لوجود اختلاف في أحكامهما بين عيدي الفطر والأضحى.
التكبير المطلق
هو التكبير الذي لا يتقيد بوقت معين أو مكان محدد، فيُشرع للمسلم أن يكبر في كل وقت وحين خلال الفترة المحددة شرعاً، وهذا هو النوع المشروع في عيد الفطر، حيث يُسن للمسلم أن يكبر في بيته، وفي السوق، وفي طريقه إلى مصلى العيد، ويرفع صوته به إظهاراً للشعيرة.
التكبير المقيد
هو التكبير الذي يكون مقيداً بأدبار الصلوات المكتوبة، وهذا النوع يختص بـعيد الأضحى المبارك عند جمهور الفقهاء، حيث يبدأ من فجر يوم عرفة وينتهي بآخر أيام التشريق (عصر اليوم الثالث عشر من ذي الحجة)، أما في عيد الفطر، فالمشروع هو التكبير المطلق فقط دون التقييد بأدبار الصلوات.
اختلاف الفقهاء في كيفية التكبير في صلاة العيد
اتفق الأئمة الأربعة على مشروعية التكبيرات الزوائد في صلاة العيد، ولكنهم اختلفوا في عددها وكيفيتها، وهذا من سعة الشريعة الإسلامية:
- الحنفية: يرون أن التكبيرات ثلاث في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح، وثلاث في الركعة الثانية قبل الركوع.
- المالكية والحنابلة: ذهبوا إلى أنها سبع تكبيرات في الركعة الأولى مع تكبيرة الإحرام، وست تكبيرات في الركعة الثانية مع تكبيرة القيام.
- الشافعية: يرون أنها سبع تكبيرات في الركعة الأولى غير تكبيرة الإحرام، وخمس تكبيرات في الركعة الثانية غير تكبيرة القيام.
والأمر في هذا واسع، وبأي كيفية صلى المسلم فصلاته صحيحة بإذن الله.
أبرز سنن وآداب يوم عيد الفطر
يُستحب للمسلم أن يلتزم ببعض السنن والآداب في يوم العيد اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومنها:
- الاغتسال والتطيب: الاغتسال ولبس أحسن الثياب واستخدام الطيب للرجال قبل الخروج إلى الصلاة.
- الأكل قبل الخروج: من السنة أن يأكل المسلم تمرات وتراً (واحدة أو ثلاث أو خمس) قبل الخروج لصلاة عيد الفطر، تحقيقاً لمخالفة يوم الصيام.
- الذهاب إلى المصلى من طريق والعودة من آخر: يُسن تغيير الطريق عند الذهاب والعودة من صلاة العيد.
- اصطحاب الأهل والأطفال: يُستحب خروج جميع أفراد الأسرة، حتى النساء والأطفال، لمشاهدة الخير ودعوة المسلمين.
- التهنئة بالعيد: التهنئة بقول “تقبل الله منا ومنكم” أو غيرها من عبارات التهنئة المباحة التي تنشر المودة بين المسلمين.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 185.
- مصنف ابن أبي شيبة، باب التكبير أيام العيد وكيف هو، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية للتحقق من أسانيد الآثار).
- المغني لابن قدامة، كتاب العيدين.
- مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين، كتاب صلاة العيدين.
أسئلة شائعة حول تكبيرات العيد
ما هي الصيغة الصحيحة لتكبيرات عيد الفطر؟
أصح ما ورد عن الصحابة هو قول: “اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ”، ويجوز تثليث التكبير في أوله.
متى يبدأ وقت التكبير ومتى ينتهي؟
يبدأ وقت التكبير لعيد الفطر من غروب شمس ليلة العيد (آخر يوم في رمضان) وينتهي بخروج الإمام لأداء صلاة العيد.
ما حكم الزيادة على صيغة التكبير المأثورة؟
الزيادة بالصيغة المطولة التي استحسنها الإمام الشافعي وغيره جائزة، لأنها ذكر وثناء مشروع، لكن الأفضل والأكمل هو الاقتصار على الصيغة المأثورة عن الصحابة.
هل التكبير في عيد الفطر مطلق أم مقيد؟
التكبير في عيد الفطر هو تكبير “مطلق” فقط، أي أنه غير مقيد بأدبار الصلوات، بل يُقال في كل وقت وحال من بداية وقته إلى نهايته، أما التكبير “المقيد” بعد الصلوات فهو خاص بعيد الأضحى.

