دعاء الثلث الأخير من الليل (أفضل 5 أدعية في الثلث الأخير)

يُعَدُّ الثلث الأخير من الليل من أفضل الأوقات التي يتقرب فيها العبد إلى ربه، فهو وقت مبارك تتنزل فيه الرحمات وتُستجاب فيه الدعوات، وقد حثَّ عليه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لما فيه من فرصة عظيمة لمناجاة الله تعالى بصدق وإخلاص، وطلب المغفرة، ورفع الحاجات، في وقت يغفل فيه كثير من الناس.

وقد ورد في فضل هذا الوقت ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ”.

(متفق عليه: رواه البخاري ومسلم).

وهذا دليل واضح على عظيم فضل الدعاء والعبادة في هذا الوقت، حيث يفتح الله أبواب كرمه وفضله لعباده السائلين والمستغفرين.

أدعية الثلث الأخير من الليل مكتوبة وموثقة

أدعية ثابتة من السنة النبوية لصلاة قيام الليل

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو جوامع الكلم وأفضل ما يُتقرب به إلى الله، ومن الأدعية الصحيحة الثابتة التي كان يدعو بها النبي في صلاة التهجد وقيام الليل:

1، دعاء الاستفتاح في صلاة التهجد

ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يتهجد قال:

“اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”.

(متفق عليه: رواه البخاري ومسلم).

2، دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:

“اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”.

(متفق عليه: رواه البخاري ومسلم)، وهو دعاء قرآني أيضاً ورد في سورة البقرة.

3، دعاء الاستعاذة من أمور أربعة

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو فيقول:

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دُعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا”.

(رواه مسلم).

4، دعاء قضاء الدين وتفريج الهم

من الأدعية النبوية المأثورة التي تُقال لتفريج الكروب وقضاء الديون، وإن لم يثبت تخصيصها بوقت قيام الليل إلا أنها من الأدعية الجامعة التي يُحسن الدعاء بها في كل وقت:

“اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”.

(رواه الترمذي، حديث حسن).

صيغ وأمثلة على الأدعية العامة الشائعة

إلى جانب الأدعية الثابتة في السنة، يتداول الناس صيغاً أخرى للدعاء تجمع معاني الخير والرجاء، يمكن للمسلم أن يدعو بها وبغيرها ما لم تتضمن محذوراً شرعياً، مع اليقين بأن الأدعية النبوية هي الأفضل والأكمل، ومن أمثلة هذه الأدعية العامة:

  • اللَّهُمَّ يَا مَنْ بِيَدِهِ مُقَدَّرَاتُ الأُمُورِ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، (هذا الدعاء مأخوذ من حديث صحيح رواه أحمد، ويُعد من أعظم أدعية تفريج الهم).
  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَرَجًا قَرِيبًا، وَصَبْرًا جَمِيلاً، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَالعَافِيَةَ مِنَ البَلَايَا، وَأَسْأَلُكَ تَمَامَ العَافِيَةِ، وَدَوَامَ العَافِيَةِ، وَالشُّكْرَ عَلَى العَافِيَةِ، وَالغِنَى عَنِ النَّاسِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.
  • اللَّهُمَّ إِنَّكَ حَسْبِي وَوَكِيلِي، وَقُوَّتِي وَجَابِرُ كَسْرِي، أَنْتَ مَنْ يُطَيِّبُ جُرْحِي، لَا تَجْعَلْ حَاجَتِي بِيَدِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَاكْفِنِي بِكَ يَا وَاسِعَ العَطَاءِ، نَدْعُوكَ أَنْ تُطَهِّرَنَا مِنْ جَمِيعِ السَّيِّئَاتِ.
  • اللَّهُمَّ يَا مُجِيبَ الدُّعَاءِ وَيَا قَاضِيَ الحَاجَاتِ، يَسِّرْ أُمُورِي وَاقْضِ حَاجَاتِي، وَارْزُقْنِي مِنْ خَيْرِكَ مَا يُدْهِشُنِي بِكَرَمِكَ، وَاحْمِنِي مِنْ شَرِّ مَا قَدْ يُبْتَلَى بِهِ الإِنْسَانُ فِي حَيَاتِهِ.

تنبيه هام: هذه الصيغ الأخيرة هي مما يتداوله بعض الناس، وبعضها مأثور عن السلف، لكنها لم تثبت كدعاء محدد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنفس النص، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لخيري الدنيا والآخرة.

الدعاء المستجاب في الثلث الأخير من الليل من القرآن والسنة

آيات وأحاديث في فضل قيام الليل

أثنى الله تعالى في كتابه الكريم على عباده القائمين في الليل، وجعل لهم منزلة رفيعة وأجراً عظيماً.

من القرآن الكريم:

  • قال تعالى:

    “أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ”

    [الزمر: 9].

  • وقال سبحانه:

    “وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا”

    [الإسراء: 79].

  • وقال عز وجل:

    “تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ”

    [السجدة: 16].

من السنة النبوية:

  • عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الدعاء أسمع؟ قال:

    “جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ”.

    (رواه الترمذي، حديث حسن).

  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

    “أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ”.

    (رواه مسلم).

إن قيام الثلث الأخير من الليل فرصة ثمينة ومنحة ربانية، ينبغي للمسلم أن يحرص عليها ليناجي ربه، ويطلب منه العفو والمغفرة، ويسأله من خيري الدنيا والآخرة، بيقين تام بأن الله قريب مجيب الدعاء.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

س1: ما هو أفضل وقت للدعاء في الثلث الأخير من الليل؟

ج: يبدأ الثلث الأخير من الليل بتقسيم الوقت من غروب الشمس إلى طلوع الفجر على ثلاثة أجزاء، ويكون الجزء الثالث هو المقصود، وأفضل أوقاته هو وقت السَّحَر، أي قبيل أذان الفجر، لأنه وقت نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا كما ثبت في الحديث الصحيح.

س2: هل يجب أن أكون مصليًا لأدعو في هذا الوقت؟

ج: الدعاء في هذا الوقت مستحب سواء كان في الصلاة (أثناء السجود أو بعد التشهد الأخير) أو خارجها، والأكمل هو الجمع بين صلاة التهجد والدعاء، ولكن من استيقظ ولم يصلِّ ودعا الله فقط، فيُرجى له الاستجابة أيضاً لعموم الحديث.

س3: هل الأدعية المنتشرة على الإنترنت لقضاء الحوائج في قيام الليل صحيحة؟

ج: الكثير من الأدعية المنتشرة هي صيغ عامة من إنشاء الناس، وقد تكون حسنة المعنى، لكن الأفضل والأعظم أجراً هو الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي جامعة للخير ومباركة، يجب الحذر من نسبة أي دعاء لم يثبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

س4: ما هو البديل الصحيح للأدعية غير الثابتة؟

ج: البديل الصحيح والأفضل هو استخدام الأدعية الواردة في القرآن والسنة، مثل دعاء الاستفتاح في التهجد المذكور أعلاه، ودعاء “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”، ودعاء تفريج الكرب، ويمكن للمسلم أيضاً أن يدعو بما في قلبه من حاجات بأسلوبه الخاص، ما دام المعنى صحيحاً ولا يخالف الشرع.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

4.5 2 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات