المرأة هي حجر الزاوية في كل بيت، والأساس الذي تقوم عليه الأسرة المسلمة، فهي الأم التي تنشئ الأجيال على القيم والمبادئ، والأخت التي تمثل الدعم والسند، والزوجة الصالحة التي تضفي السكينة والاستقرار على البيت، وقد أولى الإسلام المرأة مكانة عظيمة وكرّمها، ومنحها حقوقًا تحفظ كرامتها وتصون عفتها.
ومن صور هذا التكريم، أن شرع الإسلام كل ما يضمن حمايتها، فأمرها بالحجاب الذي يصون زينتها ويحفظها من أعين الحاسدين، ونهى عن الاختلاط المريب الذي قد يؤدي إلى الفتنة، حفاظًا على نقاء دينها وطهارتها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم خير قدوة في إكرام النساء والرفق بهن، فقال في الحديث الصحيح:
“لا يَجْلِدْ أحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجامِعُها في آخِرِ اليَوْمِ.” (صحيح البخاري)
وهذا الحديث الشريف يبرز وجوب معاملة الزوجة بالرحمة والكرامة، وانطلاقًا من هذه المكانة، يُعد الدعاء للزوجة من أعظم صور المحبة والتقدير، في هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأدعية المأثورة والعامة التي يمكن للزوج أن يدعو بها لزوجته، طلبًا للخير والبركة والسعادة في حياتهما.
أدعية ثابتة من القرآن والسنة للحياة الزوجية
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، وفيها الكفاية والخير كله.
1، الدعاء المأثور عند الزواج
يُستحب للزوج عند دخوله بزوجته أن يضع يده على مقدمة رأسها ويدعو بالبركة، لما ورد في الحديث الحسن:
“إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً، أَوِ اشْتَرَى خَادِمًا، فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا، وَلْيُسَمِّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ، وَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ.” (سنن أبي داود، حديث حسن)
2، أدعية قرآنية جامعة للأسرة
تتضمن آيات القرآن الكريم أدعية عظيمة تصلح للزوجين والأسرة بأكملها، ومنها:
- دعاء طلب الذرية الصالحة والسكينة في الأسرة:
“رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” [سورة الفرقان: 74].
.
 - دعاء طلب خيري الدنيا والآخرة:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [سورة البقرة: 201].
.
 
أدعية عامة للزوجة بالصلاح والبركة
تمر الحياة الزوجية بظروف مختلفة تتطلب اللجوء إلى الله تعالى، يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ الدعاء الطيبة التي لا تخالف الشرع، وإن لم تكن مأثورة بنصها، وهذه أمثلة على أدعية عامة يمكن للزوج أن يدعو بها لزوجته، طلبًا للسعادة والتوفيق.
- اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي زَوْجَتِي، وَاجْعَلْهَا قُرَّةَ عَيْنٍ لِي، وَاجْعَلْنِي قُرَّةَ عَيْنٍ لَهَا، اللَّهُمَّ أَصْلِحْهَا وَاهْدِهَا، وَارْزُقْنَا المَوَدَّةَ وَالرَّحْمَةَ وَالسَّكِينَةَ فِي بَيْتِنَا.
 - اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ قَلْبَ زَوْجَتِي وَسَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجَوَارِحَهَا، فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، وَأَبْعِدْ عَنْهَا كُلَّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ.
 - يَا رَبِّ، ارْزُقْ زَوْجَتِي الصِّحَّةَ وَالعَافِيَةَ وَرَاحَةَ البَالِ، وَاجْعَلْهَا مِنْ أَهْلِ طَاعَتِكَ وَعِبَادَتِكَ، وَاجْمَعْنَا عَلَى الخَيْرِ فِي الدُّنْيَا، وَفِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ فِي الآخِرَةِ.
 - اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قَلْبِي وَقَلْبِهَا كَمَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِ عِبَادِكَ المُؤْمِنِينَ، وَاجْعَلْ بَيْنَنَا مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
 
دعاء الزوج لزوجته أثناء الولادة
من أجمل صور الدعم والمساندة دعاء الزوج لزوجته في وقت الشدة، خاصة عند الولادة، يمكنه أن يدعو لها بتيسير أمرها وسلامتها هي وجنينها، ومن الأدعية المناسبة في هذا الموقف:
- اللَّهُمَّ يَا مُسَهِّلَ الشَّدِيدِ، وَيَا مُلَيِّنَ الحَدِيدِ، وَيَا مُنْجِزَ الوَعِيدِ، أَخْرِجْهَا وَجَنِينَهَا مِنْ حَلَقِ الضِّيقِ إِلَى أَوْسَعِ الطَّرِيقِ، بِكَ نَدْفَعُ مَا لَا نُطِيقُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.
 - يمكن كذلك أن يعيذها بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعيذ به الحسن والحسين: “أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ”، (صحيح البخاري)، فيقول: “أُعِيذُ مَا فِي رَحِمِهَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ…”.
 
صيغ دعاء منتشرة بين الناس للزوج
تنتشر بين الناس بعض الأدعية التي لم ترد في مصادر التشريع المعتمدة، وإنما هي من اجتهاد البعض أو مما يتداوله الناس، نذكر هنا بعض الأمثلة منها للتوضيح.
- يا ودود يا ودود يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعالًا لما تريد، أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، وبقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك، وبرحمتك التي وسعت كل شيء، أن تسخر لي زوجي…
 - اللهم يا مسخر الرياح لسليمان، ويا مسخر الحوت ليونس، ويا مسخر جبريل لمحمد، أسألك أن تسخر لي زوجي، وأن تكفني شره…
 - اللهم اجعل حبي في قلب زوجي كما جعلت حب عائشة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم…
 
تنبيه هام وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لخيري الدنيا والآخرة، ويجوز الدعاء بألفاظ عامة من عند النفس ما لم تحتوِ على محظور شرعي.
مكانة المرأة ودورها في استقرار الأسرة
منح الإسلام المرأة مكانة رفيعة، وجعلها شريكة للرجل في بناء المجتمع، ويتجلى دورها المحوري في تحقيق استقرار الأسرة والمجتمع من خلال محورين أساسيين:
- مصدر السكينة والطمأنينة: المرأة هي السكن الذي يلجأ إليه الزوج بعد عناء يومه، فتخفف عنه متاعبه وتشعره بالدعم النفسي والمعنوي، كما قال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً” [الروم: 21].
 - تربية الأجيال: يقع على عاتق المرأة العبء الأكبر في تحمل مشاق الحمل والولادة، ثم تربية الأبناء وتنشئتهم على القيم الإسلامية والأخلاق الحميدة، لتصنع بذلك أجيالًا صالحة تنهض بالأمة.
 
حقوق المرأة وامتيازاتها في الإسلام
كفل الإسلام للمرأة حقوقًا وامتيازات تعزز كرامتها وتراعي طبيعتها الفطرية، ومن أبرزها:
- المساواة في التكاليف الشرعية: ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في أصل العبادات والواجبات الدينية، مع مراعاة ما يخصها من أحكام تخفيفية كالإعفاء من الصلاة والصيام أثناء الحيض والنفاس.
 - الاستقلال المالي (الذمة المالية المستقلة): للمرأة الحق الكامل في التملك والتصرف في مالها الخاص، سواء كان ميراثًا أو مهرًا أو نتاج عملها، دون وصاية من أحد.
 - رفع الأعباء المالية: لم يُلزم الإسلام المرأة بالإنفاق على الأسرة، بل جعل مسؤولية النفقة على الزوج كاملة، وهذا من صور تكريمها وتخفيف الأعباء عنها.
 - التخفيف في بعض المسؤوليات العامة: رفع الإسلام عن المرأة وجوب الجهاد القتالي، وبعض المسؤوليات العامة التي قد لا تتناسب مع طبيعتها، تقديرًا لدورها الأساسي في رعاية الأسرة.
 
المصادر والمراجع
- سورة الفرقان، الآية 74.
 - سورة البقرة، الآية 201.
 - صحيح البخاري، حديث رقم 5204، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - سنن أبي داود، حديث رقم 2160، وحسنه الألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - صحيح البخاري، حديث رقم 3371، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 
أسئلة شائعة
ما هو أفضل دعاء للزوجة؟
أفضل الأدعية هي تلك الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء “اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه…” عند الزواج، ودعاء “ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين…”، لأنها أدعية جامعة ومباركة وثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو في كتاب الله.
هل يجوز الدعاء للزوجة بألفاظ من عندي؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خير الدنيا والآخرة له ولزوجته وأهله، بأي صيغة طيبة، ما دامت لا تحتوي على اعتداء في الدعاء أو مخالفة شرعية، فباب الدعاء واسع، والله سبحانه وتعالى يحب أن يسأله عبده ويلح عليه في الدعاء.
ما حكم الأدعية المنتشرة التي لم ترد في السنة؟
الأصل هو التمسك بالأدعية المأثورة، أما الأدعية التي لم ترد بنصها في السنة، فإن كانت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، فيجوز الدعاء بها على أنها دعاء عام، ولكن لا يجوز نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو اعتقاد فضل خاص لها لم يثبت بدليل.
		
