يُعَدُّ شهر رمضان المبارك من أعظم شهور العام، موسمًا للخيرات والنفحات الإيمانية التي ينتظرها المسلمون بشغف؛ لما فيه من فُرص عظيمة للتقرب إلى الله عزَّ وجلَّ، ففيه تُفتح أبواب الرحمة، وتتزين الجنان للتائبين المُقبلين على ربهم بطلب المغفرة والرضوان، لذا، يحرص عباد الله الصالحون على الاجتهاد في الطاعات كالصلاة والصدقة والدعاء، سعيًا لتكفير الذنوب ورفع الدرجات، ويتطلب الاستعداد لهذا الشهر الكريم قلبًا حاضرًا ونيةً خالصة، لنبلغ فيه من الأجور ما يملأ حياتنا بركةً وسكينة.
أدعية قرآنية ونبوية جامعة تُقال في كل وقت
الأصل في الدعاء أن يكون بما ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهما الكنز الذي لا ينضب، وفيهما الخير والبركة والكفاية، وهذه بعض الأدعية الصحيحة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها في كل أيام رمضان، بما في ذلك اليوم السابع:
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة من القرآن الكريم:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
(سورة البقرة، الآية 201)، وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم..
- دعاء لطلب العفو والعافية: عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله، علمني شيئًا أسأله الله عز وجل، قال:
“سَلِ اللَّهَ العَافِيَةَ”
فمكثت أيامًا ثم جئت فقلت: يا رسول الله، علمني شيئًا أسأله الله، فقال لي:
“يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ، سَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ”
(رواه الترمذي، حديث حسن صحيح)..
- دعاء رؤية هلال رمضان: وهو دعاء ثابت يُقال عند رؤية هلال أي شهر جديد، بما في ذلك رمضان، عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال:
“اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ”
(رواه الترمذي، حديث حسن)..
صيغ منتشرة تُنسب لليوم السابع من رمضان
يتداول بعض الناس أدعية معينة يخصصونها لأيام محددة من رمضان، ومنها ما يُنسب لليوم السابع، نورد بعض الأمثلة عليها للعلم بها، مع التنبيه على حكمها الشرعي لاحقًا:
- “اللَّهُمَّ أَعِنِّي فِيهِ عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ، وَجَنِّبْنِي فِيهِ مِنْ هَفَوَاتِهِ وَآثَامِهِ، وَارْزُقْنِي فِيهِ ذِكْرَكَ بِدَوَامِهِ، بِتَوْفِيقِكَ يَا هَادِيَ الْمُضِلِّينَ.”.
- “اللّهُمَّ يَا كَرِيم لا تَتركني في هذا الشهر الكريم إلّا وقد غَفرت لي ذنوبِي ولا تَجعل لي هَمًّا إلّا وقد فَرّجته ولا كُربة إلَّا وقد أزحتها عنِّي.”.
- “اللهم قوّني فيه على الصيام والقيام وارزقني الحكمة والصواب واغسل قلبي من الخطايا والذنوب وارزقني فيه الإخلاص في عبادتك والإحسان في طاعتك يا من ترشد التائهين إلى سبيلك الحق.”.
الحكم الشرعي وتنبيه هام
تنبيه هام: الأدعية المذكورة في القسم السابق هي صيغ دعاء عامة، ومعانيها صحيحة في مجملها، لكن لم يثبت في الشرع تخصيصها باليوم السابع من رمضان، تخصيص يوم معين بدعاء معين هو أمر توقيفي يحتاج إلى دليل من القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة، وهو ما لم يرد في هذا الشأن.
الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما هو ثابت ومأثور، وفي أدعية القرآن والسنة الصحيحة غنى وكفاية وبركة، وهي الأجدر بالاتباع والحرص عليها في كل وقت وحين.
إرشادات وآداب الدعاء في شهر رمضان
للدعاء آداب وشروط تزيد من فرصة قبوله بإذن الله، خاصة في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان، من أهم هذه الآداب:
- الإخلاص لله تعالى: أن يكون القصد من الدعاء وجه الله وحده، وطلب مرضاته وفضله.
- اجتناب الحرام: طيب المطعم والمشرب والملبس من أسباب إجابة الدعاء، فالمعاصي تحجب الخير.
- البدء بالحمد والثناء: افتتاح الدعاء بحمد الله والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- حضور القلب واليقين بالإجابة: استشعار عظمة الله وقدرته، والثقة بأنه سبحانه قريب مجيب الدعاء.
- التوسل بأسماء الله الحسنى: دعاء الله بأسمائه وصفاته العلا، كقول: يا رحمن، يا رحيم، يا غفور.
- عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم: الامتناع عن الدعاء بالشر على النفس أو الأهل أو المسلمين، وعند الظلم، يُشرع قول: “حسبي الله ونعم الوكيل”.
- الإلحاح في الدعاء: تكرار الدعاء وعدم استعجال الإجابة، فالله يحب العبد اللحوح في دعائه، ويؤخر الإجابة لحكمة يعلمها.
أوقات وأحوال يُرجى فيها إجابة الدعاء في رمضان
يتحرى المسلم في رمضان أوقات الإجابة ليرفع أكفه إلى الله، ومن أرجى هذه الأوقات:
- عند الإفطار: حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
“إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ”
(رواه ابن ماجه، حديث حسن)..
- الثلث الأخير من الليل: وقت النزول الإلهي، وهو وقت السحر والاستغفار والدعاء.
- في السجود: فـ “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء” (رواه مسلم).
- ليلة القدر: وهي خير من ألف شهر، والدعاء فيها مستجاب بإذن الله.
ينبغي للمسلم أن يغتنم شهر رمضان المبارك بالإكثار من العبادات والدعاء بإخلاص ويقين، فالدعاء هو العبادة، وهو الصلة التي تربط العبد بربه، ومفتاح كل خير في الدنيا والآخرة.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سنن الترمذي، حديث رقم 3515، وحديث رقم 3558، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن ابن ماجه، حديث رقم 3889، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 482، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
هل هناك دعاء مخصص لليوم السابع من رمضان؟
لا، لم يثبت في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة وجود دعاء مخصص لليوم السابع من رمضان أو غيره من الأيام، والأولى للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية الجامعة والمأثورة دون تخصيصها بيوم معين.
ما هو أفضل دعاء يمكن أن أقوله في رمضان؟
أفضل الدعاء ما كان من القرآن والسنة، مثل: “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”، و”اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”، كما يمكن للمسلم أن يدعو بما يحتاجه من خيري الدنيا والآخرة بأسلوبه الخاص وبقلب حاضر.
هل يجوز الدعاء بالصيغ المنتشرة على الإنترنت؟
يجوز الدعاء بها إذا كانت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، ولكن بشرط عدم اعتقاد أن لها فضلاً خاصاً أو أنها مرتبطة بيوم معين ما لم يأت بذلك دليل شرعي، الخطأ يكمن في تخصيصها ونسبتها إلى الدين بغير برهان.
