مع اقتراب فترة الاختبارات النهائية، يواجه الطلاب تحديات كبيرة ومشاعر متداخلة من التوتر والقلق، والتي قد تؤثر على استعدادهم للمذاكرة وقدرتهم على التركيز، وفي خضم هذه الأوقات الحاسمة، يمثل التضرع إلى الله تعالى بالدعاء سبيلًا للطمأنينة والثبات، وسببًا من أسباب التوفيق والنجاح، فالدعاء سلاح المؤمن، وهو عبادة عظيمة تجمع بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب.
في هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأدعية الصحيحة والمأثورة التي يمكن للطالب الاستعانة بها، مع توضيح للمصادر الشرعية، وبيان حكم بعض الصيغ المنتشرة، ليكون الدعاء مبنيًا على علم وبصيرة.
أدعية ثابتة من القرآن والسنة للتوفيق وطلب العلم
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تشمل خيري الدنيا والآخرة، ومن هذه الأدعية ما يناسب الطالب الذي يسعى للتوفيق في دراسته:
- دعاء لطلب تيسير الأمور وشرح الصدر: وهو دعاء نبي الله موسى عليه السلام، وهو من أنفع الأدعية لطلب التيسير في كل الأمور، ومنها الاختبارات.
“قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)”
(سورة طه، الآيات: 25-28).
- دعاء لطلب الزيادة في العلم: وهو أمر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهو من أجمع الأدعية في طلب العلم النافع.
“وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا”
(سورة طه، الآية: 114).
- دعاء لتسهيل الأمور الصعبة: من الأدعية النبوية العظيمة التي يُستعان بها على صعاب الأمور.
“اللَّهُمَّ لاَ سَهْلَ إِلاَّ مَا جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلاً”
(رواه ابن حبان في صحيحه، حديث صحيح).
- دعاء الكرب والهم: يُقال عند الشدائد، ومنها قلق الاختبارات وصعوبتها.
“لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”
(متفق عليه، رواه البخاري ومسلم).
- دعاء الدخول في أمر جديد بصدق ويقين: يناسب عند الدخول إلى قاعة الاختبار، لطلب التوفيق من الله.
“رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا”
(سورة الإسراء، الآية: 80).
صيغ وأدعية شائعة بين الطلاب للمذاكرة والاختبارات
تنتشر بين الطلاب بعض الصيغ والأدعية التي لم ترد في مصادر التشريع الأصلية، ورغم أن معانيها قد تكون صحيحة في مجملها، إلا أنه لا يجوز نسبتها إلى السنة النبوية أو اعتقاد فضل خاص بها، يمكن الدعاء بها على أنها دعاء عام من الشخص لنفسه دون تخصيص أو اعتقاد بسنيتها، ومن أمثلتها:
- “اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ فَهْمَ النَّبِيِّينَ وَحِفْظَ الْمُرْسَلِينَ وَالْمَلائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَلْسِنَتَنَا عَامِرَةً بِذِكْرِكَ، وَقُلُوبَنَا بِخَشْيَتِكَ، وَأَسْرَارَنَا بِطَاعَتِكَ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.”.
- “اللَّهُمَّ يَا مُعَلِّمَ مُوسَى عَلِّمْنِي، وَيَا مُفَهِّمَ سُلَيْمَانَ فَهِّمْنِي، وَيَا مُؤْتِيَ لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ آتِنِي الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ.”.
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ مَا قَرَأْتُ وَمَا حَفِظْتُ وَمَا تَعَلَّمْتُ، فَرُدَّهُ إِلَيَّ عِنْدَ حَاجَتِي إِلَيْهِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.”.
- “اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَأَلْهِمْنِي تَذَكُّرَ مَا دَرَسْتُ وَعَلَّمْتَنِي، وَوَفِّقْنِي إِلَى الْإِجَابَةِ الصَّحِيحَةِ بِكَرَمِكَ وَلُطْفِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.”.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، وفيها الخير والبركة.
ما حكم تخصيص أدعية معينة للاختبارات؟
يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من الأدعية الطيبة التي لا تحتوي على إثم أو قطيعة رحم، ومن ذلك الدعاء لنفسه بالتوفيق والنجاح في الاختبارات، لكن لا يجوز تخصيص صيغة معينة لم ترد في الشرع واعتقاد أن لها فضلاً خاصاً أو أنها سنة متبعة، لأن ذلك يدخل في باب الابتداع، الأفضل والأكمل هو استخدام الأدعية المأثورة من القرآن والسنة لأنها أجمع للخير وأعظم في البركة، أو الدعاء بأسلوب عام من القلب دون التزام بصيغة محددة لم تثبت.
خطوات عملية للتغلب على توتر الاختبارات
إلى جانب الدعاء والتوكل على الله، لا بد من الأخذ بالأسباب العملية التي تساعد على تحقيق النجاح، فترة الاختبارات غالبًا ما ترتبط بالتوتر، وهذه بعض الاستراتيجيات التي تساعد على تخفيفه:
- التفكير الإيجابي: انظر إلى فترة الامتحانات كفرصة لإظهار ما تعلمته وقياس مدى فهمك للمواد، وليس كمصدر للتهديد، الثقة بالله ثم بالنفس بعد الأخذ بالأسباب هي مفتاح الطمأنينة.
- تجنب النقاشات المحبطة: ابتعد عن النقاشات التي تزيد من القلق قبل الاختبار، مثل مقارنة مدى استعدادك بالآخرين، وركز على ما قمت به من جهد.
- الهدوء قبل دخول القاعة: تجنب المراجعة السريعة والمُربكة أمام باب قاعة الامتحان مباشرة، استغل هذا الوقت في ذكر الله وطلب العون منه للحفاظ على صفاء ذهنك.
- التركيز على المنهج: عند المذاكرة، ركز على المحتوى الأساسي المطلوب في المنهج الدراسي وتجنب التشتت في معلومات خارجية غير ضرورية قد تهدر وقتك وجهدك.
إرشادات للاستذكار بفعالية
لتحقيق أفضل النتائج، إليك بعض النصائح التي تعينك على تنظيم وقت المذاكرة والاستعداد للاختبارات بشكل مُثمر:
- التخطيط والتنظيم: حدد النقاط الأساسية في كل مادة، وقسّم وقتك بناءً على صعوبتها وأهميتها، المذاكرة المنتظمة تمنع تراكم الدروس وتقلل من الشعور بالضغط.
- بيئة المذاكرة المناسبة: اختر مكانًا هادئًا ومريحًا وذا إضاءة جيدة، بعيدًا عن مصادر الإزعاج والتشتيت، فهذا يساعد بشكل مباشر على زيادة التركيز.
- الاهتمام بالصحة الجسدية: تجنب المذاكرة وأنت تشعر بالجوع الشديد أو الإرهاق، احرص على أخذ قسط كافٍ من النوم وتناول وجبات صحية ومتوازنة، فالجسد السليم يعين العقل على الأداء الأفضل.
نصائح شاملة للطلاب يوم الاختبار
ليلة الامتحان ويومه هي أوقات حاسمة تتطلب تركيزًا وهدوءًا:
- الراحة الكافية: تجنب السهر ليلة الامتحان، واحرص على النوم مبكرًا، النوم الجيد يعزز الذاكرة والتركيز.
- قراءة الأسئلة بعناية: قبل البدء بالإجابة، اقرأ جميع الأسئلة بتركيز لفهم المطلوب بدقة، وخطط لكيفية توزيع وقتك.
- المراجعة النهائية: بعد الانتهاء من الإجابة، خصص وقتًا لمراجعة إجاباتك والتأكد من عدم وجود أخطاء، حافظ على نظافة وترتيب ورقة الإجابة.
- التركيز على الاختبار الحالي: بعد الانتهاء من اختبار مادة معينة، تجنب الانشغال بمراجعة إجاباتك ومناقشتها بشكل مفرط، ركز طاقتك وجهدك على الاستعداد للمادة التالية.
نسأل الله التوفيق والسداد لجميع الطلاب والطالبات في اختباراتهم، وندعوكم لمشاركة الأدعية المأثورة التي تعرفونها في التعليقات لتعم الفائدة.
المصادر والمراجع
- سورة طه، الآيات 25-28.
- سورة طه، الآية 114.
- سورة الإسراء، الآية 80.
- صحيح ابن حبان، حديث رقم 974، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6347، وصحيح مسلم، حديث رقم 2730، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء يقال للاختبارات؟
أفضل الأدعية هي تلك الواردة في القرآن والسنة، مثل “رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري”، و”اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً”، لأنها أدعية جامعة ومباركة، كما يمكن للمرء أن يدعو بما يفتح الله عليه من خير.
هل دعاء “اللهم إني أسألك فهم النبيين” صحيح وثابت؟
هذا الدعاء مشهور ومنتشر، ولكن لم يثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، يمكن الدعاء به كدعاء عام بمعناه الطيب، ولكن لا يجوز اعتقاد أنه من السنة أو أن له فضلاً خاصاً.
ماذا أفعل إذا نسيت الإجابة أثناء الاختبار؟
استعن بالله، وحافظ على هدوئك، وقل “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً”، يمكنك أيضًا أن تنتقل إلى سؤال آخر ثم تعود إليه لاحقًا، فالهدوء وذكر الله يساعدان على استرجاع المعلومات بإذن الله.

