إنَّ سعي المرأة وزوجها لنعمة الذرية الصالحة فطرةٌ إنسانيةٌ، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء هو من أعظم أسباب تحقيق المُراد، فالدعاء عبادةٌ جليلةٌ تفتح أبواب الفرج، وتُظهر صدق التوكل على الله القادر على كل شيء، وهو القائل في كتابه الكريم:

“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ”

[غافر: 60]، ومن المهم الجمع بين الدعاء والأخذ بالأسباب المشروعة، كاستشارة الأطباء المختصين، مع اليقين بأن الأمر كله بيد الله يهبه لمن يشاء.

أدعية من القرآن الكريم لطلب الذرية الصالحة

القرآن الكريم هو خير ما يُدعى به، وقد قصَّ الله علينا أدعية أنبيائه وصالحي عباده الذين تضرعوا إليه طالبين الذرية، فاستجاب لهم، وهذه الأدعية هي الأفضل والأكثر بركة، ومنها:

• دعاء نبي الله زكريا عليه السلام: وهو من أشهر الأدعية في هذا الباب، حيث دعا ربه وهو شيخ كبير وامرأته عاقر، فاستجاب الله له.
  

  “رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ”

  (سورة آل عمران، الآية: 38).

• دعاء آخر لنبي الله زكريا عليه السلام: وفيه إظهار لافتقاره إلى الله وتوكله عليه وحده.
  

  “رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ”

  (سورة الأنبياء، الآية: 89).

• دعاء عباد الرحمن: وهو دعاء شامل يجمع بين صلاح الأزواج والذرية.
  

  “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”

  (سورة الفرقان، الآية: 74).

• دعاء امرأة عمران: وفيه صدق التوجه إلى الله ونذر ما في بطنها خالصًا لوجهه تعالى.
  

  “إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”

  (سورة آل عمران، الآية: 35).

أدعية ثابتة من السنة النبوية الشريفة

لم يرد في السنة النبوية دعاء مخصص بلفظه لطلب الحمل، ولكن وردت أدعية جامعة شاملة لكل خير، يُشرع الدعاء بها لطلب الذرية وغيرها من الحاجات، ومن أهمها:

• دعاء ذي النون (يونس عليه السلام): وهو من أعظم الأدعية لتفريج الكروب وقضاء الحوائج، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجاب اللهُ له”.

  (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

• الإكثار من الاستغفار: يُعد الاستغفار من أوسع أبواب الرزق، بما في ذلك رزق الولد، كما قال تعالى على لسان نوح عليه السلام:
  

  “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ…”

  (سورة نوح، الآيات: 10-12)

  فالإكثار من قول “أستغفر الله” بنية طلب الذرية هو من الأسباب الشرعية المأثورة.

أمثلة على صيغ دعاء عامة منتشرة

يتداول الناس صيغًا للدعاء بألفاظ من عندهم، والدعاء بأي صيغة لا تخالف الشرع جائز، ما دام المعنى صحيحًا، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها:

• اللَّهُمَّ ارزقني ذُرِّيَّةً صَالِحَةً تُقِرُّ بِهَا عَيْنِي، وَتُسْعِدُ بِهَا رُوحِي، وَاجْعَلْ قُدُومَهَا فَرَحًا لِحَيَاتِي.
• يَا رَبِّ، بِيَدِكَ كُلُّ شَيْءٍ، وَأَمْرُكَ نَافِذٌ، ارْزُقْنِي نِعْمَةَ الْحَمْلِ قَرِيبًا، وَهَبْ لِي مِنْ كَرَمِكَ أَعْظَمَ الْعَطَايَا.
• اللَّهُمَّ يَا وَاسِعَ الْعَطَاءِ، يَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ، أَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِالذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ الْمُبَارَكَةِ.
• يَا كَرِيمُ، يَا مَنْ لَا تَرُدُّ عِبَادَكَ خَائِبِينَ، امْنَحْنِي نِعْمَةَ الْحَمْلِ الَّتِي يَتَمَنَّاهَا قَلْبِي، وَاغْمُرْ حَيَاتِي بِالْفَرَحِ بِفَضْلِكَ الْوَاسِعِ.
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، وَإِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، أَنْ تُحَقِّقَ لِي أُمْنِيَّتِي، فَأَنْتَ الْكَرِيمُ الْوَهَّابُ.

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

تنبيه: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، وهي أدعية عامة لم تثبت بلفظها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ولا حرج في الدعاء بهذه الصيغ العامة ما لم تتضمن محظورًا شرعيًا، مع الاعتقاد بأن الأفضل هو الدعاء بالمأثور.

آداب وشروط استجابة الدعاء

لتحري إجابة الدعاء، يُستحسن للمسلم أن يلتزم بآداب الدعاء التي تزيد من فرصة القبول، ومنها:

• الإخلاص لله تعالى: أن يكون الدعاء خالصًا لوجه الله وحده.
• اليقين بالإجابة: الدعاء بقلب حاضر وموقن بأن الله سيستجيب.
• الأخذ بالأسباب: الجمع بين الدعاء ومراجعة الأطباء واتباع العلاج المناسب.
• تحري أوقات الإجابة: مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة.
• الابتعاد عن الحرام: التأكد من أن المطعم والمشرب والملبس من حلال.
• الصبر وعدم الاستعجال: الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس من رحمة الله.

إن الإنجاب رزق من الله سبحانه يمنحه لمن يشاء في الوقت الذي يراه مناسبًا لحكمته، وتأخر الحمل قد يكون ابتلاءً يرفع الله به الدرجات، ويحتاج إلى الصبر والرضا والتوجه إلى الله بالدعاء بيقين، فالله تعالى قريب مجيب.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

هل هناك دعاء معين للحمل يقال بعد انتهاء الدورة الشهرية؟

لم يثبت في الشرع دعاء مخصص بوقت معين كبعد انتهاء الدورة الشهرية، الدعاء مشروع في كل وقت، والأفضل تحري أوقات الإجابة العامة كأوقات السحر وفي السجود.

ما هو أفضل دعاء لمن تأخر حملها؟

أفضل الأدعية هي الواردة في القرآن الكريم، خاصة أدعية الأنبياء مثل دعاء زكريا عليه السلام: “رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ” و “رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً”.

هل الجمع بين العلاج الطبي والدعاء أمر مشروع؟

نعم، وهو المنهج الإسلامي الصحيح، فالمسلم مأمور بالأخذ بالأسباب المادية المتاحة كالعلاج ومراجعة الأطباء، مع التوكل على الله تعالى واللجوء إليه بالدعاء، فالله هو مسبب الأسباب وهو الشافي والمعطي.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر