الدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، وهو سلاحه في كل وقت وحين، وعندما يواجه الإنسان مشاعر القلق والخوف، كالشعور بالرهبة من قيادة السيارة، يصبح اللجوء إلى الله بالدعاء مصدرًا للسكينة والطمأنينة، وتعبيرًا عن التوكل الكامل عليه سبحانه وتعالى والثقة بحفظه ورعايته.

أدعية صحيحة من القرآن والسنة للخوف والتوكل

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية هي الأجمع للخير والأعظم بركة، وفيما يلي بعض الأدعية الصحيحة التي تناسب هذا المقام:

1، دعاء الخروج من المنزل

يُستحب للمسلم أن يقول هذا الدعاء عند خروجه من بيته، فهو حصن له بإذن الله، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ”.

المصدر: سنن أبي داود، وصححه الألباني.

2، دعاء ركوب الدابة (السيارة)

وهو دعاء مأثور يُقال عند الركوب، وفيه استشعار لنعمة الله بتسخير هذه الوسائل لنا، قال تعالى:

“وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ”.

المصدر: سورة الزخرف، الآيات 12-14.

3، دعاء الكرب والخوف الشديد

إذا اشتد الخوف والقلق، فإن هذا الدعاء من أعظم ما يزيل الهم والكرب، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب:

“لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”.

المصدر: صحيح البخاري وصحيح مسلم.

أدعية عامة وصيغ شائعة للتغلب على الخوف

يتداول بعض الناس صيغًا للدعاء بألفاظهم الخاصة لطلب الطمأنينة والأمان أثناء القيادة، وعلى الرغم من أن الدعاء بأي صيغة لا تخالف الشرع جائز، إلا أن الأفضل هو الالتزام بالمأثور، ومن الأمثلة على هذه الأدعية العامة:

• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسِي وَمَنْ مَعِي، فَاحْفَظْنَا بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَاكْلَأْنَا بِرِعَايَتِكَ الَّتِي لَا تُضَامُ، وَاجْعَلْ طَرِيقَنَا هَذَا آمِنًا سَلَامًا.
• رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذَا الطَّرِيقِ وَخَيْرَ مَا فِيهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا فِيهِ، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ.
• يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَزِلِ الْخَوْفَ مِنْ قَلْبِي.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وتامة.

ما حكم تخصيص دعاء معين للخوف من القيادة؟

لم يرد في الشريعة الإسلامية دعاء مخصص بعينه للخوف من قيادة السيارة، ولكن، يمكن للمسلم أن يدعو بالأدعية العامة الواردة في السنة النبوية للوقاية من المخاوف، مثل دعاء الكرب، ودعاء الخروج من المنزل، ودعاء الركوب، كما يجوز له أن يدعو الله بما يفتح عليه من كلام طيب لا إثم فيه، يسأله فيه الحفظ والسلامة وتيسير أمره وإزالة الخوف من قلبه، مع اليقين بأن الأفضل والأكمل هو الدعاء بالمأثور.

كيف يساعد الدعاء في التغلب على أعراض الخوف؟

الخوف شعور طبيعي قد يؤثر على حياة الإنسان، وقد تظهر له علامات جسدية ونفسية، منها:

• رعشة في الأطراف وصعوبة في السيطرة عليها.
• صعوبة في التحدث بطلاقة وزيادة في التوتر.
• التعرق الزائد حتى في درجات الحرارة المعتدلة.
• الشعور بآلام في البطن لا يوجد لها سبب عضوي واضح.

إن اللجوء إلى الله بالدعاء والذكر يمنح القلب طمأنينة وسكينة، كما قال تعالى: “أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” (الرعد: 28)، فالدعاء يقوي صلة العبد بربه، ويزيد من توكله عليه، ويشعره بأن الله معه يحفظه ويرعاه، مما يقلل من حدة التوتر ويمنح النفس القوة والثبات لمواجهة مسببات الخوف.

أسئلة شائعة

هل يوجد دعاء مخصص للخوف من قيادة السيارة؟

لا، لم يرد في السنة النبوية دعاء مخصص لهذه الحالة بعينها، ولكن يُشرع للمسلم استخدام الأدعية النبوية العامة المتعلقة بالخوف والكرب والتوكل والخروج من المنزل وركوب الدابة.

ما هو أفضل وقت للدعاء لزوال الخوف؟

باب الدعاء مفتوح في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وعند الشعور بالخوف نفسه، فالدعاء حينها يكون نابعًا من قلب حاضر ومضطر.

هل يجوز الدعاء بصيغ عامة غير مأثورة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، بشرط ألا يكون في دعائه إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء، ومع ذلك، يبقى الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأعظم بركة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر