يحرص المسلمون على الإكثار من الدعاء والعمل الصالح في العشر الأوائل من ذي الحجة، لما لها من فضل عظيم ومكانة رفيعة في الإسلام، فهذه الأيام أقسم الله بها في كتابه الكريم لعظمتها، حيث قال تعالى:

“وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)” [الفجر: 1-2]

، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح فيها أحب إلى الله من غيرها من الأيام، مما يجعلها موسمًا استثنائيًا للطاعة والتقرب إلى الله.

في هذه الأيام المباركة، تتضاعف الأجور وتتنزل الرحمات، ويجتمع فيها أمهات العبادات، وتبلغ ذروتها في يوم عرفة، الذي يُعد من أعظم أيام الله، حيث تُغفر الذنوب وتُعتق الرقاب من النار، لذا، يُستحب للمسلم أن يغتنم هذه الفرصة بالإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار، راجيًا من الله القبول والمغفرة.

أدعية وذكر ثابت من القرآن والسنة للعشر من ذي الحجة

الأصل في العبادة هو الاتباع، وخير ما يدعو به المسلم ويتعبد به في هذه الأيام الفاضلة هو ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الكافية والشافية والمباركة.

1، أفضل الذكر في هذه الأيام

يُستحب الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد، لما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ”، (رواه أحمد، وصحح إسناده أحمد شاكر).

• التهليل: لا إله إلا الله.
• التكبير: الله أكبر.
• التحميد: الحمد لله.

2، أدعية جامعة من القرآن الكريم

من الأدعية القرآنية الجامعة التي يُحسن الدعاء بها في كل وقت، وخاصة في هذه الأيام المباركة:

• دعاء طلب خيري الدنيا والآخرة:
  

  “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، [البقرة: 201]

  .

• دعاء الثبات على الدين:
  

  “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”، [آل عمران: 8]

  .

3، أدعية مأثورة من السنة النبوية

هناك العديد من الأدعية الصحيحة التي يمكن للمسلم أن يُكثر منها في هذه الأيام:

• دعاء يوم عرفة (وهو خير الدعاء):
  

  “خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، (رواه الترمذي، حديث حسن).

  .

• دعاء طلب العفو والعافية:
  

  “اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”، (رواه الترمذي، حديث صحيح).

  وهو من الأدعية الجامعة التي يُستحب الإكثار منها دائمًا.

• الدعاء بجوامع الكلم:
  

  “اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ”، (رواه مسلم).

  .

أدعية عامة يمكن الدعاء بها في هذه الأيام المباركة

يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، وأن يناجي ربه بأسلوبه وبما في قلبه، فالأمر في ذلك واسع، وهذه بعض الصيغ العامة التي يمكن الاستئناس بها للدعاء للنفس والأهل والأحبة:

• اللَّهُمَّ يَا وَاسِعَ الرَّحْمَةِ، يَا كَرِيمَ الْعَطَاءِ، نَسْأَلُكَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ رَحْمَةً تَغْمُرُ قُلُوبَنَا، وَهِدَايَةً تُسَدِّدُ خُطَانَا، وَمَغْفِرَةً تَمْحُو ذُنُوبَنَا.
• رَبَّنَا، تَقَبَّلْ مِنَّا أَعْمَالَنَا، وَاسْتُرْ عُيُوبَنَا، وَأَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ.
• اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ عَلَى طَاعَتِكَ، وَأَنْ تَمْلَأَ قُلُوبَنَا بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَأَنْ تُوَفِّقَنَا لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ.
• اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وَلَا تَقْبِضْ أَرْوَاحَنَا إِلَّا وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
• يَا رَبِّ، بِحَقِّ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ، اجْعَلْنَا مِنَ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ حَقَّ التَّوَكُّلِ، وَأَغْنِنَا بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، وَلَا تَجْعَلْ حَاجَتَنَا إِلَّا إِلَيْكَ.

دعاء للأم في العشر الأوائل من ذي الحجة

الدعاء للوالدين من أعظم صور البر، خاصة في الأوقات الفاضلة، وهذه بعض الصيغ للدعاء للأم:

• اللَّهُمَّ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ، احْفَظْ أُمِّي بِحِفْظِكَ، وَأَلْبِسْهَا ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَأَطِلْ فِي عُمْرِهَا عَلَى طَاعَتِكَ، وَارْزُقْهَا السَّعَادَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
• يَا رَبِّ، أُمِّي هِيَ أَعْظَمُ عَطَايَاكَ لِي، فَاكْرِمْهَا بِجَزِيلِ كَرَمِكَ، وَعَوِّضْهَا عَنْ كُلِّ تَعَبٍ رَاحَةً وَطُمَأْنِينَةً، وَارْزُقْهَا الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى مِنَ الْجَنَّةِ.

تنبيه هام: الأدعية المذكورة في هذا القسم هي صيغ دعاء عامة، ولم تثبت بخصوصها نصوص شرعية محددة لهذه الأيام، الدعاء عبادة، والأفضل هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة، مع إمكانية أن يدعو المسلم بما يفتح الله عليه من حاجاته الخاصة.

حكم تخصيص العشر الأوائل بأدعية معينة

لم يرد في السنة النبوية المطهرة تخصيص كل يوم من أيام العشر بدعاء معين، أو عبادة محددة لم ترد في الشرع، بل المشروع هو الإكثار من عموم الأعمال الصالحة كالصيام (لغير الحاج)، والصدقة، وقراءة القرآن، والذكر المطلق كالتكبير والتهليل والتحميد، والدعاء بخيري الدنيا والآخرة دون تحديد صيغ لم ترد بها السنة.

صور أدعية للعشر الأوائل من ذي الحجة

يُعد تبادل الصور التي تحمل أدعية وعبارات إيمانية وسيلة طيبة للتذكير بفضل هذه الأيام وحث الناس على اغتنامها.

في هذه الأيام العظيمة، يُقبل المسلمون على الطاعات ويحرصون على الدعاء والتوسل إلى الله، فهي فرصة ثمينة للقرب منه ونيل رضاه، إن تبادل الأدعية المكتوبة والمصورة يعكس روح التآخي بين المسلمين ويُحفّز على استغلال هذه الأيام المباركة فيما يُرضي الله عزّ وجلّ.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة حول أدعية عشر ذي الحجة

ما هو أفضل الذكر في عشر ذي الحجة؟

أفضل الذكر هو الإكثار من التكبير (“الله أكبر”)، والتهليل (“لا إله إلا الله”)، والتحميد (“الحمد لله”)، استنادًا للحديث النبوي الصحيح الذي يحث على ذلك.

هل هناك دعاء محدد لكل يوم من أيام العشر؟

لا، لم يثبت في السنة النبوية دعاء خاص لكل يوم، المشروع هو الإكثار من الدعاء بشكل عام بما ورد في القرآن والسنة، وبما يحتاجه المسلم من أمور دينه ودنياه.

ما هو فضل الدعاء في يوم عرفة؟

الدعاء في يوم عرفة هو خير الدعاء، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يوم عظيم تُرجى فيه إجابة الدعوات، ومغفرة الذنوب، والعتق من النار، ويُستحب الإكثار فيه من الدعاء والذكر، وخاصة قول: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر