يواجه الإنسان في رحلة حياته تحديات وضغوطات قد تُثقل كاهله وتشتت ذهنه، مما يدفعه إلى القلق والتفكير المفرط في المستقبل، وفي هذه اللحظات، يظل اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع من أعظم أسباب الطمأنينة وسكينة القلب، إن التوجه إلى الخالق بكلمات صادقة يقيناً به هو السبيل لتهدئة النفس وجلب الراحة.
دعاء نبوي صحيح لذهاب الهم والحزن وراحة البال
من أصح الأدعية وأجمعها التي وردت في السنة النبوية الشريفة للتخلص من الهموم والقلق، هو الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر منه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.
المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6369،
هذا الدعاء المبارك جامع لثمانية أمور هي منبع الكدر في حياة الإنسان، حيث يستعيذ فيه المسلم بالله من:
- الهم والحزن: وهما قلق القلب على ما هو آتٍ (الهم)، وعلى ما قد فات (الحزن).
- العجز والكسل: وهما عدم القدرة على فعل الخير (العجز)، وعدم الرغبة فيه مع القدرة عليه (الكسل).
- الجبن والبخل: وهما صفتان تتعلقان بالنفس والمال، فالجبن هو ضعف القلب، والبخل هو منع ما يجب بذله.
- ضلع الدين وغلبة الرجال: أي ثقل الدين الذي لا يجد له وفاءً، وتسلط الناس وقهره.

أدعية عامة وصيغ مأثورة لطلب السكينة
إلى جانب الأدعية النبوية الثابتة، يتداول الناس بعض الصيغ العامة التي تحمل معاني طيبة في طلب الطمأنينة وتفريج الكروب، يمكن للمسلم أن يدعو بها أو بما يفتح الله عليه من الدعاء الذي لا يخالف الشرع، ومن أمثلة ذلك:
- اللَّهُمَّ ارزقنا سكينةً تُطمئن بها قلوبنا، وأصلح لنا أحوالنا، اللَّهُمَّ برحمتك وعظيم قدرتك فرّج عنا همومنا، وأزل ما أهمّنا، اللَّهُمَّ اجمع شتات نفوسنا، واهدِ قلوبنا، وابعد عنّا ما يُكدّر صفونا.
- اللَّهُمَّ ازرع في أرواحنا الطمأنينة، واملأ صدورنا براحةٍ لا تزول، اللَّهُمَّ اصرف عنّا الهموم وابعِد عنّا كل سوء، واكتب لنا الخير والتوفيق في كافة أمورنا.
- اللَّهُمَّ يا وليّ نعمتي وملاذي عند كربتي، اجعل ما أخافه وأحذره بردًا وسلامًا عليّ كما جعلت النار بردًا وسلامًا على إبراهيم.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة، وفيها الخير كله، ويجوز الدعاء بغيرها ما لم تتضمن محذورًا شرعيًا.
طرق فعّالة للتغلب على كثرة التفكير
عندما تتراكم الأفكار في ذهنك وتشعر بأن عقلك لا يتوقف عن العمل، فمن الضروري البحث عن وسائل تساعدك على استعادة هدوئك والتحكم في أفكارك بطريقة أكثر فاعلية، وفيما يلي بعض الأساليب التي قد تكون مفيدة:
- الاستماع إلى القرآن الكريم: عند الشعور بتزايد الأفكار، فإن الاستماع إلى تلاوة خاشعة للقرآن الكريم يساعد على تصفية الذهن وتهدئة النفس، قال تعالى:
“أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”
[الرعد: 28].
- المطالعة والقراءة: القراءة من الوسائل الفعّالة التي تمنح عقلك محتوى قيّمًا يُبقيه مشغولًا بأمور مفيدة بدلًا من الانشغال بالتفكير المُفرط.
- التركيز على الجوانب الإيجابية: عندما تمنح اهتمامك للأمور التي تضيف لك قيمة حقيقية وتُبقي ذهنك منشغلًا بأنشطة مفيدة، ستلاحظ تدريجيًا تراجع التفكير الزائد.
- تمارين التنفس العميق: عند الإحساس بأن الأفكار بدأت تُثقل عقلك، ابحث عن مكان هادئ ومارس تمارين التنفس العميق، فهذا التمرين يُساعد على تهدئة الجهاز العصبي ويقلل من حدة التوتر.
- الاستحمام بالماء الدافئ: يُساهم غمر الجسد بالماء الدافئ في تحقيق الاسترخاء العقلي والجسدي، وهو وسيلة فعالة لتهدئة الذهن والتخلص من التوتر.
- الحد من استهلاك الكافيين: قد يتسبب الإفراط في تناول الكافيين في زيادة القلق واضطرابات النوم، مما يعزز التفكير الزائد؛ لذا يُنصح بالتقليل منه.

أدعية قبل النوم لتصفية الذهن
من السنة النبوية الشريفة الالتزام بأذكار النوم، فهي حصن للمسلم وتساعد على تهدئة النفس قبل الخلود إلى الراحة، بالإضافة إلى أذكار النوم المعروفة، يمكن للمسلم أن يناجي ربه بهذه الأدعية العامة التي تساعد على تصفية الذهن:
- اللَّهُمَّ أنِر بصيرتي، وألهمني رشدي، واهدني إلى ما فيه صلاح أمري، وأبعد عني كل ما يشغل ذهني ويُثقل روحي.
- اللَّهُمَّ يا من قلت وقولك الحق
“وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا”
[الفرقان: 47]، أسألك نومًا هانئًا، وراحة من كل فكر يؤرقني.
- اللَّهُمَّ ثبّت قلبي على الإيمان، وجنّبني الحيرة والتردد، واجعل عقلي متزنًا وفكري راجحًا، وأبعدني عن كل ما يرهق نفسي.

إن كثرة التفكير قد تؤدي إلى الشعور بالتوتر والقلق، خاصة في الساعات التي تسبق النوم، لذا، فإن المحافظة على الأذكار والأدعية الواردة في السنة النبوية يساهم بشكل كبير في تهدئة العقل وتخفيف حدة التفكير، مما يساعد على نوم عميق ومريح.

المصادر والمراجع
- صحيح البخاري، حديث رقم 6369، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سورة الرعد، الآية 28.
- سورة الفرقان، الآية 47.
الأسئلة الشائعة
ما هو أصح دعاء لراحة البال والتخلص من القلق؟
أصح دعاء ورد في السنة النبوية هو:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”
(رواه البخاري)، وهو دعاء جامع لكل ما قد يكدر صفو الإنسان.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لطلب الطمأنينة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة كانت، بشرط ألا يكون في دعائه إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء، ولكن، لا شك أن الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.
ما هو أفضل وقت للدعاء؟
الدعاء مشروع في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة.