دعاء فك الكرب وتفريج الهم وتيسير الأمور الصعبة مكتوب

 

الحياة الدنيا دار ابتلاء، والمشقة جزء من طبيعتها التي قدرها الله على عباده، قال تعالى في محكم التنزيل:

“إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا” [المعارج: 19-20]

، وهذه الآيات تصف ما يعتري الإنسان من جزع عند المصائب، ولكن الله برحمته لم يترك عباده، بل شرع لهم ما يثبّت قلوبهم ويفرّج كروبهم، وعلى رأس ذلك الدعاء واللجوء إليه بصدق ويقين.

أدعية صحيحة من القرآن والسنة لفك الكرب والهم

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الكفاية والخير، ومن هذه الأدعية الصحيحة الثابتة:

  • دعاء الكرب: عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب:

    “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”

    ، (المصدر: صحيح البخاري وصحيح مسلم).

  • دعاء إزالة الهم والحزن: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول:

    “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”

    ، (المصدر: صحيح البخاري).

  • دعاء من أصابه هم أو حزن: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

    “مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا”

    ، (المصدر: مسند أحمد، وصححه الألباني).

  • دعاء المكروب: عن أبي بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “دعوات المكروب”:

    “اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”

    ، (المصدر: سنن أبي داود، حديث حسن).

  • دعاء ذي النون (يونس عليه السلام): وهو من أعظم الأدعية لتفريج الكروب، قال تعالى:

    “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87]

    ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”، (المصدر: سنن الترمذي، حديث صحيح).

نصوص أدعية مأثورة لفك الكرب والهم مكتوبة بخط جميل

أدعية مأثورة وصيغ عامة لتفريج الهم

إلى جانب الأدعية الثابتة في القرآن والسنة، هناك صيغ وأدعية مأثورة عن بعض السلف الصالح، أو أدعية عامة ذات معنى صحيح، يمكن للمسلم أن يدعو بها، ومن أمثلة ذلك:

  • “اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إِلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي؟ أَمْ إِلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَكَ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سَخَطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ”، (يُنسب هذا الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الطائف، ولكن سنده ضعيف جداً، وإن كان معناه صحيحاً).
  • “يَا وَدُودُ، يَا ذَا الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، يَا فَعَّالُ لِمَا تُرِيدُ، أَسْأَلُكَ بِعِزِّكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَمُلْكِكَ الَّذِي لَا يُضَامُ، وَبِنُورِكَ الَّذِي مَلَأَ أَرْكَانَ عَرْشِكَ، أَنْ تَكْفِيَنِي شَرَّ (كَذَا وَكَذَا)، يَا مُغِيثُ أَغِثْنِي، يَا مُغِيثُ أَغِثْنِي، يَا مُغِيثُ أَغِثْنِي”، (هذا الدعاء أثر مروي عن أحد التابعين، وليس حديثاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم).
  • “اللَّهُمَّ يَا مُيَسِّرَ كُلِّ عَسِيرٍ، وَيَا جَابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ، وَيَا صَاحِبَ كُلِّ فَرِيدٍ، وَيَا مُغْنِيَ كُلِّ فَقِيرٍ، وَيَا مُقَوِّيَ كُلِّ ضَعِيفٍ، وَيَا مَأْمَنَ كُلِّ خَائِفٍ، يَسِّرْ عَلَيْنَا كُلَّ عَسِيرٍ، فَتَيْسِيرُ الْعَسِيرِ عَلَيْكَ يَسِيرٌ”.

تنبيه هام: هذه الصيغ وغيرها مما يتداوله الناس، منها ما هو مأثور عن السلف ومنها ما هو من إنشاء الصالحين، الدعاء بها جائز إذا كان معناها صحيحًا ولا يخالف الشرع، ولكن لا يجوز نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو اعتقاد فضل خاص لها لم يرد به دليل، والأكمل والأفضل دائمًا هو الالتزام بالأدعية الثابتة في القرآن والسنة الصحيحة، فهي كافية وشافية ومباركة.

وسائل شرعية لعلاج الهم والحزن

إلى جانب الدعاء، أرشدنا الشرع إلى وسائل عملية تساهم في تحقيق الطمأنينة وعلاج الهم، منها:

  • الالتزام بطاعة الله: إن فعل الطاعات واجتناب المعاصي هو السبب الأعظم لراحة القلب وسكينته، فالطاعة تجلب رضوان الله، ورضوانه يملأ القلب نورًا وسرورًا.
  • الإكثار من ذكر الله: المداومة على ذكر الله، وخاصة قراءة القرآن الكريم بتدبر، تزرع في النفس الطمأنينة، قال تعالى:.

“الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” [الرعد: 28]

  • الإكثار من الصلاة على النبي: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم أسباب تفريج الهموم وغفران الذنوب، كما ورد في حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه، (المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن).
  • الدعاء في أوقات الإجابة: تحري أوقات إجابة الدعاء، كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، يزيد من رجاء القبول وتفريج الكروب.

دعاء تفريج الهم والكرب الشديد مكتوب على خلفية إسلامية

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

ما هو أفضل دعاء لفك الكرب الشديد؟

كل الأدعية الواردة في القرآن والسنة الصحيحة عظيمة، ولكن “دعاء الكرب” (لا إله إلا الله العظيم الحليم…) ودعاء يونس عليه السلام (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) لهما فضل خاص ومكانة عظيمة في تفريج الشدائد بإذن الله.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لم ترد في السنة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ وأدعية، بشرط أن يكون معناها صحيحًا ولا تحتوي على اعتداء في الدعاء أو مخالفة شرعية، ولكن يبقى الأفضل والأكمل هو الدعاء بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ما هو الوقت الأفضل للدعاء لتفريج الهم؟

الدعاء مشروع في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وأثناء السجود في الصلاة، ويوم الجمعة، وبين الأذان والإقامة، الإلحاح على الله في هذه الأوقات من أعظم أسباب الاستجابة.

 

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات