يُعدّ الثناء على الله عز وجل وتعظيمه بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا من أعظم القربات، وهو مفتاح الدعاء المستجاب، إنّ البدء بحمد الله والثناء عليه قبل طلب الحاجات هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الأنبياء، ودليل على كمال توحيد العبد ومعرفته بربه، فهو سبحانه المستحق للحمد والثناء، الخالق الرازق، مدبّر الأمر كله.
أدعية الثناء على الله الثابتة في القرآن والسنة
إن خير ما يثني به العبد على ربه هو ما أثنى به الله على نفسه في كتابه الكريم، أو ما أثنى به عليه نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته الصحيحة، وفيما يلي مجموعة من الأدعية الموثوقة والمأثورة:
- من القرآن الكريم: آيات كريمة تحمل في طياتها أعظم الثناء على الله، ومنها:
 “قُلِ اللَّـهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٦﴾ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” [آل عمران: 26-27]. “هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ ﴿٢٢﴾ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٢٣﴾ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” [الحشر: 22-24]. “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” [الشورى: 11]. . 
- من السنة النبوية الصحيحة: أدعية جامعة كان النبي صلى الله عليه وسلم يثني بها على ربه:
 “اللَّهُمَّ رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ، أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ، أنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ، أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، أنْتَ الحَقُّ، وقَوْلُكَ الحَقُّ، ووَعْدُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ الحَقُّ…” المصدر: متفق عليه (صحيح البخاري وصحيح مسلم)، وهو جزء من دعاء النبي في تهجده. 
- 
“اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شيءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ كُلِّ شيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فليسَ دُونَكَ شيءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ.” المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2713 (حديث صحيح). 
- 
“لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.” المصدر: متفق عليه (صحيح البخاري وصحيح مسلم)، وهو من أفضل الذكر، ويقال في مناسبات عديدة كأذكار الصباح والمساء وبعد الصلاة. 
صيغ وأدعية عامة في الثناء على الله
إلى جانب الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يثني على ربه بأي صيغة تحمل معانٍ صحيحة في تعظيم الله وتمجيده، ما لم تتضمن محظوراً شرعياً، وهذه بعض الأمثلة على صيغ عامة يمكن الدعاء بها:
- اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد.
- سبحانك يا ربنا ما أعظم شأنك، وما أوسع رحمتك، وما أقدر سلطانك، أنت أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد.
- يا ربنا لك الحمد على نعمة الإيمان والإسلام والقرآن، ولك الحمد على نعمك التي لا تعد ولا تحصى، حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه.
- اللهم يا فاطر السماوات والأرض، يا عالم الغيب والشهادة، يا ذا الجلال والإكرام، أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تتقبل منا صالح الأعمال.
- سبحانك لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، فلك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.
- يا حي يا قيوم، يا بديع السماوات والأرض، يا من أمره بين الكاف والنون، لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله.
أهمية وفضل دعاء الثناء على الله
إن تقديم الثناء على الله تعالى قبل الدعاء ليس مجرد تمهيد، بل هو عبادة جليلة في ذاتها، ولها فضل عظيم وأهمية بالغة، وتتجلى أهميتها في النقاط التالية:
- اتباع السنة وأدب الدعاء: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ دعاءه بالثناء على الله والصلاة عليه، وهو الأدب الأعلى مع الخالق سبحانه، مما يجعل الدعاء أقرب للقبول.
- الدعاء هو العبادة: الثناء جزء أصيل من الدعاء، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء هو العبادة نفسها، فقال:
 “الدُّعاءُ هو العبادةُ.” المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3372 (حديث حسن صحيح). 
- سبب لرضا الله وتجنب غضبه: الإقبال على الله بالدعاء والثناء هو علامة العبودية والافتقار إليه، وتركه قد يكون سبباً لغضب الله، كما جاء في الحديث:
 “مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ.” المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3373 (حديث حسن). 
- دليل على التوحيد ونبذ الكبر: الداعي الذي يثني على ربه يعترف بوحدانيته وقدرته وعظمته، ويتبرأ من حوله وقوته، وهذا ينافي الكبر الذي حذر الله منه المستكبرين عن عبادته ودعائه، فقال تعالى:
 “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ” [غافر: 60]. . 
- جلب الطمأنينة والسكينة: الانشغال بذكر الله والثناء عليه يملأ القلب طمأنينة وسكينة، ويُشعر العبد بقربه من خالقه ورعايته له، مما يخفف عنه هموم الدنيا وكروبها.
المصادر والمراجع
- سورة آل عمران، الآيات 26-27.
- سورة الحشر، الآيات 22-24.
- سورة الشورى، الآية 11.
- سورة غافر، الآية 60.
- صحيح البخاري، حديث رقم 1120، وصحيح مسلم، حديث رقم 769، (يمكن مراجعتهما على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2713، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3372، وحديث رقم 3373، (يمكن مراجعتهما على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول دعاء الثناء على الله
ما هي أفضل طريقة لبدء الدعاء؟
أفضل طريقة هي البدء بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سؤال الله من خيري الدنيا والآخرة، هذا هو الهدي النبوي الذي يجعل الدعاء أرجى للقبول.
هل يجب الثناء على الله قبل كل دعاء؟
يُستحب ذلك وهو من آداب الدعاء الكاملة، ولكنه ليس شرطاً واجباً لصحة الدعاء، فلو دعا المسلم ربه مباشرة بحاجته، فدعاؤه صحيح، ولكن البدء بالثناء والصلاة على النبي أكمل وأفضل وأقرب للإجابة.
ما هي أقصر صيغة للثناء على الله؟
من أقصر وأجمع الصيغ قول “الحمد لله” أو “سبحان الله وبحمده”، فهما كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن.
 
		
