إنّ مرور الأيام والأعوام هو فرصة للمسلم لمراجعة علاقته بالله -عز وجل-، والإكثار من الدعاء والتوبة، فالدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه في كل وقت وحين، وليس في أوقات مخصوصة لم يرد بها دليل شرعي، وفيما يلي، نقدم محتوى شاملاً وموثوقاً حول الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها لطلب الخير في أيامه القادمة، مع بيان الحكم الشرعي المتعلق بتخصيص بداية العام بالدعاء.
ما حكم تخصيص بداية العام الجديد بالدعاء؟
من المهم التأكيد على أن الشريعة الإسلامية لم تخصص بداية العام الميلادي أو الهجري بأدعية أو عبادات معينة، إن تخصيص هذا الوقت بدعاء محدد باعتقاد أن له فضلاً خاصاً يُعد من الأمور المُحدثة التي لا أصل لها في هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عمل صحابته الكرام.
الدعاء عبادة عظيمة ومفتوحة في كل الأوقات، والمسلم مدعو للإكثار منه في السراء والضراء، ليلاً ونهاراً، لكن ربط الدعاء بمناسبة لم يأت بها الشرع هو ما يدخل في باب الابتداع، لذلك، فإن النهج الأسلم هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية من أدعية جامعة لخيري الدنيا والآخرة، والدعاء بها في كل وقت دون تخصيص.
أدعية صحيحة من القرآن والسنة لطلب الخير في كل وقت
الأدعية الواردة في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- هي خير ما يدعو به المسلم، فهي جامعة للمعاني، عظيمة الأثر، ومباركة، وهذه الأدعية كافية وشافية لطلب الخير في الدين والدنيا والآخرة.
1، الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة (من القرآن الكريم)
هذا الدعاء من أجمع الأدعية وأكثرها نفعاً، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الدعاء به.
“وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
المصدر: سورة البقرة، الآية 201.
2، دعاء صلاح الأمور كلها (من السنة النبوية)
دعاء عظيم يجمع صلاح الدين والدنيا والآخرة، وهو من الأدعية النبوية الثابتة التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها.
“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ”
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2720، (حديث صحيح).
صيغ وأدعية عامة لطلب الخير (يمكن الدعاء بها في كل وقت)
تنبيه هام: الصيغ التالية هي أدعية عامة مما يتداوله الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه كأدعية مخصصة لمناسبة معينة، يمكن للمسلم أن يدعو بها وبغيرها من الأدعية الطيبة في أي وقت، ولكن دون تخصيصها ببداية العام أو اعتقاد فضل خاص لها في هذا التوقيت، الأصل هو الالتزام بما ورد في القرآن والسنة، فهو الأعظم بركة والأولى بالاتباع.
أدعية عامة للنفس والأهل
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَيَّامَنَا الْقَادِمَةَ مُبَشِّرَةً بِالْخَيْرِ وَالْفَرَحِ، وَزَيِّنْهَا بِتَحْقِيقِ أُمْنِيَاتِنَا، وَاخْتِمْهَا بِرِضَاكَ عَنَّا يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
- يَا رَبِّ، نَسْأَلُكَ فِي أَيَّامِنَا الْمُقْبِلَةِ أَنْ تَغْمُرَ قُلُوبَنَا بِالسَّكِينَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ، وَأَنْ تَجْعَلَ ثِقَتَنَا بِكَ هِيَ أَسَاسَ كُلِّ خُطْوَةٍ نَخْطُوهَا.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَوْدِعُكَ أَهْلَنَا وَأَوْلَادَنَا، فَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَأَلْبِسْهُمْ لِبَاسَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاجْعَلْهُمْ قُرَّةَ عَيْنٍ لَنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
- رَبِّ، صُنْ أَبْنَاءَنَا مِنْ كُلِّ مَا يَضُرُّهُمْ، وَابْعِدْ عَنْهُمْ كُلَّ أَذًى وَبَلَاءٍ، وَوَجِّهْهُمْ لِيَكُونُوا عِبَادًا صَالِحِينَ، سَاعِينَ لِلْخَيْرِ أَيْنَمَا كَانُوا.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَيَّامِي الْقَادِمَةَ عُنْوَانُهَا “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ”، وَزَيِّنْهَا بِفَرْحَةِ “قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ”، وَاخْتِمْهَا بِأَنْ تَكُونَ “قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا”.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي بِقَدْرِ صِدْقِ نِيَّتِي وَنَقَاءِ سَرِيرَتِي، وَعَامِلْنِي بِرَحْمَتِكَ الَّتِي تَلِيقُ بِكَرَمِ عَطَائِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَضِيعَ جُهْدِي سُدًى.
أدعية للأحبة والأصدقاء
- اللَّهُمَّ إِنَّهُمُ الْأَحَبُّ إِلَى قَلْبِي، فَاحْفَظْهُمْ بِحِمَايَتِكَ، وَأَدِمِ السَّعَادَةَ عَلَى وُجُوهِهِمْ، وَالْخَيْرَ فِي حَيَاتِهِمْ، وَارْزُقْنَا دَوَامَ الْمَحَبَّةِ وَالْإِخْلَاصِ.
- رَبِّ، اجْعَلْ قُلُوبَ أَصْدِقَائِي مَلِيئَةً بِطُمَأْنِينَةِ عَفْوِكَ وَرَاحَةِ رِضَاكَ، وَاحْمِهِمْ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَابْعِدْ عَنْهُمُ الْهُمُومَ وَالْمَشَقَّةَ، وَاشْرَحْ صُدُورَهُمْ بِذِكْرِكَ.
- يَا رَبِّ، أَمْطِرْ حَيَاةَ أَصْحَابِي بِالْهَنَاءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ، وَافْتَحْ لَهُمْ أَبْوَابَ الْبَرَكَةِ وَالرِّزْقِ، وَاغْمُرْ قُلُوبَهُمْ بِسَعَادَةٍ تُغَطِّي كُلَّ أَحْزَانِهِمْ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَحِبَّتِي فِي أَطْيَبِ الْأَحْوَالِ وَأَتَمِّ الْعَافِيَةِ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي أَرْزَاقِهِمْ، وَافْتَحْ لَهُمْ أَبْوَابَ الْخَيْرِ وَالسَّعَادَةِ بِرَحْمَتِكَ الْوَاسِعَةِ.
- رَبَّنَا، اجْعَلْ وُجُوهَ أَحِبَّائِي مُشْرِقَةً بِالسَّعَادَةِ يَوْمَ الْحِسَابِ، وَأَسْكِنْ قُلُوبَهُمُ الطُّمَأْنِينَةَ، وَاجْعَلْ مَكَانَهُمْ بِجِوَارِ الصَّالِحِينَ فِي نَعِيمِكَ الْأَبَدِيِّ.
أدعية للوالدين
- يَا اللهُ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ أَنْ تُنْزِلَ عَلَى أُمِّي وَأَبِي كُلَّ خَيْرٍ وَسَعَادَةٍ وَرِضًا، وَأَنْ تَمْلَأَ حَيَاتَهُمَا بِالسَّكِينَةِ وَالسُّرُورِ وَرَاحَةِ الْبَالِ.
- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِوَالِدَيَّ وَارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا، وَأَفِضْ عَلَيْهِمَا مِنْ وَاسِعِ فَضْلِكَ صِحَّةً وَسَعَادَةً وَفَرَجًا فِي الدُّنْيَا، وَاجْعَلْ مَنْزِلَهُمَا يَوْمَ لِقَائِكَ مِنْ أَطْيَبِ الْمَنَازِلِ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَبْرَ مَنْ مَاتَ مِنْ وَالِدَيَّ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَلَا تَجْعَلْهُ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النَّارِ، وَأَنْزِلْ عَلَيْهِمَا نُورًا وَفُسْحَةً وَسُرُورًا.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- صحيح مسلم، حديث رقم 2720، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
هل دعاء بداية العام الجديد بدعة؟
نعم، إن تخصيص بداية العام (الميلادي أو الهجري) بدعاء معين أو احتفال باعتقاد أن له فضلاً خاصاً هو من البدع المحدثة، أما الدعاء بشكل عام لطلب الخير في الأيام القادمة فهو مشروع في كل وقت وحين دون ربطه بمناسبة معينة.
ما هو أفضل دعاء لطلب الخير في المستقبل؟
أفضل الأدعية هي ما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
(البقرة: 201)، ودعاء:
“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي…”
(صحيح مسلم: 2720)، لأنها أدعية جامعة ومباركة.
هل تجوز التهنئة بالعام الميلادي الجديد؟
اختلف العلماء في حكم التهنئة بالعام الميلادي الجديد، كثير من أهل العلم يرى أنها غير جائزة لأنها من التشبه بغير المسلمين في شعائرهم وأعيادهم، بينما يرى آخرون جوازها على أنها من أمور العادات لا العبادات، بشرط ألا تتضمن أي محاذير شرعية، والأولى والأحوط للمسلم تركها والابتعاد عن مواطن الشبهات.

