يواجه الإنسان في رحلة حياته تحديات مختلفة، منها ما يتعلق بالتعامل مع أشخاص قد يحملون في نفوسهم نوايا غير طيبة، كالحسد أو الحقد، وفي هذه المواقف، يجد المسلم في اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء ملاذاً آمناً ومصدراً للطمأنينة، إيماناً منه بأن الله هو الحافظ والكافي، وهو خير من يُستعان به لدفع الشرور وجلب الخير.

أدعية نبوية وقرآنية صحيحة للتحصين من الشرور

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي علمنا إياها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الأدعية العظيمة للتحصين والحماية:

1، دعاء الاستعاذة من شر الخلق

هذا الدعاء من أجمع الأدعية وأيسرها للحماية، وهو من الأذكار التي يُستحب المداومة عليها في الصباح والمساء وعند نزول أي مكان.

“أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ.”

• المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2709.
• الشرح: استجارة ولجوء كامل بأسماء الله وصفاته الكاملة التي لا نقص فيها، من شر جميع مخلوقاته التي قد يصدر منها أذى.

2، دعاء التحصين الشامل

كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم أصحابه هذا الدعاء ليقولوه إذا أصبحوا وإذا أمسوا، وهو دعاء عظيم يجمع الاستعاذة من شرور كثيرة.

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.”

• المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6369.
• الشرح: دعاء جامع يستعيذ فيه المسلم بالله من الهموم النفسية (الهم والحزن)، ومن المعوقات العملية (العجز والكسل)، ومن النقائص الأخلاقية (البخل والجبن)، ومن الأعباء المالية والاجتماعية (ثقل الدين وقهر الرجال).

3، دعاء قرآني لطلب النجاة من الظالمين

هذا الدعاء هو دعاء نبي الله موسى عليه السلام عندما خرج من مصر خائفاً يترقب، فتوجه إلى ربه طالباً النجاة.

“رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.”

• المصدر: سورة القصص، الآية 21.
• السياق: يُقال هذا الدعاء عند الشعور بالظلم أو الخوف من قوم يبيتون الشر، وهو طلب مباشر من الله للنجاة والحماية.

أدعية شائعة بصيغ عامة (للاستئناس بها)

تنتشر بين الناس بعض الصيغ الدعائية التي لم ترد بلفظها المحدد في السنة النبوية، ولكن معانيها صحيحة ولا تتعارض مع العقيدة الإسلامية، يمكن الدعاء بها على سبيل العموم دون اعتقاد أن لها فضلاً خاصاً أو أنها من السنة.

• اللَّهُمَّ اكْفِنِي شَرَّ خَلْقِكَ، وَابْعِدْ عَنِّي كُلَّ مَنْ يُضْمِرُ لِي سُوءًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ، وَاحْفَظْنِي مِنْ شُرُورِهِمْ وَأَذَاهُمْ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
• يَا رَبِّ اصْرِفْ عَنِّي السُّوءَ بِمَا شِئْتَ وَكَيْفَ شِئْتَ، وَاكْفِنِي شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وَاحْفَظْنِي بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ، اللَّهُمَّ رُدَّ كَيْدَهُمْ وَحَسَدَهُمْ وَحِقْدَهُمْ عَنِّي يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
• اللَّهُمَّ أَبْعِدْ عَنِّي كُلَّ مَنْ يُؤْذِينِي، وَكُلَّ مَنْ لا يَخَافُكَ فِيَّ، وَارْزُقْنِي السَّلامَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي.

تنبيه هام حول هذه الصيغ

تنبيه وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، وفيها الخير والبركة، والدعاء بهذه الصيغ العامة جائز طالما أن معناها صحيح، ولكن لا يجوز نسبتها إلى السنة أو اعتقاد فضل خاص لها.

ما حكم الدعاء بصيغ عامة لم ترد في السنة؟

أجمع العلماء على جواز أن يدعو المسلم بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، فالدعاء بصيغ مثل “اللهم اكفني شر خلقك” هو دعاء بمعنًى صحيح وجائز، لأنه طلب للحماية من الله تعالى، ولكن، يبقى الفضل والأولوية دائمًا للأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها جامعة للمعاني، ومباركة، وأبعد عن الخطأ والزلل.

فوائد وثمرات اللجوء إلى الله بالدعاء

الدعاء ليس مجرد كلمات، بل هو عبادة عظيمة لها آثار إيجابية عميقة على حياة المسلم، ومن أبرز فوائدها:

• تحقيق الطمأنينة والسكينة القلبية: عندما يلجأ العبد إلى ربه، يشعر بالأمان وأن له ركناً شديداً يأوي إليه، مصداقاً لقوله تعالى:
  

  “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”

  [الرعد: 28].

• تقوية الصلة بالله والتوكل عليه: المداومة على الدعاء تجعل العبد دائم الصلة بخالقه، وتُعمّق في قلبه معنى التوكل، حيث يفوّض أموره كلها لله ويعلم أن النفع والضر بيده وحده.
• الرضا بقضاء الله وقدره: الدعاء يعلّم المسلم التسليم لأمر الله، سواء استُجيب له بما طلب أو صُرف عنه من السوء ما هو أعظم، أو ادُّخر له أجره في الآخرة، مما يورثه الرضا والصبر.
• عبادة يُثاب عليها العبد: الدعاء في حد ذاته عبادة يؤجر عليها المسلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ”

  (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

• ما هو أفضل دعاء للحماية من شر الناس؟
  أفضل الأدعية هي ما وردت في السنة النبوية، ومن أجمعها وأقواها: “أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ”، والمداومة على أذكار الصباح والمساء والمعوذتين (سورتي الفلق والناس).
• هل دعاء “اللهم اكفني شر خلقك” صحيح؟
  معناه صحيح وجائز، وهو طلب للحماية من الله، لكنه لم يرد بهذا اللفظ تحديداً في حديث نبوي صحيح، لذلك، يُدعى به كدعاء عام دون نسبته للسنة، مع تفضيل الأدعية النبوية المأثورة.
• ما هي أفضل أوقات الدعاء لطلب الحماية؟
  يُستحب الدعاء في كل وقت، وتتأكد الإجابة في أوقات معينة مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، كما أن أذكار الصباح والمساء هي حصن للمسلم طوال يومه وليلته.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر