إنّ المرض ابتلاءٌ من الله تعالى، يختبر به صبر عباده ويرفع به درجاتهم ويكفّر عنهم سيئاتهم، وفي هذه الأوقات، يظهر ضعف الإنسان وحاجته لخالقه، فيلجأ إليه بالدعاء الذي هو مخ العبادة، طالباً الشفاء والعافية لمن أصابه السقم، الدعاء للمريض من أعظم ما يُقدَّم له، فهو سلاح المؤمن الذي يستعين به على مصائب الدنيا.
أدعية ثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة مباركة، ومنها:
- دعاء نبي الله أيوب عليه السلام: وهو من أعظم الأدعية في طلب كشف الضر.
“أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ” [الأنبياء: 83].
.
 - الدعاء النبوي العام للشفاء: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضاً يدعو له بهذا الدعاء.
“اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ البَأْسَ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا” (متفق عليه).
.
 - الرقية الشرعية عند الشعور بالألم: يُسن للمريض أن يضع يده على موضع الألم ويدعو بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: “بِاسْمِ اللهِ” ثلاثًا، وقل سبع مرات: “أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ” (رواه مسلم).
.
 
صيغ وأدعية عامة لشفاء المريض
إلى جانب الأدعية المأثورة، يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ طيبة تحمل معاني صحيحة، ما لم تتضمن اعتداءً في الدعاء، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها للمريض:
- اللَّهُمَّ اشْفِ كُلَّ مَرِيضٍ أَتْعَبَهُ الْوَجَعُ، وَأَثْقَلَهُ الْمَرَضُ، وَأَلْبِسْهُ ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
 - اللَّهُمَّ يَا مُنْزِلَ الشِّفَاءِ، وَيَا رَافِعَ الْبَلاءِ، وَيَا مُجِيبَ الدُّعَاءِ، نَسْأَلُكَ أَنْ تَشْفِيَ مَرْضَانَا وَمَرْضَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ تَرْفَعَ عَنْهُمْ مَا هُمْ فِيهِ.
 - اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْعَافِيَةَ تَسْرِي فِي جَسَدِهِ، وَأَنْزِلْ عَلَيْهِ سَكِينَةً مِنْ عِنْدِكَ تُطَمْئِنُ قَلْبَهُ، وَخَفِّفْ عَنْهُ كُلَّ أَلَمٍ يَشْعُرُ بِهِ.
 - رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ، اللَّهُمَّ اشْفِهِ بِدَوَائِكَ، وَدَاوِهِ بِشِفَائِكَ، وَأَغْنِهِ بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.
 
تنبيه هام: هذه الصيغ هي من الأدعية العامة التي يجوز الدعاء بها لمعناها الصحيح، والأفضل والأكمل هو الحرص على الأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أجمع للخير وأعظم في البركة.
أسباب شرعية يُرجى بها الشفاء
إلى جانب العلاج الطبي، هناك أعمال صالحة يتقرب بها العبد إلى ربه، وتكون سبباً في قبول الدعاء ونزول الشفاء بإذن الله، وهذه الأعمال ليست علاجاً بديلاً، بل هي أسباب روحية تعزز تعلق القلب بالله:
- الصدقة: إنّ بذل الصدقة بنية شفاء المريض من أعظم القربات، فهي تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء، وهي من أسباب تفريج الكروب.
 - قيام الليل: الدعاء في جوف الليل، خاصة في الثلث الأخير، من أوقات إجابة الدعاء، حيث ينزل ربنا إلى السماء الدنيا فيقول: “هل من داعٍ فأستجيب له؟”.
 - الإكثار من ذكر الله والاستغفار: ذكر الله يورث طمأنينة القلب، والاستغفار سبب في نزول الرحمات وكشف الكروب، كما قال تعالى:
“وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” [الأنفال: 33].
.
 - تلاوة القرآن الكريم: القرآن شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، قراءته على المريض أو على ماءٍ ليشربه من أسباب الشفاء المباركة.
 
دعاء اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين
إن من رحمة الإسلام أن جعل المسلمين جسداً واحداً، يتألم بعضهم لألم بعض، والدعاء للمرضى بصفة عامة هو من حقوق المسلم على أخيه، وفيه إظهار للمحبة والتراحم، ومن الأدعية الجامعة في هذا الباب:
- اللَّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، اشْفِ مَرْضَانَا وَمَرْضَى الْمُسْلِمِينَ، وَارْحَمْ مَوْتَانَا وَمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، وَعَافِ كُلَّ مُبْتَلًى مِنْ عِبَادِكَ يَا كَرِيمُ.
 - اللَّهُمَّ يَا شَافِي، يَا كَافِي، يَا مُعَافِي، اشْفِ عِبَادَكَ الَّذِينَ يُعَانُونَ مِنَ الأَسْقَامِ، وَأَفْرِغْ عَلَيْهِمْ صَبْرًا، وَاجْعَلْ مَا أَصَابَهُمْ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِمْ وَرِفْعَةً فِي دَرَجَاتِهِمْ.
 
تحري أوقات الإجابة: الدعاء للمريض يوم الجمعة
يوم الجمعة يوم مبارك، فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه، لذا، يُستحب الإكثار من الدعاء في هذا اليوم، خاصة للمرضى، ومن الأدعية المناسبة:
- اللَّهُمَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، نَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، أَنْ تُنْزِلَ شِفَاءَكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى كُلِّ مَرِيضٍ يَتَأَلَّمُ، اللَّهُمَّ عَجِّلْ بِشِفَائِهِ وَأَعِدْ إِلَيْهِ عَافِيَتَهُ.
 - يَا رَبِّ، فِي هَذِهِ السَّاعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ أَنْ تَلْطُفَ بِحَالِ مَرْضَانَا، وَأَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قُلُوبِهِمْ وَشِفَاءَ أَسْقَامِهِمْ.
 
إنّ الدعاء للمريض بظهر الغيب من أعظم الهدايا، فهو دليل صدق المحبة، وسبب لنيل الداعي مثل ما دعا به لأخيه، حيث يؤمّن الملك على دعائه ويقول: “ولك بمثل”.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 83.
 - سورة الأنفال، الآية 33.
 - حديث “اللهم رب الناس…”، (متفق عليه: رواه البخاري رقم 5743، ومسلم رقم 2191)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “أعوذ بالله وقدرته…”، (رواه مسلم، حديث رقم 2202)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 
أسئلة شائعة حول الدعاء للمريض
- ما هو أفضل دعاء للمريض من السنة النبوية؟
 - من أفضل الأدعية وأصحها هو قول: “اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ البَأْسَ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا”، لثبوته في الصحيحين وشمول معناه.
 - هل يجوز الدعاء للمريض بصيغ عامة غير مأثورة؟
 - نعم، يجوز الدعاء بأي صيغة تحمل معنى صحيحاً ولا تحتوي على محظور شرعي، كطلب الشفاء والعافية والرحمة، ولكن الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل.
 - ما هو الوقت الأفضل للدعاء للمريض؟
 - الدعاء مشروع في كل وقت، ولكنه أرجى للقبول في أوقات وأحوال معينة، مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة.
 
		
