دعاء الوضوء المستجاب للصلاة مكتوب كامل

يُعد الوضوء شرطًا أساسيًا لصحة الصلاة وعبادة عظيمة يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، ولكي يكتمل أجر هذه العبادة، حثّنا النبي صلى الله عليه وسلم على اتباع سنته فيها، ومن ذلك التسمية في أوله والدعاء بعده بما ورد في الأحاديث الصحيحة، في هذا المقال، نستعرض الأدعية الثابتة في الوضوء، وحكمها الشرعي، وفضلها، مع التنبيه على ما لم يثبت في هذا الباب.

الدعاء الوارد قبل الوضوء: التسمية وحكمها الشرعي

يتساءل كثير من المسلمين عن الذكر المشروع قبل البدء بالوضوء، وقد بيّن أهل العلم أن السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الاقتصار على التسمية بقول: “بِسْمِ اللهِ”.

نصوص الأحاديث في التسمية

وردت أهمية التسمية في عدد من الأحاديث النبوية، منها:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

    «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ»

    (رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وحسّنه جمع من أهل العلم).

  • عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وَضوءًا فلم يجدوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل مع أحد منكم ماء؟» فأُتي بماء فوضع يده في الإناء الذي فيه الماء، ثم قال:

    «تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللهِ»

    ، قال أنس: “فرأيتُ الماء يفور من بين أصابعه حتى توضئوا من عند آخرهم”، (رواه النسائي، وإسناده حسن).

شرح خطوات الوضوء الصحيحة بالترتيب

الحكم الفقهي للتسمية قبل الوضوء

اختلف الفقهاء في حكم التسمية بناءً على اختلافهم في درجة صحة الأحاديث الواردة فيها، ويمكن تلخيص آرائهم في قولين رئيسيين:

  • القول الأول: التسمية واجبة: وهو مذهب الحنابلة، واستدلوا بظاهر حديث: “لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه”، حيث إن النفي هنا يدل على نفي الصحة، وبناءً على هذا القول، من تركها عمدًا بطل وضوؤه، ومن تركها نسيانًا أو جهلاً صح وضوؤه.
  • القول الثاني: التسمية سنة مستحبة: وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والمالكية، ورأوا أن الأحاديث الواردة في وجوبها لا تخلو من مقال، واستدلوا بأدلة أخرى، منها:
    1. قول الله تعالى في آية الوضوء:

      “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ”

      [المائدة: 6]، حيث لم تُذكر التسمية ضمن أركان الوضوء الواجبة.

    2. الأحاديث الكثيرة التي وصفت وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من قِبَل الصحابة، ولم يذكر كثير منهم أنه كان يسمّي، ولو كانت واجبة لنُقلت نقلًا متواترًا.

والراجح لدى كثير من المحققين أن التسمية سنة مؤكدة يُستحب للمسلم ألا يتركها، خروجًا من الخلاف وعملاً بالأدلة كلها.

الدعاء الصحيح بعد الفراغ من الوضوء

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء عظيم الفضل يُقال بعد الانتهاء من الوضوء مباشرة، وقد ورد هذا الدعاء بصيغ صحيحة متعددة، يُستحب للمسلم أن يأتي بها جميعًا.

الصيغة الأساسية وفضلها العظيم

الصيغة الأساسية للدعاء هي ما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ -أَوْ فَيُسْبِغُ- الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ»

المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم (234).

هذا الحديث يبين الفضل العظيم للمحافظة على هذا الذكر اليسير، حيث يُكافأ قائله بفتح أبواب الجنة الثمانية له، تكريمًا من الله عز وجل.

رجل مسلم يدعو الله بعد الانتهاء من الوضوء

زيادات صحيحة على دعاء ما بعد الوضوء

وردت زيادتان صحيحتان على الدعاء السابق، يُستحب الإتيان بهما أيضًا:

  • الزيادة الأولى:

    «اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ»

    المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم (55)، وقد صحح هذه الزيادة الشيخ الألباني في صحيح الترمذي.

  • الزيادة الثانية:

    «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»

    المصدر: رواه النسائي في “عمل اليوم والليلة” والحاكم، وصححه الشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة”، وهذا الذكر هو كفارة المجلس أيضًا.

ملاحظة: يمكن للمسلم أن يقول الصيغة الأساسية منفردة، أو يجمع بينها وبين الزيادات الواردة، فكل ذلك خير وبركة.

أدعية شائعة لا أصل لها في الوضوء

ينتشر بين بعض الناس تخصيص دعاء معين عند غسل كل عضو من أعضاء الوضوء (كدعاء عند غسل الوجه، ودعاء عند غسل اليدين، وهكذا)، وهذه الأدعية لم يثبت فيها حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

تنبيه هام: هذه الأدعية المخصصة لكل عضو هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، والوارد هو التسمية في أول الوضوء، والشهادتان مع الأدعية الملحقة بها في آخره.

أحكام متعلقة بأدعية الوضوء

حكم التسمية والدعاء داخل الحمام

كثيرًا ما تكون أماكن الوضوء داخل دورات المياه، مما يثير تساؤلاً حول حكم ذكر الله فيها، وقد فصّل العلماء في ذلك:

  • التسمية (قبل الوضوء): أجاز أهل العلم، ومنهم الشيخ ابن باز رحمه الله، قول “بسم الله” داخل الحمام إذا كان مكان الوضوء فيه، وذلك لأن التسمية عند من يراها واجبة تسقط كراهة الذكر في هذا الموضع للحاجة، والأفضل أن يقولها في قلبه أو يتلفظ بها قبل دخول الحمام إن تيسر.
  • الدعاء (بعد الوضوء): أما دعاء ما بعد الوضوء، فالأفضل والأحوط بالاتفاق هو الخروج من الحمام وقوله خارجه، لأن الحمام ليس مكانًا لذكر الله والدعاء، ولأن هذا الدعاء ليس بواجب، فلا توجد ضرورة لقوله بالداخل.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هو الدعاء الصحيح الذي يقال قبل الوضوء؟

الدعاء الصحيح والثابت هو التسمية فقط، بقول: “بِسْمِ اللهِ”.

هل يجب قول “بسم الله” قبل الوضوء؟

اختلف العلماء في حكمها؛ فذهب جمهور الفقهاء إلى أنها سنة مستحبة، وذهب الحنابلة إلى أنها واجبة، والأحوط للمسلم ألا يتركها.

ما هو الدعاء الذي يقال بعد الوضوء؟

الدعاء الأساسي هو: “أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ”، ويُستحب أن يُضاف إليه: “اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ”، وكذلك: “سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ”.

هل يجوز الدعاء أثناء غسل أعضاء الوضوء؟

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بدعاء معين عند غسل كل عضو، السنة هي الاقتصار على التسمية في البداية والدعاء المأثور في النهاية.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات