إن حرص المسلم على أدعية الذهاب إلى المسجد يُعَدُّ من السنن النبوية المباركة التي تجسد تعظيم شعائر الله، والتقرب إليه سبحانه، ولهذه الأدعية منزلة عظيمة لما فيها من استعانة بالله وطلب للنور والهداية، وهي تحصّن المسلم وتزيد من أجره في خطواته إلى بيوت الله، وقد وردت عن النبي ﷺ أدعية صحيحة تحمل معاني إيمانية عظيمة، ينبغي للمسلم تعلمها والعمل بها.
أدعية الخروج من المنزل إلى المسجد (ثابتة في السنة)
ورد في السنة النبوية الشريفة مجموعة من الأدعية التي يُستحب للمسلم أن يقولها عند خروجه من بيته متجهًا إلى المسجد أو غيره، ومن أصحها:
- دعاء الخروج العام من المنزل:
“بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ”.
المصدر: سنن أبي داود وسنن الترمذي، قال الترمذي: “حديث حسن صحيح”.
- دعاء الحماية عند الخروج:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ، أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ، أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ، أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ”.
المصدر: سنن أبي داود وسنن الترمذي، قال الترمذي: “حديث حسن صحيح”.
- الدعاء المخصوص بالمشي إلى الصلاة:
“اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا”.
المصدر: متفق عليه (صحيح البخاري وصحيح مسلم).
دعاء دخول المسجد والخروج منه
للدخول إلى المسجد والخروج منه آداب وأدعية مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي كالتالي:
1، دعاء دخول المسجد
يُسن للمسلم أن يقدم رجله اليمنى عند الدخول ويقول:
“أَعُوذُ بِاللهِ الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ..، اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ”.
المصدر: جزء “أعوذ بالله…” رواه أبو داود (حديث حسن)، وجزء “اللهم افتح لي…” رواه مسلم في صحيحه، ويُسن أيضًا أن يصلي على النبي ﷺ قبل الدعاء.
2، دعاء الخروج من المسجد
يُسن للمسلم أن يقدم رجله اليسرى عند الخروج ويقول:
“بِسْمِ اللهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ”.
المصدر: رواه مسلم بلفظ “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ”، وبقية الألفاظ وردت في روايات أخرى صحيحة وحسنة.
أدعية عامة يمكن الدعاء بها في المسجد
المسجد هو بيت الله، والدعاء فيه مرجوّ القبول، خاصة في أوقات الإجابة كانتظار الصلاة أو في السجود، يمكن للمسلم أن يدعو بما ورد في القرآن والسنة، أو أن يدعو بأدعية عامة من خيرَي الدنيا والآخرة ما لم يكن فيها إثم أو قطيعة رحم، وهذه أمثلة على أدعية عامة بمعانٍ طيبة:
- اللَّهُمَّ ارزقنا السعادة في الدارين، واجعل لنا من فضلك نصيبًا في الدنيا والآخرة، ونجّنا من عذاب النار، واجمعنا مع نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ومع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في جنات النعيم.
- يَا الله، اجعل قلوبنا طائعة لك، وقرّبنا إلى طاعتك ومحبتك، ووفقنا لنكون من المحافظين على صلواتك، والعاملين بطاعتك، والمُحبين للخير ومساعدة الغير، يا واسع العطاء يا ذا الجلال والإكرام.
- اللَّهُمَّ اغفر لنا وارحمنا، وثبتنا على دينك القويم، ووفق أحبابنا والمؤمنين جميعًا لنيل رضاك، وأدخلهم برحمتك جنتك مع نبيك المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.
- يَا رَبِّ، أسألك أن تجعلنا دائمًا من الذاكرين لك، الشاكرين لنعمك، المُقرّبين إليك، وأسألك يا الله أن تفتح لنا أبواب الخير والتوفيق في دنيانا، وتجعلنا من المقبولين عندك.
- اللَّهُمَّ يا عالم السر وما تخفيه القلوب، نسألك أن ترزقنا خير الدنيا والآخرة، وأن تشفي قلوبنا من الحزن والهم، وتجعل حياتنا مليئة بالرضا والسعادة وفق مرادك وحكمتك يا حليم يا مُعطي.
- يا رحمن الدنيا والآخرة، يا من وصفت نفسك بالكمال والجلال والعظمة، نسألك أن تقربنا للجنة بكل قول وعمل، وأن تبعدنا عن نار جهنم وعذابها كما باعدت بين المشرق والمغرب، يا أرحم الراحمين.
- يا رب العالمين، يا من بيدك تدبير الأمور، أسألك الخير في أموري كلها، وحقق لي كل ما فيه رضاك وما فيه صلاح لي في ديني ودنياي، يا قادرًا على كل شيء.
الأحكام والآداب المرتبطة بزيارة المساجد
لزيارة المسجد آداب وأحكام شرعية ينبغي للمسلم الالتزام بها تأسّيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتحقيقًا للأجر الكامل، ومن أهمها:
- الطهارة الكاملة: يجب على المسلم أن يحرص على الطهارة قبل الذهاب إلى المسجد، بالوضوء أو الغسل إن لزم الأمر، فالطهارة شرط لصحة الصلاة.
- النظافة وحسن المظهر: يُستحب ارتداء ملابس نظيفة وحسنة، والتطيّب، واستخدام السواك، امتثالاً لقوله تعالى:
“يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ”
[الأعراف: 31].
- الدخول بالرجل اليمنى: من السنة عند دخول المسجد تقديم الرجل اليمنى، وقول دعاء الدخول المأثور كما سبق بيانه.
- صلاة تحية المسجد: من السنن المؤكدة عند دخول المسجد وقبل الجلوس، أداء ركعتين، لقول النبي ﷺ:
“إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ”.
(متفق عليه).
- الانشغال بالذكر والعبادة: يُستحب استغلال وقت انتظار الصلاة في قراءة القرآن، والتسبيح، والاستغفار، والدعاء، فصاحبه في صلاة ما انتظر الصلاة.
- تجنب البيع والشراء وإنشاد الضالة: المسجد مكان للعبادة، ولا يجوز ممارسة الأنشطة التجارية فيه، لنهي النبي ﷺ عن ذلك بقوله:
“إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ”.
(رواه الترمذي وقال: حديث حسن).
- الخروج بالرجل اليسرى: عند الانتهاء من الصلاة والخروج من المسجد، يُسن تقديم الرجل اليسرى، وقول دعاء الخروج المأثور.
المصادر والمراجع
- سورة الأعراف، الآية 31.
- صحيح البخاري وصحيح مسلم (متفق عليه)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود وسنن الترمذي، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة
ما هو دعاء الذهاب إلى المسجد الصحيح؟
أخص دعاء ورد في السنة للمشي إلى الصلاة هو: “اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا…” إلى آخر الحديث، وهو حديث صحيح متفق عليه، كما يُشرع قول أدعية الخروج من المنزل العامة.
هل يجب قول كل هذه الأدعية عند الذهاب للمسجد؟
هذه الأدعية من السنن المستحبة وليست واجبة، فمن قالها أُجر ونال فضلها، ومن تركها فلا إثم عليه، ولكن يفوته خير كثير، ويكفي للمسلم أن يقول ما تيسر له منها.
ما حكم الدعاء بأدعية لم ترد في السنة داخل المسجد؟
يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، حتى لو لم تكن الصيغة مأثورة عن النبي ﷺ، بشرط ألا يكون في الدعاء اعتداء أو إثم أو قطيعة رحم، الأصل في الدعاء الإباحة ما لم يشتمل على محظور شرعي.

