تحرص الزوجة الصالحة على بناء أسرة متماسكة ومستقرة، وتتخذ من الدعاء وسيلة عظيمة لتحقيق السكينة والبركة في بيتها، فالدعاء من أقوى العبادات التي تصل العبد بربه، وبه تُستجلب الخيرات وتُدفع المكروهات، في هذا الإطار، نستعرض مجموعة من الأدعية الموثوقة من القرآن الكريم والسنة النبوية، مع بيان لكيفية التعامل مع الصيغ المنتشرة التي لم تثبت بأدلة صحيحة.

أدعية صحيحة ومأثورة للزوج بالرزق والبركة

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها البركة والكفاية، ومن هذه الأدعية المباركة:

1، دعاء قضاء الدين وجلب الرزق

هذا الدعاء من الأدعية النبوية العظيمة التي يُوصى بها لقضاء الدين وطلب الغنى من الله تعالى، عن علي رضي الله عنه، أن مكاتَبًا جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دينًا أداه الله عنك؟ قال:

اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.

المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3563، درجة الحديث: حديث حسن.

2، دعاء تفريج الكرب وقضاء الدين

وهو دعاء نبوي شامل يُقال عند الهم والكرب، وفيه توسل بأسماء الله وصفاته العلى لقضاء الحوائج وتفريج الشدائد، ومنها الديون وضيق الرزق، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أوى إلى فراشه:

اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ.

المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2713.

3، الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة

هذا الدعاء من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو دعاء قرآني عظيم يجمع كل خير، يمكن للزوجة أن تدعو به لها ولزوجها وأهل بيتها.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

المصدر: سورة البقرة، الآية 201.

صيغ شائعة للدعاء للزوج (للاستئناس)

تنتشر بين الناس صيغ متعددة للدعاء للزوج، ومع أن معانيها قد تكون حسنة في مجملها، إلا أنها لم ترد في القرآن أو السنة، يمكن الدعاء بها من باب الدعاء العام، ولكن دون نسبتها إلى الشرع أو اعتقاد فضل خاص بها، ومن أمثلتها:

• اللهم افتح لزوجي أبواب رزقك، وبارك له في عمله، واحفظه من كل شر، واجعل بركتك تحفه ورحمتك تملأ أيامه، وارزقه الرضا وراحة البال.
• اللهم سخّر لزوجي كل ما في السماء وما في الأرض، وسهل له كل عسير، واجعل الخير يرافقه حيثما ذهب، وبارك له في رزقه وماله وصحته.
• اللّهم ارزق زوجي من حيث لا يحتسب، وبارك له في رزقه، واجعل الخير يحيط به من كل مكان، وأكرمه بالسعادة والبركات، واملأ حياته بالفرج واليسر.
• اللهم يا مالك السماوات والأرض، اجعل قلب زوجي عامرًا بالإيمان ومغمورًا بالسكون والطمأنينة، وسخر له ما يتمنى، وبارك في أيامه واحفظه بحفظك.

تنبيه هام وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة، وبها الخير كله.

مفهوم الزوجة الصالحة في الشريعة الإسلامية

الزوجة الصالحة من أعظم نعم الله على الرجل، فهي شريكة الحياة التي تُبنى معها أسرة مستقرة على أسس المودة والرحمة التي ذكرها الله تعالى في كتابه:

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.

المصدر: سورة الروم، الآية 21.

الزوجة الصالحة هي التي تعين زوجها على طاعة الله، وتحفظه في نفسها وماله، وتكون له سكنًا وأمانًا، ومن أبرز صفاتها:

• الالتزام بأمور الدين: تحرص على أداء فرائضها، وتكون قدوة صالحة لأبنائها، وتؤدي حقوق زوجها وبيتها كما أمر الشرع.
• حسن الخلق: تتصف بالأخلاق الحميدة، فتعامل زوجها بلطف واحترام، وتصبر عند الخلاف، وتحفظ أسرار بيتها.
• طاعة الزوج بالمعروف: تطيعه فيما لا يخالف أمر الله، وتحرص على استئذانه وتقديره، مما يعزز المودة والتفاهم.
• الإعانة على الخير: تشجع زوجها على طاعة الله، وتذكره بالعبادات وصلة الرحم، وتكون عونًا له على دروب الخير.

أبرز صفات الزوجة الصالحة وفق التعاليم الإسلامية

• الاهتمام بالزينة والنظافة: تتزين لزوجها وتهتم بمظهرها، سعيًا لإعفافه وإدخال السرور على قلبه.
• الوفاء والإخلاص: تكون وفية لزوجها في حضوره وغيابه، وتحفظ عهده، مما يزرع الثقة والطمأنينة.
• احتواء الزوج عند الغضب: تسعى لتهدئته وتمتص غضبه بحكمة وصبر، وتبحث عن حلول للمشكلات بهدوء.
• إكرام أهل الزوج: تحسن إلى أهل زوجها وتصلهم، إكرامًا لزوجها وتطبيقًا لتعاليم الإسلام في صلة الرحم.
• حفظ البيت والأبناء: ترعى شؤون بيتها، وتحسن تربية أبنائها على الدين والأخلاق القويمة.
• الشكر والتقدير: تقدر جهد زوجها وتعبه، وتشكره على ما يقدمه للأسرة، ولا تكفر العشير.

أسئلة شائعة

ما هو أفضل دعاء يمكن للزوجة أن تدعو به لزوجها للرزق؟

أفضل الأدعية هي الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: “اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”، ودعاء: “اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ..، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ”؛ لأنها أدعية نبوية جامعة ومباركة.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لم ترد في السنة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة كانت، بشرط ألا يكون في الدعاء اعتداء أو إثم أو قطيعة رحم، ولكن، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة أفضل وأعظم أجرًا وأرجى للقبول.

ما هي الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء؟

هناك أوقات وأحوال عديدة يُرجى فيها إجابة الدعاء، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، ودعاء الصائم حتى يفطر.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر