الدُّعاء في شهر رمضان المبارك من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو وسيلة لطلب الخير ودفع البلاء، وشهر رمضان هو فرصة استثنائية لإظهار الافتقار إلى الله تعالى والإكثار من الدعاء، حيث تُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، وتُصفّد الشياطين، لذا، ينبغي للمسلم أن يغتنم أيامه ولياليه، خاصة في الثلث الأوسط منه، بالدعاء والذكر والعبادة، راجياً القبول والمغفرة.
أدعية جامعة من القرآن الكريم والسنة النبوية
لا يوجد دعاء محدد مخصص لليوم الثامن عشر من رمضان في السنة النبوية الصحيحة، ولكن يمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من خيرَي الدنيا والآخرة، والأفضل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، فهي أعظم بركة وأجمع للخير، ومن هذه الأدعية:
- من القرآن الكريم: دعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
(سورة البقرة، الآية 201).
- من القرآن الكريم: دعاء لطلب الرحمة والثبات على الحق.
“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”
(سورة آل عمران، الآية 8).
- من السنة النبوية: دعاء جامع كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر منه.
“اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا”
(رواه مسلم، حديث صحيح).
- من السنة النبوية: دعاء القنوت، وهو من أجمع الأدعية.
“اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ”
(رواه أبو داود والترمذي، حديث صحيح).
صيغ شائعة تُنسب لليوم الثامن عشر من رمضان
ينتشر بين بعض الناس أدعية مخصصة لكل يوم من أيام رمضان، ومنها ما يُنسب لليوم الثامن عشر بالصيغة التالية:
- “اللَّهُمَّ نَبِّهْنِي فِيهِ لِبَرَكَاتِ أَسْحَارِهِ، وَنَوِّرْ قَلْبِي بِضِيَاءِ أَنْوَارِهِ، وَخُذْ بِكُلِّ أَعْضَائِي إِلَى اتِّبَاعِ آثَارِهِ، يَا مُنَوِّرَ قُلُوبِ الْعَارِفِينَ”، ويُذكر معها فضل منسوب لها وهو: “أُعْطِيَ ثَوَابَ أَلْفِ نَبِيٍّ”.
الحكم الشرعي وتنبيه هام
تنبيه هام: هذه الصيغة المخصصة لليوم الثامن عشر، وما يرافقها من ذكر فضل مبالغ فيه، هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، أو الدعاء بما يفتح الله به على عبده من الأدعية العامة التي لا تخالف الشرع، أما تخصيص كل يوم بدعاء معين واعتقاد فضل خاص له فهو أمر لا أصل له في الدين، وقد حذر العلماء من الأحاديث والروايات التي لا تصح في هذا الباب.
أدعية عامة جامعة يمكن الدعاء بها
إلى جانب الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما في قلبه من حاجات وبصيغ عامة تجمع خيري الدنيا والآخرة، ومن أمثلة ذلك:
- اللَّهُمَّ استُرنا فوق الأرضِ وتحت الأرضِ ويوم العرض عليك، اللَّهُمَّ أَحسِن وُقوفَنا بين يديك، ولا تُخزِنا يوم العرضِ عليك، اللَّهُمَّ أَحسِن عاقِبَتَنا في الأُمورِ كُلِّها، وأَجِرْنا من خِزيِ الدُّنيا وعذابِ الآخرةِ.
- نَسأَلُكَ يا رَحمنُ أَنْ تَرْزُقَنا شَفَاعَةَ نبيك محمد ﷺ، وَأَنْ تُورِدَنا حَوْضَهُ، وَاسْقِنا مِن يَدَيْهِ الشَّريفَتينِ شَرْبَةً هَنيئَةً لا نَظْمَأُ بَعدَها أَبَداً.
- اللَّهُمَّ اغْسِلنا فيهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَطَهِّرْنا فيهِ مِنَ العُيوبِ، وَامْتَحِنْ قُلوبَنا فيهِ بِتَقْوى القُلُوبِ، يا مُقيلَ عَثَراتِ المُذنبين.
- اللّهُمَّ اجْعَلْ صِيامَنا فيهِ بِالشُّكرِ وَالقَبولِ عَلى ما تَرضاهُ وَيَرضاهُ الرَّسولُ، وامنحنا قلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً وعملاً متقبلاً.
أهمية الدعاء في حياة المسلم
يُعد الدعاء من أعظم العبادات وأجلّها، وله فضل عظيم وتأثير كبير في حياة المسلم، فهو يُظهر الافتقار إلى الله والتوكل عليه وحده.
- عبادة يحبها الله: الله سبحانه وتعالى يحب أن يسأله عباده ويتوجهوا إليه بالدعاء، فهو يعزز الصلة بين العبد وربه.
- سبب لدفع غضب الله: الإعراض عن سؤال الله ودعائه قد يكون سبباً لغضب الله على العبد، كما ورد في الحديث الشريف.
“مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ”
(رواه الترمذي، حديث حسن).
- تحقيق الطمأنينة والسكينة: مناجاة الله والدعاء له تضفي على القلب راحة وسكينة، وتزيل الهموم والأحزان، وتجعل المؤمن يرى الأمور بمنظار التفاؤل والثقة برحمة الله.
- تجسيد للتوكل على الله: عندما يدعو المسلم، فإنه يعلن ثقته الكاملة بالله واعتماده عليه وحده في قضاء حوائجه وتفريج كروبه، وهذا من صميم عقيدة التوكل.
فضل شهر رمضان المبارك
شهر رمضان هو شهر استثنائي فضّله الله تعالى بخصائص عديدة تجعل منه فرصة عظيمة للتقرب إلى الله وزيادة الأعمال الصالحة:
- فيه تُفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار، وتُصفّد الشياطين، مما يهيئ للمسلم بيئة إيمانية تساعده على الطاعة.
- يحتوي على ليلة القدر، وهي ليلة وصفها الله بأنها خير من ألف شهر، والعبادة فيها ذات أجر مضاعف.
- فرض الله فيه الصيام، ووعد الصائمين بأجر عظيم لا يعلم مقداره إلا هو سبحانه، فهو الذي يتولى جزاءه.
- شهر رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، فعلى المسلم أن يستغل كل لحظة فيه بالتوبة والدعاء والعمل الصالح.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة آل عمران، الآية 8.
- صحيح مسلم، حديث رقم 2722، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 1425، وسنن الترمذي، حديث رقم 464، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3458، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة
هل يوجد دعاء مخصص لليوم الثامن عشر من رمضان؟
لا، لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة وجود دعاء مخصص لكل يوم من أيام رمضان، والأفضل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، أو الدعاء بما يفتح الله به على المسلم من خيري الدنيا والآخرة.
ما هو أفضل دعاء في رمضان؟
من أفضل الأدعية في رمضان وغيرها هي الأدعية الجامعة للخير، مثل: “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، وكذلك سؤال الله العفو والمغفرة والقبول والعتق من النار.
ما هي أوقات استجابة الدعاء في رمضان؟
شهر رمضان كله وقت للدعاء، ولكن هناك أوقات أرجى للإجابة، منها: عند الإفطار، وفي الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وفي ليلة القدر.

