دعاء اليوم الثالث والعشرين من رمضان 1447 (اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي فِيهِ مِنَ الذُّنُوبِ)

يُعَدُّ الاجتهاد في العبادة خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، وخصوصًا في الليالي الوترية، من أعظم القربات إلى الله تعالى، فهذه الأيام المباركة تمثل فرصة لا تُعوَّض، إذ يُتحرَّى فيها ليلة القدر، التي وصفها الله بأنها خيرٌ من ألف شهر، إن إحياء هذه الليالي بالصلاة، وتلاوة القرآن الكريم، والصدقة، والإكثار من الدعاء، يفتح للعبد أبواب الرحمة والمغفرة، ويضاعف له الأجر، ففي هذه الأوقات الشريفة، يتجلى كرم الله تعالى بقبول دعاء المخلصين والتائبين، وهي ميدان للتنافس في الخيرات وطلب العفو والرضوان.

أدعية قرآنية ونبوية صحيحة للعشر الأواخر من رمضان

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها الكفاية والبركة، ومن أعظم ما يُدعى به في هذه الليالي المباركة:

1، دعاء ليلة القدر المأثور

هو الدعاء الذي علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما سألته: “يا رسول الله، أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟”، قال:

“اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”

المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن صحيح.

2، دعاء تفريج الكروب وجلاء الهموم

هذا الدعاء من الأدعية النبوية العظيمة التي تُذهب الهم والغم، ويُستحب الإكثار منه في كل وقت، وخصوصًا في أوقات الإجابة.

“اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي”

المصدر: مسند الإمام أحمد، وصححه الألباني.

3، من جوامع الدعاء النبوي

كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الأدعية الجامعة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة في كلمات موجزة، ومنها:

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا”

المصدر: سنن ابن ماجه، حديث صحيح.

4، دعاء من القرآن الكريم

من أكثر الأدعية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها، وهو دعاء جامع لخير الدنيا والآخرة.

“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

المصدر: سورة البقرة، الآية 201.

أدعية العشر الأواخر من رمضان مكتوبة بخط جميل

صيغ شائعة تُنسب لليوم الثالث والعشرين من رمضان

تنتشر بين بعض الناس أدعية مخصصة لكل يوم من أيام رمضان، ومنها دعاء يُنسب لليوم الثالث والعشرين، وصيغته كالتالي:

  • “اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي فِيهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَطَهِّرْنِي فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ، وَامْتَحِنْ قَلْبِي فِيهِ بِتَقْوَى الْقُلُوبِ، يَا مُقِيلَ عَثَرَاتِ الْمُذْنِبِينَ”.

تنبيه هام وحكم تخصيص دعاء لكل يوم

تنبيه هام: هذه الصيغة المذكورة أعلاه، وما يُنسب إليها من فضل خاص (مثل المرور على الصراط كالبرق الخاطف)، هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه الكرام، الدعاء عبادة، والأصل فيها الاتباع والالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير.

وقد أجمع أهل العلم على أن تخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء معين لم يرد به دليل شرعي، وهو من الأمور المحدثة، والأولى بالمسلم أن يدعو بالأدعية المأثورة الجامعة، وأن يسأل الله من خيري الدنيا والآخرة بما يفتح الله عليه من الدعاء، دون تقييد بصيغة معينة لم تثبت.

أدعية عامة يُمكن الدعاء بها في كل وقت

بالإضافة إلى الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما في قلبه من حاجات وبصيغ عامة تجمع معاني الخير، ومن أمثلة ذلك:

  • اللَّهُمَّ اجعلنا من عتقائك من النار، واجعلنا من المقبولين الفائزين برضوانك والجنة.
  • اللَّهُمَّ ارزقنا إيمانًا صادقًا، ويقينًا ليس بعده كفر، ورحمةً ننال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة.
  • اللَّهُمَّ يا مُقلِّب القلوب، ثبِّت قلوبنا على دينك، ويا مُصرِّف القلوب، صرِّف قلوبنا على طاعتك.
  • اللَّهُمَّ أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
  • اللَّهُمَّ نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سخطك.

فضل الدعاء في ليلة القدر وأهمية الاجتهاد في العبادة

أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان

إلى جانب الدعاء، ينبغي للمسلم أن يغتنم هذه الأيام المباركة بمزيد من الطاعات والعبادات اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن أبرز هذه الأعمال:

  • إحياء الليل بالصلاة: الحرص على صلاة التراويح والتهجد (قيام الليل)، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم “إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله” (متفق عليه).
  • الإكثار من تلاوة القرآن: فرمضان هو شهر القرآن، وتلاوته بتدبر في هذه الليالي من أفضل الأعمال.
  • الصدقة والإحسان: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، للصدقة في هذه الأيام فضل عظيم وأجر مضاعف.
  • الذكر والاستغفار: المداومة على ذكر الله تعالى بالتسبيح والتحميد والتهليل، والإكثار من الاستغفار، خاصة في وقت السحر.
  • الاعتكاف: لمن استطاع، فهو سنة نبوية مؤكدة، وفيه انقطاع للعبادة وتفرغ للطاعة.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

ما هو أفضل دعاء في ليلة القدر؟

أفضل دعاء هو ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها:

“اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”

، وهو دعاء عظيم يطلب فيه العبد من ربه العفو، وهو أعلى من المغفرة، فالعفو محو للذنب وآثاره.

هل هناك دعاء مخصص لليلة 23 من رمضان؟

لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة تخصيص ليلة 23 أو أي ليلة أخرى من رمضان بدعاء معين، والصواب هو الاجتهاد في كل العشر الأواخر بالأدعية القرآنية والنبوية الجامعة، والدعاء بما يحتاجه المسلم من أمور دينه ودنياه.

ما هو البديل الصحيح للأدعية اليومية المنتشرة؟

البديل الصحيح هو استخدام الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، فهي مباركة وجامعة وشاملة، يمكن للمسلم أن يختار كل يوم مجموعة من هذه الأدعية الصحيحة ويدعو بها، بالإضافة إلى الدعاء بما يشاء من الخير، فهذا أفضل وأعظم أجراً من الالتزام بأدعية لم تثبت صحتها.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات