دعاء الطواف في كل شوط للعمرة والحج

يُعَدُّ الطواف حول الكعبة المشرفة من أعظم أركان الحج والعمرة، وهو عبادة جليلة يُستحب فيها الإكثار من ذكر الله تعالى والتضرع إليه بالدعاء بخشوع وإخلاص، وقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على اغتنام هذا الوقت المبارك، إلا أنه من المهم معرفة أنه لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاء مخصص لكل شوط من أشواط الطواف السبعة، بل الأمر في ذلك واسع، فللمسلم أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ويسأل ربه المغفرة والرحمة، ويناجيه بحاجاته، سواء أكان ذلك بأدعية مأثورة من القرآن والسنة، أم بدعاء من قلبه يعبّر فيه عن افتقاره إلى الله.

والأصل في العبادات هو الاتباع، والخير كل الخير في هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يكثر من دعاء محدد في موضع معين من الطواف، وهو ما سنوضحه بالتفصيل.

الدعاء الثابت عن النبي ﷺ في الطواف

الثابت من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف هو الإكثار من دعاء واحد بين الركن اليماني والحجر الأسود في كل شوط من أشواط الطواف، وهذا الدعاء هو من أجمع الأدعية لخيري الدنيا والآخرة.

  • عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين الركنين:

    “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

    (رواه أبو داود، وحسنه الألباني)..

وهذا الدعاء هو آية من كتاب الله تعالى من سورة البقرة، الآية 201، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلتزمه في هذا الموضع تحديداً، مما يدل على فضله وأهميته.

أدعية جامعة من القرآن والسنة يُستحب الإكثار منها في الطواف

للمسلم أن يدعو بما شاء في سائر أجزاء الطواف، ومن أفضل ما يدعو به العبد هو ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية مباركة جامعة لمعاني الخير، وهذه بعض الأمثلة:

  • دعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة:

    “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ.”

    (جزء من حديث صحيح رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها)..

  • دعاء لطلب الهدى والتقى:

    “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى.”

    (حديث صحيح رواه مسلم)..

  • دعاء لطلب العفو والعافية:

    “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.”

    (حديث صحيح رواه الترمذي)..

  • دعاء من القرآن الكريم:

    “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ.”

    [آل عمران: 8]..

  • دعاء لطلب المغفرة:

    “رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.”

    [الأعراف: 23]..

أدعية الطواف المأثورة مكتوبة حول صورة للكعبة المشرفة

صيغ شائعة تُنسب لكل شوط من الطواف وحكمها الشرعي

ينتشر بين بعض الحجاج والمعتمرين تخصيص دعاء معين لكل شوط من أشواط الطواف السبعة، وهي صيغ جيدة في معانيها، ولكن تخصيصها بهذه الطريقة لم يرد به دليل شرعي، نذكرها هنا للعلم بها مع التنبيه على حكمها.

  • الشوط الأول: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي يُمْشَى بِهِ عَلَى ظُلَلِ الْمَاءِ كَمَا يُمْشَى بِهِ عَلَى جُدَدِ الْأَرْضِ…”.
  • الشوط الثاني: “اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا الْبَيْتَ بَيْتُكَ وَالْحَرَمَ حَرَمُكَ وَالْأَمْنَ أَمْنُكَ…”.
  • الشوط الثالث: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ…”.
  • الشوط الرابع: “اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا…”.
  • الشوط الخامس: “اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ…”.
  • الشوط السادس: “اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ حُقُوقًا كَثِيرَةً فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ…”.
  • الشوط السابع: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا كَامِلًا وَيَقِينًا صَادِقًا…”.

ما هو الحكم الشرعي لتخصيص دعاء لكل شوط؟

تنبيه هام: إن تخصيص كل شوط من أشواط الطواف بدعاء معين هو أمر لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه الكرام، الدعاء عبادة، والأصل فيها التوقيف والاتباع، والالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة هو الأولى والأكمل، وهو كافٍ ومبارك، أما هذه الأدعية المخصصة فهي من اجتهادات بعض الناس وتأليفهم، فلا ينبغي اعتقاد أنها سنة أو أن لها فضلاً خاصاً بهذا الترتيب، للمسلم أن يدعو بها أو بغيرها في أي شوط دون تخصيص أو اعتقاد بسنيّتها.

دعاء الطواف حول الكعبة مكتوب بخط جميل

الدعاء المأثور عند الوقوف على الصفا والمروة

على عكس الطواف، ورد في السنة النبوية الصحيحة أذكار وأدعية مخصصة تقال عند الصفا والمروة، فكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا دنا من الصفا قرأ:

“إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ…”

[البقرة: 158]

ثم يقول: “أبدأ بما بدأ الله به”، ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة، فيستقبلها، ويوحد الله ويكبره ويقول:

“اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ.”

ثم يدعو بين ذلك، ويقول مثل هذا ثلاث مرات، ويفعل على المروة كما فعل على الصفا، (من حديث جابر بن عبد الله الطويل في صفة حجة النبي ﷺ، رواه مسلم).

أما الدعاء أثناء السعي بين الصفا والمروة، فلم يثبت فيه دعاء مخصص، وللمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من خيري الدنيا والآخرة.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

هل يجب عليّ الالتزام بدعاء معين في كل شوط من الطواف؟

لا، لم يثبت في السنة النبوية ما يلزم الطائف بدعاء معين لكل شوط، الأمر واسع، والأفضل هو الإكثار من الذكر والدعاء بما تيسر، مع الحرص على الدعاء المأثور بين الركن اليماني والحجر الأسود.

ما هو أفضل دعاء يقال في الطواف؟

أفضل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف هو قوله بين الركن اليماني والحجر الأسود: “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، وفيما عدا ذلك، فكل دعاء من القرآن والسنة الصحيحة هو دعاء عظيم ومبارك.

هل يجوز لي قراءة الدعاء من ورقة أو من الهاتف أثناء الطواف؟

نعم، يجوز ذلك، خاصة لمن لا يحفظ الأدعية، ولكن الأولى والأفضل أن يدعو المسلم بما يحفظه وبما يخرج من قلبه، وأن يركز على الخشوع وحضور القلب في هذه العبادة العظيمة، فإن ذلك أدعى لقبول الدعاء.

ما البديل الصحيح للأدعية المخصصة لكل شوط؟

البديل الصحيح هو عدم تخصيص دعاء معين لشوط بعينه، يمكنك أن تقرأ القرآن، أو تسبح، أو تحمد، أو تكبر، أو تدعو بأي دعاء جامع من الأدعية المذكورة في هذا المقال أو غيرها من الأدعية الصحيحة في أي جزء من الطواف.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات