تُعد ظواهر البرق والرعد والمطر من الآيات الكونية الدالة على عظمة الله تعالى وقدرته، وهي تُذكِّر الإنسان بقدرة خالقه وتدعوه إلى اللجوء إليه بالدعاء والذكر، وقد أرشدنا الإسلام إلى كيفية التعامل مع هذه الظواهر، وبيّن لنا أدعية وأذكاراً تُقال في هذه الأوقات المباركة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الآية العظيمة في قوله تعالى:
“وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ” [سورة الروم: 24].
الأدعية الصحيحة الثابتة عند البرق والرعد والمطر
الأصل في العبادات، ومنها الدعاء، هو الاتباع والالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وفيما يلي مجموعة من الأدعية المأثورة التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه رضوان الله عليهم عند هذه الظواهر الكونية.
1، الدعاء عند سماع الرعد
ثبت عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال:
“سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ”.
ثم يقول: “إن هذا لوعيد لأهل الأرض شديد”، (رواه الإمام مالك في الموطأ وصححه الألباني، وهو أثر صحيح موقوف على الصحابي).
2، الدعاء عند نزول المطر
عندما يبدأ المطر بالنزول، يُسن للمسلم أن يدعو بالدعاء الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قالت السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال:
“اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا”.
(رواه البخاري، حديث صحيح).
- شرح الدعاء: “الصيِّب” هو المطر المنهمر، و”نافعًا” أي يجعله الله مطر خير وبركة لا مطر أذى أو دمار.
3، الدعاء إذا اشتد المطر وخِيْفَ منه الضرر
إذا زاد المطر عن حده وأصبح يُخشى منه الضرر، فإن السنة هي الدعاء بأن يصرفه الله عن البيوت والمنازل إلى الأماكن التي تحتاج إليه مثل الأودية ومنابت الشجر، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ”.
(متفق عليه، حديث صحيح).
4، الذكر بعد نزول المطر
بعد أن يتوقف المطر، من السنة أن ينسب المسلم هذه النعمة إلى الله تعالى وحده، شكرًا له على فضله ورحمته، فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“…فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ…”.
(متفق عليه، حديث صحيح).
أدعية عامة وصيغ منتشرة
يتداول الناس بعض الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها في كل وقت، بما في ذلك عند نزول المطر، لما يُرجى في هذا الوقت من إجابة الدعاء، ومن أمثلة هذه الأدعية:
- “اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ، وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ”، (رواه أبو داود، حديث حسن).
- “اللهم إنا نستغفرك من كل ذنب يحجب عنا رحمتك، اللهم أنزل علينا من بركات السماء، واغسل قلوبنا برحمتك يا أرحم الراحمين”.
- “اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أُرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أُرسلت به”، (هذا الدعاء يصح عند هبوب الريح كما ورد في صحيح مسلم، ويمكن الدعاء بمعناه العام للخير).
تنبيه هام: بعض الصيغ المنتشرة هي مما يتداوله الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، مع جواز الدعاء بأدعية عامة لا تخالف الشرع.
الحكم الشرعي: هل هناك دعاء خاص برؤية البرق؟
لم يثبت في السنة النبوية المطهرة دعاءٌ مخصصٌ يُقال عند رؤية البرق على وجه الخصوص، أما الدعاء الوارد فهو عند سماع الرعد، وهو الأثر المذكور سابقاً عن الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وعليه، يكتفي المسلم بذكر الله عموماً أو بالدعاء المأثور عند سماع الرعد.
فضل الدعاء عند نزول المطر
يُعد وقت نزول المطر من الأوقات التي يُرجى فيها إجابة الدعاء، فهو وقت تنزل فيه رحمة الله تعالى، وقد ورد في حديث عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“ثِنْتَانِ مَا تُرَدَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَتَحْتَ الْمَطَرِ”.
(رواه الحاكم وحسنه الألباني).
لذا، ينبغي للمسلم أن يغتنم هذه الفرصة المباركة ليدعو الله تعالى لنفسه وأهله والمسلمين بخيري الدنيا والآخرة، وأن يسأل الله من فضله العظيم.
أدعية قرآنية جامعة يمكن الدعاء بها
يمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية القرآنية الجامعة التي تحمل خيري الدنيا والآخرة، ومنها:
-
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201].
.
-
“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ” [آل عمران: 8].
.
-
“رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ” [نوح: 28].
.
المصادر والمراجع
- سورة الروم، الآية 24.
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة آل عمران، الآية 8.
- سورة نوح، الآية 28.
- صحيح البخاري، حديث رقم 1032، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 899، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- الموطأ للإمام مالك، حديث رقم 3641، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 2489، وحسنه الألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- المستدرك على الصحيحين للحاكم، وصححه الألباني في صحيح الجامع، حديث رقم 3078، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو الدعاء الصحيح عند سماع الرعد؟
الدعاء الصحيح الثابت هو ما ورد عن الصحابي عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أنه كان يقول: “سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ”.
هل الدعاء مستجاب وقت نزول المطر؟
نعم، يُعد وقت نزول المطر من أوقات إجابة الدعاء التي يُستحب للمسلم اغتنامها، كما ورد في الحديث الذي حسنه الألباني: “ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر”.
ماذا أقول إذا كان المطر شديداً وأخشى منه الضرر؟
يُسن الدعاء بالصيغة النبوية: “اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ”، ومعناه طلب من الله أن ينزل المطر في أماكن النفع لا أماكن الضرر.
هل يوجد دعاء خاص برؤية البرق فقط؟
لا، لم يثبت في السنة النبوية دعاء مخصص يُقال عند رؤية البرق، الذكر الوارد هو عند سماع صوت الرعد.


