إن شكر الله تعالى والثناء عليه في كل حال هو من أعظم نعم الله على عبده، فالمؤمن الذي يوقن بكمال عدل الله وحكمته يحرص على الحمد في السراء والضراء؛ لإدراكه أن كل ما يقدره الله له يحمل في طياته الخير، إن استدامة الشكر تجلب البركة وتكون سبباً في زيادة النعم، كما وعد الله تعالى في كتابه الكريم:

“وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”

[سورة إبراهيم: 7].

أدعية الحمد والشكر الثابتة في القرآن الكريم

أرشدنا القرآن الكريم إلى العديد من صيغ الحمد والثناء التي تعبر عن عظمة الخالق وشكر نعمه التي لا تُحصى، ومن هذه الآيات:

• دعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة:
  

  “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

  [سورة البقرة: 201]، وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم.

• شكر الله على نعمة الهداية والثبات:
  

  “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ”

  [سورة الأعراف: 43].

• دعاء سيدنا سليمان عليه السلام عند رؤية نعم الله:
  

  “رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ”

  [سورة النمل: 19].

أدعية الحمد والشكر من السنة النبوية الصحيحة

وردت في السنة النبوية المطهرة أدعية جامعة لخصت أعظم معاني الحمد والشكر، وهي تمثل هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ثنائه على ربه، ومن هذه الأدعية الصحيحة:

• دعاء النبي عند رؤية ما يسره أو يكرهه:
  

  “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا رأى ما يُحِبُّ قال: الحمدُ للهِ الذي بنعمتِه تتمُّ الصالحاتُ، وإذا رأى ما يكرهُ قال: الحمدُ للهِ على كلِّ حالٍ”

  (المصدر: سنن ابن ماجه، درجة الحديث: حسن)..

• دعاء ما بعد الطعام:
  

  “مَنْ أكلَ طعامًا ثُم قال : الحمدُ للهِ الَّذي أطعمَنِي هذا الطعامَ ورزقنِيهِ من غيرِ حولٍ مِنِّي ولا قوةٍ غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ”

  (المصدر: سنن الترمذي، درجة الحديث: حسن)..

• دعاء الاستفتاح في قيام الليل:
  

  “اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ لكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ…”

  (المصدر: صحيح البخاري)..

• دعاء عند العطاس:
  

  “إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ”

  (المصدر: صحيح البخاري)..

• صيغة جامعة للحمد والتسبيح:
  

  “الحمدُ للهِ عددَ ما خلق، والحمدُ للهِ ملءَ ما خلق، والحمدُ للهِ عددَ ما في السماواتِ وما في الأرضِ، والحمدُ للهِ عددَ ما أحصى كتابُه، والحمدُ للهِ ملءَ ما أحصى كتابُه، والحمدُ للهِ عددَ كلِّ شيءٍ، والحمدُ للهِ ملءَ كلِّ شيءٍ”

  (المصدر: المعجم الأوسط للطبراني، درجة الحديث: صحيح)..

صيغ وأدعية عامة مأثورة في الحمد والشكر

إلى جانب الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، يمكن للمسلم أن يدعو الله ويحمده بصيغ عامة تحمل معاني الشكر والثناء، طالما أنها لا تخالف الشرع، وهذه الأدعية هي من اجتهادات السلف الصالح أو صيغ جامعة يتداولها المسلمون، ومن أمثلتها:

• “اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ”.
• “اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَلَكَ الشُّكْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْكَ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، عَلَانِيَتُهُ وَسِرُّهُ، فَأَهْلٌ أَنْتَ أَنْ تُحْمَدَ، وَأَهْلٌ أَنْتَ أَنْ تُعْبَدَ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
• “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى”.
• “اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِكَ الَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، لَكَ الْحَمْدُ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ”.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما جرى على ألسنة أهل العلم والصالحين، وهي حسنة المعنى ويمكن الدعاء بها، ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة هو الأفضل والأكمل والأعظم أجراً، فهي كافية ومباركة.

أحاديث نبوية في فضل الحمد والشكر

بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة فضل الشكر والحمد، وأثر ذلك على حياة المؤمن في الدنيا والآخرة، ومن هذه الأحاديث الصحيحة:

• الشكر والحمد من أفضل العباد:
  

  “إِنَّ أفضلَ عبادِ اللهِ يومَ القيامةِ الحمَّادون”

  (المصدر: مسند الإمام أحمد، درجة الحديث: حسن)..

• شكر الناس من شكر الله:
  

  “مَنْ صُنِعَ إليهِ معروفٌ فقالَ لفاعلِهِ: جزاكَ اللهُ خيرًا، فقد أبلغَ في الثناءِ”

  (المصدر: سنن الترمذي، درجة الحديث: صحيح)..

• مكافأة المعروف بالدعاء:
  

  “وَمَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ”

  (المصدر: سنن أبي داود، درجة الحديث: صحيح)..

• حال المؤمن كله خير:
  

  “عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له”

  (المصدر: صحيح مسلم)..

الأسئلة الشائعة (FAQ)

ما هو أفضل وقت لدعاء الشكر؟

شكر الله عبادة غير مقيدة بوقت محدد، فيمكن للمسلم أن يحمد الله ويشكره في كل وقت وحين، ويستحب الإكثار منه عند تجدد النعم (مثل الشفاء من مرض أو الحصول على رزق)، وعند دفع النقم، وفي أوقات إجابة الدعاء كالثلث الأخير من الليل وبين الأذان والإقامة وفي السجود.

هل يجب الالتزام بصيغة معينة في دعاء الشكر؟

الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية الواردة في القرآن والسنة الصحيحة، فهي جامعة للمعاني ومباركة، ومع ذلك، يجوز للمسلم أن يدعو بأي صيغة طيبة تعبر عن شكره وامتنانه لله، ما دامت لا تحتوي على مخالفة شرعية.

ما هو الفرق بين الحمد والشكر؟

الحمد أعم من الشكر، فالحمد هو الثناء على الله بصفاته الكاملة وأفعاله الحسنة، سواء كان ذلك مقابل نعمة أم لا، أما الشكر فيكون مختصاً بالثناء على الله مقابل نعمة معينة أسداها لعبده، ويكون بالقلب (الاعتراف بالنعمة) واللسان (الثناء) والجوارح (استخدام النعمة في طاعة الله).

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر