دعاء اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا

يُعد الدعاء من العبادات التي تُبرز عناية الإسلام بجميع تفاصيل حياة المسلم، ومن ذلك ما ورد في السنة النبوية الشريفة من توجيهات وآداب تتعلق بالعلاقة الزوجية، فالدعاء ليس مجرد كلمات، بل هو حصن للمسلم وذريته، وطلب للبركة من الله تعالى في كل شأن، ومن أهم هذه الأدعية ما يُقال قبل الجماع، والذي يعد اتباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

نص الدعاء الصحيح ومصدره من السنة النبوية

الدعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي يُستحب للزوج قوله قبل مباشرة أهله هو دعاء عظيم يحمل معاني البركة والحفظ، وقد ورد هذا الدعاء في أصح كتب السنة، مما يؤكد أهميته وفضله.

النص الكامل للدعاء بالتشكيل:

  • بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا.

    .

هذا الدعاء مخصص للحظة التي تسبق الجماع بين الزوجين، ويُستحب تكراره في كل مرة، طلبًا لحفظ النفس والنسل من الشيطان وتأثيره، وتحصيلاً للبركة من الله عز وجل.

نص دعاء اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا مكتوب بالتشكيل

صحة حديث “اللهم جنبنا الشيطان”

هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة الثابتة التي لا خلاف على صحتها، حيث رواه الشيخان في صحيحيهما، وهو ما يُعرف عند أهل العلم بالحديث “المتفق عليه”.

  • عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

    “لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا”.

    (رواه البخاري، حديث رقم 6388، ومسلم، حديث رقم 1434).

وروده في صحيح البخاري وصحيح مسلم يجعله في أعلى درجات الصحة، وهو دليل قاطع على مشروعيته وأهمية العمل به.

شرح معاني الدعاء المبارك

يحمل هذا الدعاء معانٍ جليلة تتعلق بالاستعاذة بالله والتوكل عليه في أخص اللحظات، وفيما يلي شرح موجز لمفرداته:

  • “اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ”: أي يا الله، أبعد عنا (الزوج والزوجة) الشيطان ووساوسه وتأثيره في هذا الفعل، واجعله خالصًا لوجهك الكريم، محفوفًا ببركتك.
  • “وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا”: هذا الجزء دعاء للذرية، فإذا قدر الله ورزق الزوجين ولدًا من هذا الجماع، فإنه دعاء بأن يحفظ الله هذا الولد ويقيه من تسلط الشيطان وأذاه، فينشأ في حفظ الله ورعايته، ويكون من عباد الله الصالحين الذين قال الله فيهم:

    “إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ”

    [الحجر: 42].

فضل دعاء الجماع وأثره في حفظ الذرية من الشيطان

الحكمة من مشروعية الدعاء قبل العلاقة الزوجية

تتجلى الحكمة من هذا الدعاء في الفائدة العظيمة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في ختام الحديث: “لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا”، وقد فسر العلماء هذه العبارة بعدة تفسيرات متكاملة:

  1. الحفظ من الإغواء والضلال: أن الله يحفظ هذا المولود من أن يتمكن الشيطان من إغوائه وإضلاله عن طريق الحق أو حمله على الكفر.
  2. الحفظ من المس والأذى الجسدي: أن الله يحفظه من مس الشيطان عند ولادته ومن الأمراض والأذى الذي قد يسببه الشيطان.
  3. الحفظ الشامل: أجمع العلماء على أن النفع يشمل الحماية في الدين والبدن، فيكون الولد محفوظًا بإذن الله من الفتن والمعاصي، ومحفوظًا كذلك من الأذى الجسدي.

كما أن ذكر الله في هذا الموطن الذي تغلب فيه الشهوة، هو دليل على صدق إيمان العبد وقوة صلته بربه، وحرصه على استحضار معيّة الله في كل أحواله.

حكم دعاء الجماع وهل هو واجب؟

حكم قول هذا الدعاء أنه سُنّة مستحبة، وليس واجبًا، من قاله اتباعًا للسنة ورجاءً لبركته فقد نال أجرًا عظيمًا وفضلًا كبيرًا، ومن نسيه أو تركه فلا إثم عليه.

والحرص على تطبيق هذه السنة هو من تمام الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد أمرنا الله تعالى بذلك في قوله:

“وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”

[الحشر: 7].

فإحياء مثل هذه السنن يجلب البركة ويحصّن النفس والذرية، وهو من أسباب صلاح البيوت واستقرارها.

الدعاء الصحيح عند الجماع بالتشكيل من السنة النبوية

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

هل يجوز للمرأة أن تقول دعاء “اللهم جنبنا الشيطان”؟

نعم، يُستحب للمرأة أن تقوله أيضًا، যদিও الخطاب في الحديث موجه للرجل (“لو أن أحدهم…”)، إلا أن المعنى يشمل الزوجين معًا، فالدعاء بطلب الحفظ والبركة يعود نفعه عليهما وعلى ذريتهما، فيستحب أن يقوله الرجل، ولا مانع من أن تردده المرأة في نفسها أيضًا.

ماذا أفعل إذا نسيت قول الدعاء قبل الجماع؟

لا يترتب أي إثم على من نسي قول الدعاء، لأنه سنة مستحبة وليس واجبًا، ولكن يفوته فضل عظيم وثواب اتباع السنة، والحماية المترتبة على هذا الدعاء، فإن تذكره في أي وقت، فليستغفر الله ويسأله الحفظ والبركة، ويعزم على ألا ينساه في المرات القادمة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات