الدعاء من أعظم العبادات التي تقوي صلة العبد بربه، وتفتح له أبواب الرحمة والبركة، وقد حث الإسلام على الإكثار من ذكر الله تعالى في كل الأوقات، خاصة في الصباح والمساء، لما في ذلك من فضل عظيم وأثر كبير في حياة المسلم، فهو يجلب الطمأنينة للقلب، ويحصّن المسلم من الشرور، ويكون سبباً في نيل رضا الله وتوفيقه في سائر أمور الحياة، والأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الكافية والشافية.
أدعية الصباح الصحيحة من القرآن والسنة النبوية
إن أفضل ما يبدأ به المسلم يومه هو الأدعية والأذكار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها البركة والتوفيق، ومن هذه الأدعية المباركة:
1، سيد الاستغفار
يُعد هذا الدعاء من أعظم صيغ الاستغفار، ومن قاله موقناً به في الصباح فمات من يومه كان من أهل الجنة، عن شداد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ”.
المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6306.
2، دعاء “أصبحنا وأصبح الملك لله”
من الأذكار الجامعة التي تُقال في الصباح، وفيها تجديد للعهد مع الله وإقرار بالتوحيد والحمد له سبحانه.
“أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذَا اليَوْمِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذَا اليَوْمِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي القَبْرِ”.
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2723.
3، سؤال الله العافية في الدنيا والآخرة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على هذا الدعاء صباحاً ومساءً، وهو من أجمع الأدعية التي يطلب فيها العبد السلامة في دينه ودنياه وأهله وماله.
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”.
المصدر: سنن أبي داود، حديث رقم 5074، وصححه الألباني.
أدعية صباحية عامة للأصدقاء والأحبة
إلى جانب الأدعية المأثورة، يتداول الناس بعض الصيغ العامة للدعاء للأصدقاء والأحبة في الصباح، والتي تحمل معاني طيبة في طلب الخير والبركة والتوفيق، يجوز الدعاء بهذه الصيغ وأمثالها ما دامت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع.
أمثلة على أدعية منتشرة لطلب التوفيق والبركة:
- اللَّهُمَّ اجعل صباح أحبتي بداية مشرقة لكل خير، وارزقهم التوفيق في خطواتهم، والبركة في أرزاقهم، وراحة القلوب في كل أيامهم.
- يا رب، في هذا الصباح اكتب لنا ولأصدقائنا الخير الذي ترضاه، وامنحنا القوة والصبر ما يعيننا على أمور حياتنا، وادفع عنا ما يرهق النفس ويثقل الروح.
- اللَّهُمَّ يا واسع الرحمة، اجعلنا من عبادك الصادقين في دعواتهم، وحقق لنا آمالنا فيما يرضيك، وبارك لنا في أعمارنا وأعمالنا.
- يا ربنا الكريم، أَفِضْ علينا من جودك ورحمتك، وبارك لعبادك المخلصين في دنياهم، وأعطهم التوفيق في كل سبيل يرضيك.
- اللَّهُمَّ اجعل طرقنا مليئة برحمتك، وكن معنا في كل خطوة، واحفظ أعمالنا بالبركة والخير، وسددنا إلى كل ما تحب وترضى.
تنبيه هام حول الأدعية العامة
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس لمعانيها الحسنة، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وجامعة لكل خير.
أدعية للتوفيق في الدراسة والعمل
يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من الأدعية التي تناسب حاجته، كطلب التوفيق في الدراسة أو العمل، ومن الصيغ العامة المناسبة في هذا السياق:
- اللَّهُمَّ يا مُيَسِّرَ كل عسير، أسألك أن تُيَسِّرَ لنا طرق النجاح، وتغمرنا برحمتك في كل مسعى نسير فيه.
- اللَّهُمَّ لا تحرمنا فرحة النجاح الذي يُقرّبنا منك، ويزيدنا سعادة ورضا.
- يا رب، ارزقنا السداد في كل خطوة، وامنُن علينا بنجاحات تجعل طريقنا مُضيئًا بالخير.
- اللَّهُمَّ افتح لي في هذا الصباح أبواب كرمك ورحمتك، ووسع رزقي، وهيئ لي أسباب التوفيق في كل أمر.
- اللَّهُمَّ أعني على أداء عملي بإخلاص وجد واجتهاد، واجعله خالصاً لوجهك الكريم.
- اللَّهُمَّ أغنني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، وبارك لي في وقتي وصحتي وعملي.
أدعية صباحية لطلب البركة في الرزق
طلب الرزق الحلال والبركة فيه من أهم ما يدعو به المسلم في صباحه، ومن الأدعية العامة في هذا الباب:
- اللَّهُمَّ اجعل نهاري مشرقًا بنورك، واملأ يومي بالخير، ووسع لي في رزقي بكرمك يا أكرم الأكرمين.
- يا رب، أبعد عني كل شر، واحمني برعايتك من سوء الأقدار، ومن كل مكروه.
- اللَّهُمَّ ارزقني الحكمة والبصيرة التي تقودني إلى طريق الحق والخير في كل قراراتي.
- يا رب، امنحني التيسير في كل شؤوني، وارزقني النجاح الذي يرضيك عني.
- اللَّهُمَّ ارزقنا رزقًا حلالًا طيبًا، وعلمًا نافعًا، وعملًا متقبلًا.
- يا رب، اجعلني شاكرًا لنعمك، ذاكرًا لفضلك، مخلصًا في عبادتك.
إن الابتهال إلى الله مع إشراقة كل صباح يمنح المسلم قوة روحية، ويعينه على استحضار معية الله في كل أعماله، ويجعل يومه مباركًا في حفظ الرحمن ورعايته هو وأهله وأحبته.
المصادر والمراجع
- صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2723، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 5074، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل وقت لأذكار الصباح؟
يبدأ وقت أذكار الصباح من طلوع الفجر وينتهي بطلوع الشمس، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن وقتها يمتد إلى نهاية وقت الضحى (قبل الظهر بقليل)، والأفضل أداؤها في أول وقتها للمسارعة في الخير.
هل يجوز الدعاء بصيغ لم ترد في القرآن أو السنة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة كانت، بشرط ألا تحتوي على اعتداء في الدعاء أو إثم أو قطيعة رحم، وألا تكون من الأدعية المبتدعة المخصصة بفضل أو وقت أو عدد لم يرد به دليل، ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة هو الأفضل والأكمل.
ما هو فضل “سيد الاستغفار”؟
فضله عظيم جداً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ”، (رواه البخاري)
