دعاء الغنى وذهاب الفقر ؛ اللهم اكفني بحلالك عن حرامك

إنَّ قضية الرزق من القضايا المحورية في حياة الإنسان، وقد بيّن الإسلام أن الرزق بيد الله وحده، فهو الرزاق ذو القوة المتين، ويُواجه المسلم تحديات الحياة، ومنها ضيق الحال أو الفقر، بالجمع بين أمرين عظيمين: السعي الجاد والعمل الدؤوب في طلب الرزق الحلال، والتوجه الصادق إلى الله تعالى بالدعاء، فهو سبحانه القادر على تبديل الحال وتيسير الأسباب.

الرزق الحلال نعمةٌ عظيمة يبارك الله فيها، فتمتد بركتها لتشمل المال والوقت والأسرة، وتمنح صاحبها طمأنينة وراحة بال، وتُغنيه عن الحاجة إلى سؤال الناس، وفي هذا المقال، نستعرض أدعية صحيحة من القرآن والسنة لطلب الرزق والغنى، ونوضح حكم بعض الصيغ المنتشرة بين الناس.

أدعية من القرآن الكريم لطلب الرزق والخير

القرآن الكريم هو كلام الله، والدعاء بآياته من أعظم القربات، وهذه بعض الأدعية القرآنية المباركة التي تشمل طلب خيرَي الدنيا والآخرة، ومن ضمنها الرزق الواسع:

  • دعاء نبي الله موسى عليه السلام: وهو دعاء جامع لطلب الخير، يُقال عند الشعور بالفقر والحاجة إلى فضل الله.

    “رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”

    المصدر: [سورة القصص: 24].

  • الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة: وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم، ويشمل طلب “الحسنة” في الدنيا، ومنها الرزق الحلال الطيب.

    “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

    المصدر: [سورة البقرة: 201].

أدعية من السنة النبوية الصحيحة للغنى ودفع الفقر

أرشدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أدعية جامعة ومباركة، فيها طلبٌ للغنى بالله عن خلقه، والتعوذ من أسباب الفقر والدَّين.

  • دعاء قضاء الدَّين وطلب الغنى: أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال له: “ألا أعلمك كلمات لو كان عليك مثل جبل صير دينًا أداه الله عنك؟ قل:”

    “اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”

    المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن.

  • دعاء التعوذ من الدَّين وغلبة الرجال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء، وهو استعاذة جامعة من الهموم التي تؤدي إلى ضيق الرزق.

    “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”

    المصدر: صحيح البخاري.

دعاء مكتوب لطلب الرزق والغنى ودفع الفقر من السنة النبوية

أمثلة على صيغ وأدعية عامة منتشرة لطلب الرزق

يتداول بعض الناس صيغًا للدعاء بألفاظ ومعانٍ طيبة لطلب الرزق والغنى، ورغم أن الدعاء بأي صيغة لا تخالف الشرع جائز من حيث الأصل، إلا أنه لا يجوز نسبتها إلى السنة النبوية أو تخصيص فضل معين لها لم يرد به دليل، ومن هذه الصيغ المنتشرة:

  • اللهم يا واسع العطاء ويا كريم الفضل، أسألك الهداية والتقوى والعفاف والغنى، وأرجوك يا الله أن ترزقني راحة البال وعيشة طيبة، اللهم يا علام الغيوب، امنحني رزقًا حلالًا طيبًا ببركتك، وبارك لنا في أرزاقنا ووسع علينا.
  • يا مالك الملك، نسألك أن توفقنا لكل خير، وتشملنا برزقك الطيب، اللهم افتح لنا أبواب فضلك، وزين قلوبنا بالإيمان، وأبعد عنا كل ضيق وشتات حال، وثبت قلوبنا على طاعتك.
  • اللهم إني أسألك حاجتي بأن تكفيني بحلالك عن حرامك، وتغنني بفضلك عمن سواك، اللهم اجعل ذريتي صالحة وبارك لي فيها، واكتب لي التوفيق في طاعتك ومرضاتك، واجعلني من الشاكرين الراضين بما قسمت لي.
  • يا أكرم من سئل، أفض عليّ رزقًا مباركًا من خزائنك التي لا تنفد، وارزقني من حيث لا أحتسب، اللهم اجبر خواطرنا، وامنحنا السعادة في قلوبنا، وادفع عنا البلاء والهم، وقرب إلى حياتنا كل خير.

تنبيه هام وحكم الأدعية المنتشرة وغير الثابتة

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، وفيها الخير كله، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ طيبة المعنى، بشرط ألا يعتقد أن لها فضلًا خاصًا أو ينسبها للدين.

الدعاء مع الأخذ بالأسباب

من المهم أن يجمع المسلم بين الدعاء والعمل، فطلب الرزق لا يقتصر على رفع الأيدي، بل يتطلب السعي في مناكب الأرض، والعمل بإتقان، والبحث عن أبواب الرزق الحلال، فالله تعالى أمرنا بالعمل كما أمرنا بالدعاء، فقال تعالى:

“هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”

[الملك: 15].

كما أن الصدقة والإنفاق في سبيل الله من أعظم أسباب البركة في الرزق وزيادته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ”

(صحيح مسلم)، فالبركة تحلّ في حياة من ينفق مما رزقه الله، ويزداد ماله ولا ينقص.

أهمية الجمع بين الدعاء والعمل لجلب الرزق الحلال

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

ما هو أفضل دعاء للرزق؟

الأدعية المأثورة من القرآن والسنة هي الأفضل والأكثر بركة، مثل دعاء: “اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”، ودعاء: “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” لأنه دعاء جامع لكل خير.

هل يجوز الدعاء بصيغ لم ترد في السنة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من الأدعية الطيبة التي ليس فيها اعتداء أو مخالفة شرعية، ولكن لا يجوز أن ينسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو يعتقد أن لها فضيلة خاصة لم ترد في الشرع.

هل الدعاء وحده كافٍ لجلب الرزق؟

الدعاء ركن أساسي، ولكنه يجب أن يقترن بالأخذ بالأسباب، فالمسلم مأمور بالعمل والسعي والبحث عن الرزق الحلال، مع التوكل على الله وإحسان الظن به، فالله هو الذي يبارك في السعي ويفتح أبواب الرزق.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات