يُعدّ صيام ستة أيام من شهر شوال سُنّة نبوية مؤكدة، ولها فضل عظيم دلّت عليه الأدلة الصحيحة، فبعد إتمام صيام شهر رمضان المبارك، يحرص المسلم على اتباع هذه السنة اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وطمعًا في الأجر العظيم الذي يعادل صيام الدهر كله.
الدليل على فضلها هو ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ”.
ويوضح العلماء هذا الفضل بأن الحسنة بعشر أمثالها، فصيام رمضان (30 يومًا) يُعادل صيام 300 يوم، وصيام ستة أيام من شوال يُعادل صيام 60 يومًا، فيكون المجموع 360 يومًا، وهو عدد أيام السنة تقريبًا، وخلال هذه الأيام المباركة، يُستحب للمسلم الإكثار من الطاعات والدعاء، فدعاء الصائم من الأدعية التي تُرجى إجابتها.
أدعية جامعة من القرآن والسنة للصائم
لم يرد في السنة النبوية دعاء مخصص بعينه لصيام الست من شوال، ولكن باب الدعاء واسع، يمكن للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، والأفضل هو الدعاء بالأدعية المأثورة الجامعة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي أجمع للخير وأعظم للبركة، ومنها:
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة (من القرآن الكريم):
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، [سورة البقرة: 201]
.
- دعاء سؤال الهدى والتقى (من السنة النبوية):
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى”، (حديث صحيح، رواه مسلم)
.
- دعاء الإعانة على العبادة (من السنة النبوية):
“اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ”، (حديث صحيح، رواه أبو داود والنسائي)
.
- دعاء الكرب وتفريج الهم (من القرآن الكريم):
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”، [سورة الأنبياء: 87]
.
وقد ورد في الحديث أن دعوة الصائم لا تُرد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ العَادِلُ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ”، (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن)
أمثلة على أدعية عامة منتشرة
يتداول بعض الناس صيغًا من الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها في كل وقت، بما في ذلك أيام الصيام في شوال، وهذه الأدعية، وإن كانت معانيها حسنة في مجملها، إلا أنه من المهم معرفة أنها لم تُخصص لهذه الأيام بعينها ولم ترد في السنة النبوية، ومن أمثلتها:
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ صِيَامِي فِيهِ مَقْبُولًا، وَأَعْمَالِي خَالِصَةً لِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي صِيَامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ.
- يَا رَبِّ، يَا كَرِيمُ، يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ، اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي كُلَّهَا، مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَاجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الْمُخْلِصِينَ.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي بَرَكَةَ هَذَا الصِّيَامِ، وَاجْعَلْهُ سَبَبًا لِرِفْعَةِ دَرَجَاتِي، وَحَبِّبْ إِلَيَّ الْقُرْآنَ وَاجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِهِ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي صَلَاتِي وَسَائِرَ أَعْمَالِي.
تنبيه هام: هذه الصيغ وغيرها هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه كدعاء مخصص لهذه الأيام، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة، أو الدعاء بجوامع الكلم وبما يفتح الله به على عبده من الخير.
ما حكم تخصيص دعاء معين لصيام الست من شوال؟
أوضح أهل العلم أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابته الكرام تخصيص دعاء معين لأيام صيام الست من شوال، فالدعاء عبادة مبنية على الاتباع، وتخصيص عبادة بزمان أو مكان أو كيفية معينة دون دليل شرعي يُعد من الأمور التي ينبغي الحذر منها.
والصواب هو:
- أن يكثر الصائم من الدعاء بشكل عام، خاصة عند فطره، فهو من مواطن إجابة الدعاء.
- أن يستخدم الأدعية الجامعة المأثورة من القرآن والسنة الصحيحة، فهي أفضل وأجمع للخير.
- أن يدعو بما يحتاجه من أمور دينه ودنياه بالصيغ التي تناسب حاله دون أن يعتقد أن هذه الصيغة خاصة بهذه الأيام.
ختامًا، إن الحرص على تحري السنة الصحيحة في العبادات، ومنها الدعاء، هو سبيل القبول والبركة، وصيام الست من شوال فرصة عظيمة لمواصلة الطاعة بعد رمضان، فلنستغلها بالصيام والذكر والدعاء المأثور، سائلين الله القبول والإخلاص في القول والعمل.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- حديث فضل صيام الست من شوال: صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعا لرمضان، (يمكن مراجعته على موسوعة السنة النبوية).
- حديث “اللهم إني أسألك الهدى والتقى”: صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “اللهم أعني على ذكرك وشكرك”: سنن أبي داود، كتاب الصلاة، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “ثلاثة لا ترد دعوتهم”: سنن الترمذي، أبواب الدعوات، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو فضل صيام الست من شوال؟
فضلها عظيم، فمن صام رمضان ثم أتبعه بستة أيام من شوال كان كمن صام الدهر كله، كما ثبت في حديث صحيح رواه مسلم.
هل هناك دعاء مخصص لصيام الست من شوال؟
لا، لم يثبت في السنة النبوية دعاء مخصص لهذه الأيام، والأفضل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة أو بما يفتح الله به على العبد من خير.
ما هو أفضل وقت للدعاء للصائم؟
دعاء الصائم مستجاب طوال يومه، ويتأكد استحبابه عند الإفطار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ”، (رواه ابن ماجه وحسنه بعض أهل العلم).





