اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صَالِحَ أَعْمَالِنَا فِي هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ الَّذِي وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِكَ العَزِيزِ

“شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ” [البقرة: 185]

، وَقَدِ انْتَهَتْ أَيَّامُهُ وَنَحْنُ نُوَدِّعُهُ بِمَشَاعِرٍ مُخْتَلِطَةٍ؛ نَسْأَلُكَ يَا رَبَّنَا أَنْ تَغْفِرَ لَنَا مَا تَبَقَّى مِنْ ذُنُوبِنَا، وَأَنْ تُبَدِّلَ سَيِّئَاتِنَا حَسَنَاتٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ خَاتِمَتَهُ رِضْوَانًا مِنْكَ وَعِتْقًا مِنَ النِّيرَانِ.

الأدعية والأعمال المشروعة في ختام رمضان واستقبال العيد

مع نهاية شهر رمضان المبارك، يُستحب للمسلم أن يكثر من الدعاء والذكر، وأن يلتزم بما ورد في السنة النبوية الشريفة من أعمال، وفيما يلي أبرز ما يُشرع في هذه الأوقات المباركة:

• الإكثار من التكبير: يبدأ وقت التكبير من غروب شمس آخر يوم من رمضان (ليلة العيد) ويستمر حتى صلاة العيد، وصيغته المشروعة: “اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الحَمْدُ”، وهو من أعظم الأعمال التي يُحيي بها المسلم هذه الليلة.
• دعاء رؤية هلال شوال: عند ثبوت رؤية هلال شهر شوال، يُسن للمسلم أن يدعو بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.

“اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ”

(رواه الترمذي، وقال: “حديث حسن”).

• الدعاء بجوامع الكلم: لم يثبت دعاء محدد ومخصص لوداع شهر رمضان عن النبي صلى الله عليه وسلم، لذا يكون الدعاء عامًا بما يفتح الله به على عبده من خيري الدنيا والآخرة، ومن أفضل الأدعية ما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، ومنها:.

“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201]

“رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” [البقرة: 127]

“اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”

(رواه الترمذي، حديث صحيح)، وهو دعاء يُستحب الإكثار منه في العشر الأواخر وليلة القدر، ويحسن الدعاء به في ختام الشهر أيضًا.

أمثلة على الأدعية العامة المنتشرة لوداع رمضان

يتداول الناس بعض الصيغ الإنشائية للدعاء في ختام شهر رمضان تعبيرًا عن مشاعرهم ورجائهم، هذه الصيغ، وإن كانت بليغة، إلا أنه من المهم معرفة حكمها الشرعي، ومن أمثلتها:

• اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمِيعَ الدَّعَوَاتِ الَّتِي رَفَعْنَاهَا فِي هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ مُسْتَجَابَةً، وَلَا تَجْعَلْ لَنَا حَاجَةً دُونَ قَضَاءٍ، نَسْأَلُكَ يَا غَنِيُّ يَا رَزَّاقُ أَنْ تَرْزُقَنَا رِزْقًا يَأْتِي مِنْ حَيْثُ لَا نَدْرِي وَلَا نَحْتَسِبُ، وَأَنْ تَفْتَحَ لَنَا أَبْوَابَ جَنَّتِكَ.
• يَا رَبَّنَا، قَدْ أَتْمَمْنَا شَهْرَ رَمَضَانَ وَنَحْنُ نَرْجُو قَبُولَكَ لِدَعَوَاتِنَا، يَا مَنْ لَا مَلْجَأَ لَنَا إِلَّا إِلَيْهِ، نَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الوَاسِعَةِ أَنْ تُبَلِّغَنَا الشَّهْرَ الكَرِيمَ مَرَّةً أُخْرَى وَأَنْتَ قَدْ مَنَنْتَ عَلَيْنَا بِالصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ.
• اللَّهُمَّ يَا رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، نَشْهَدُ بِعَظَمَتِكَ وَنَسْتَجِيرُ بِكَ لِتُحَقِّقَ لَنَا مَا فِي قُلُوبِنَا مِنْ خَيْرٍ، وَتَزْرَعَ الفَرَحَةَ فِيهَا بِاسْتِجَابَتِكَ لِأُمْنِيَاتِنَا، فَإِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

تنبيه هام وحكم تخصيص دعاء لختام رمضان

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة.

لا يوجد دعاء مُحدد وثابت في السنة النبوية لوداع شهر رمضان، والأولى للمسلم أن يدعو بما يشاء من الأدعية العامة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة، أو أن يلتزم بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة الصحيحة، فهي أعظم بركة وأرجى للقبول.

الأعمال المستحبة خلال العشر الأواخر وختام رمضان

يُعد الثلث الأخير من رمضان فرصة عظيمة للمسلمين للتقرب إلى الله تعالى، ويُستحب فيه الإكثار من الأعمال الصالحة، ومنها:

• الاجتهاد في العبادة: كان النبي صلى الله عليه وسلم “إِذَا دَخَلَ العَشْرُ، شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ” (متفق عليه).
• تحري ليلة القدر: وهي ليلة عظيمة، العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر، يُستحب إحياؤها بالصلاة والذكر والدعاء، خاصة دعاء “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
• الاعتكاف: وهو لزوم المسجد للتفرغ للعبادة، وهو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر.
• الإكثار من الصدقة: للصدقة في رمضان أجر مضاعف، وفي العشر الأواخر أعظم أجرًا، لما فيها من إعانة للمحتاجين وإدخال السرور عليهم قبل العيد.
• تلاوة القرآن بتدبر: رمضان هو شهر القرآن، وختامه فرصة لمراجعة ما تمت تلاوته وتدبر معانيه.
• إخراج زكاة الفطر: وهي واجبة على كل مسلم، وتُخرج قبل صلاة العيد لتكون طُهرة للصائم وطُعمة للمساكين.

شهر رمضان المبارك: شهر عظيم في حياة المسلمين

شَهرُ رَمضانَ المُبارك هو شهرٌ تَحظى أيامه ولياليه بمَكانةٍ خَاصة في الإسلام، فهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، فيه تُضاعفُ الأجور، وتُفتح أبْواب السّماء للدعاء، ما يجعلُه فُرصة استثنائية لكلّ مؤمنٍ يسعى للتقرّبِ من خالقه عزَّ وجلّ.

تكمن أهمية هذا الشهر في كونه محطة روحانية سنوية لتجديد الإيمان وتهذيب النفس، حيث يُقبل المسلمون على مختلف أنواع العبادات؛ من صيام وقيام وتلاوة للقرآن وصدقة وذكر، مما يضفي على حياتهم سكينة وطمأنينة لا مثيل لها.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

س1: هل يوجد دعاء خاص لوداع شهر رمضان؟

لا، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء محدد بصيغة معينة لوداع شهر رمضان، والأفضل هو الدعاء بالأدعية العامة من القرآن والسنة الصحيحة، وسؤال الله القبول والغفران والعتق من النار.

س2: ما هو أفضل عمل في ليلة عيد الفطر؟

من أفضل الأعمال في ليلة العيد هو إحياؤها بالتكبير والذكر والدعاء، عملاً بقوله تعالى: “وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ”، كما يجب إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد.

س3: ما حكم الأدعية المنتشرة لختام رمضان على وسائل التواصل الاجتماعي؟

الكثير من هذه الأدعية هي صيغ إنشائية من كلام الناس، وليست من السنة، لا حرج في الدعاء بها ما لم تتضمن معاني باطلة أو يُعتقد أنها سنة ثابتة، ولكن، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر