إن عبارة “الْحَمْدُ لِلَّهِ” من أعظم الأذكار في الإسلام، فهي ليست مجرد كلمة تُقال، بل هي ركن أساسي في عقيدة المسلم ومنهج حياة يعكس الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره، إن حمد الله وشكره في السراء والضراء هو مفتاح زيادة النعم وبوابة الطمأنينة، وهو من أحب الكلام إلى الله تعالى، يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل شامل وموثوق حول فضل الحمد وصيغه الصحيحة الواردة في المصادر الشرعية، مع توضيح الفروق بين ما هو ثابت وما هو شائع بين الناس، لتعزيز صلة العبد بربه على بصيرة وعلم.
وتُستخدم عبارات الحمد لتزيين الأماكن وإضفاء لمسة إيمانية، مما يساهم في تذكير الناس بفضل الله وتحفيزهم على ذكره، وهي فكرة مباركة لنشر الخير وتعزيز الأجواء الروحانية.
- الحمدُ للهِ على النِّعماءِ والبلاءِ.
- الحمدُ للهِ في السرَّاءِ والضرَّاءِ.
- الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ.
فضل الحمد في القرآن الكريم والسنة النبوية
لقد ورد فضل الحمد وثوابه العظيم في العديد من نصوص القرآن والسنة، مما يدل على مكانته الرفيعة في العبادة، فالله سبحانه وتعالى افتتح كتابه العزيز بالحمد، وجعله خاتمة دعاء أهل الجنة.
أولاً: من القرآن الكريم
- افتتح الله تعالى كتابه بقوله:
“الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”
[سورة الفاتحة: 2].
- وعد الله الشاكرين بالمزيد من فضله:
“وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”
[سورة إبراهيم: 7].
- الحمد هو دعاء أهل الجنة:
“وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”
[سورة يونس: 10].
ثانياً: من السنة النبوية الشريفة
- الحمد يملأ الميزان بالأجر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلَأُ- مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ”
(رواه مسلم، حديث صحيح).
- ما كان يقوله النبي عند رؤية ما يسره أو ما يكرهه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب قال:
“الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ”
وإذا رأى ما يكره قال:
“الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ”
(رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).
صيغ الحمد الثابتة والمأثورة بالتشكيل
إن أفضل الحمد ما ورد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم في مختلف أحواله، وهذه بعض الصيغ الصحيحة التي يمكن للمسلم أن يلهج بها لسانه:
- دعاء الاستفتاح في الصلاة: “سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ”، (رواه أهل السنن، حديث صحيح).
- عند الرفع من الركوع: “رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ”، (رواه البخاري، حديث صحيح).
- بعد الأكل أو الشرب: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ”، (رواه أبو داود والترمذي، حديث حسن).
- عند الاستيقاظ من النوم: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”، (رواه البخاري، حديث صحيح).
أدعية عامة وصيغ شائعة في الحمد
بالإضافة إلى ما ورد في السنة، يتداول الناس صيغًا حسنة في معانيها للدعاء والثناء على الله، وهي جائزة ما لم تتضمن محظورًا شرعيًا، إليك بعض الأمثلة على هذه الأدعية العامة والصيغ المنتشرة، بما في ذلك بعض الكتابات المزخرفة التي تستخدم للزينة والتذكير:
- اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى، وَلَكَ الْحَمْدُ إِذَا رَضِيتَ، وَلَكَ الْحَمْدُ بَعْدَ الرِّضَا.
- الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ.
- اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَلَكَ الشُّكْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْكَ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ.
- الْحَمْدُ لِلَّهِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
- اَلْحَمْدُ لِلَّهِ.
- ٱڵـحمـﮂ ڵـڵـھ.
- آلُـِـِِـِِِـِِـِـحـًـًًـًًًـًًـًـمـْـْْـْڊ لُـِـِِـِِِـِِـِـلُـِـِِـِِِـِِـِـﮩ.
- آإلحـ♥̨̥̬̩مـ♥̨̥̬̩د للهـ♥̨̥̬̩.
- آلْـﺢـﻤﮈ لْـلْـھ.
تنبيه هام وحكم شرعي: من الصيغ المنتشرة قول البعض عند المصيبة: “الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه”، وقد بيّن أهل العلم أن هذه الصيغة خلاف السنة، وأن الهدي النبوي الكامل هو قول: “الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ”، لأن هذه الصيغة تتضمن التسليم والرضا الكامل بقضاء الله في كل الأحوال، بينما قد يُفهم من الصيغة الأولى نوع من التبرم أو عدم كمال الرضا، فالحمد لله محمود على كل أفعاله، سواء كانت في نظرنا سارة أم ضارة، فكلها عن حكمة وعدل.
فوائد وأهمية الشكر والحمد لله
إن عبادة الحمد والشكر من أعظم القربات التي يعود نفعها على العبد في الدنيا والآخرة، ومن أبرز فوائدها:
- زيادة النعم والبركة: فالله تعالى وعد الشاكرين بالزيادة، كما قال سبحانه:
“لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”
[إبراهيم: 7].
- نيل رضا الله: إن الله يرضى عن العبد الذي يحمده على طعامه وشرابه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا”
(رواه مسلم، حديث صحيح).
- تحقيق الطمأنينة والرضا: حمد الله في جميع الأحوال يورث القلب سكينة ورضا بقضاء الله، مما يخفف من أثر المصائب ويزيد من الشعور بالسعادة عند النعم.
- الأجر العظيم يوم القيامة: الحامدون هم أول من يُدعى إلى الجنة يوم القيامة، لما لهم من منزلة خاصة عند الله.
المصادر والمراجع
- سورة الفاتحة، الآية 2.
- سورة إبراهيم، الآية 7.
- سورة يونس، الآية 10.
- صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، حديث رقم 223، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن ابن ماجه، كتاب الأدب، باب فضل الحامدين، حديث رقم 3803، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الانتباه من الليل، حديث رقم 6312، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو الوقت الأفضل لقول “الحمد لله”؟
يستحب للمسلم أن يحمد الله في كل وقت وحين، وهناك مواطن يتأكد فيها الحمد بشكل خاص، مثل: بعد العطاس، وبعد الأكل والشرب، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند رؤية ما يسره، وعند رؤية ما يكرهه بقول “الحمد لله على كل حال”، وفي بداية كل أمر ذي بال.
هل صيغة “الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه” صحيحة؟
هذه الصيغة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل والأكمل هو اتباع السنة بقول “الحمد لله على كل حال” عند رؤية ما يكره، لأنها تعبر عن كمال الرضا والتسليم لله تعالى في جميع أقضيته.
ما هو الفرق بين الحمد والشكر؟
ذكر أهل العلم أن الحمد أعم من الشكر، فالحمد يكون باللسان ثناءً على المحمود بصفاته الجميلة، سواء كان ذلك مقابل نعمة أم لا، أما الشكر فيكون على النعم خاصة، ويكون بالقلب (اعترافًا)، وباللسان (ثناءً)، وبالجوارح (طاعةً وعملاً).

