يُستحب للمسلم أن يتوجه إلى الله بالدعاء عند سفره، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يحرص على أذكار وأدعية مخصوصة في حله وترحاله، فالسفر قطعة من العذاب كما ورد في الحديث الشريف، وهو من المواطن التي يُرجى فيها إجابة الدعاء، حيث يشعر المسلم بحاجته إلى عون الله وتوفيقه، فيلجأ إليه طالباً الحفظ والتيسير والسلامة في رحلته، وليكون في معية الله ورعايته حتى يعود إلى أهله سالماً.

دعاء السفر الصحيح الوارد في السنة النبوية

الدعاء الأساسي والمأثور الذي ينبغي على كل مسلم الحرص عليه عند ركوب دابته (سيارة، طائرة، أو غيرها) هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ:

“سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ”.

المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم (1342).

شرح موجز لبعض الكلمات:

• مُقْرِنِينَ: أي مطيقين وقادرين على تسخيره لولا تسخير الله له.
• لَمُنْقَلِبُونَ: أي راجعون إلى الله بعد موتنا.
• وَعْثَاءِ السَّفَرِ: أي مشقته وصعوبته.
• كَآبَةِ الْمَنْظَرِ: أي ما يجلب الحزن والكآبة عند رؤيته.
• سُوءِ الْمُنْقَلَبِ: أي سوء الرجوع، بأن يرجع فيجد ما يسوؤه في أهله وماله.

دعاء توديع المسافر وأهله

من السنة أيضاً أن يدعو المقيم للمسافر، والمسافر للمقيم عند الوداع، لما في ذلك من استيداع لله الذي لا تضيع ودائعه.

1، دعاء المقيم للمسافر

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ودع رجلاً أخذ بيده فلا يدعها حتى يكون الرجل هو الذي يدع يده، ويقول:

“أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ”.

المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم (3443)، وقال: “حديث حسن صحيح”.

2، دعاء المسافر للمقيم

يُستحب للمسافر أن يقول لمن يودعهم من أهله وأصحابه:

“أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ”.

المصدر: سنن ابن ماجه، حديث رقم (2825)، وصححه الألباني.

أدعية عامة نافعة يمكن الدعاء بها في السفر

إلى جانب الأدعية المأثورة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، وأن يسأله بأسلوبه الخاص الحفظ والتيسير له ولأهله، فباب الدعاء واسع، والله سبحانه يحب أن يسأله عبده، وهذه بعض الأمثلة على صيغ دعاء عامة يمكن الاستئناس بها:

• اللَّهُمَّ يا حافظاً لا يغفل، ويا موجوداً لا يغيب، إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي، فاحفظنا بحفظك الذي لا يرام، وعينك التي لا تنام، وردنا إليك رداً جميلاً.
• رَبِّ اجعل سفري هذا مباركاً، ويسّر لي فيه كل عسير، وافتح لي أبواب رحمتك وتوفيقك، وقني شر الطريق، وشر ما فيه، وشر ما بعده.
• اللَّهُمَّ احفظ زوجي (أو أبي أو ابني) في سفره، وكن له صاحباً ومعيناً، وسدد خطاه، ويسر أمره، ورده إلينا سالماً غانماً معافى من كل سوء ومكروه.
• يا رب، أسألك في سفري هذا الطمأنينة والأمان، وأن تجعل وجهتي خيراً وبركة، وأن تصرف عني كل همٍّ وغمٍّ، وتجعل عودتي لأهلي عودة حميدة مباركة.

تنبيه وإخلاء مسؤولية

تنبيه هام: الصيغ المذكورة في هذا القسم هي أدعية عامة واجتهادات شخصية، ولم تثبت كنصوص مخصصة للسفر عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، والدعاء بصيغ عامة جائز ما لم يعتقد الداعي أن لها فضلاً خاصاً أو أنها من السنة.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة حول دعاء السفر

ما هو دعاء السفر الصحيح؟

الدعاء الصحيح والثابت هو ما رواه الإمام مسلم في صحيحه: “سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ…”، وهو المذكور كاملاً في بداية هذا المقال.

متى يُقال دعاء السفر؟

يُقال دعاء السفر عندما يستوي المسافر على وسيلة النقل (سيارة، طائرة، سفينة، وغيرها) ويبدأ رحلته فعلياً.

هل يجوز الدعاء بأدعية أخرى غير الواردة في السنة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من الأدعية العامة التي فيها طلب الخير والحفظ والتيسير، طالما أن معناها صحيح ولا تخالف الشرع، ولكن لا يجوز أن يعتقد أنها سنة مخصصة للسفر أو أن لها فضلاً خاصاً لم يرد به دليل.

ما هو دعاء الرجوع من السفر؟

عند الرجوع من السفر، يُزاد على الدعاء السابق قول: “آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ”، (رواه مسلم).

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر