يُعَدُّ الدعاء من أفضل العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، خاصة في الأوقات المباركة مثل العشر الأوائل من ذي الحجة، هذه الأيام أقسم الله بها في كتابه لعظيم شأنها، وهي فرصة للمسلم للاجتهاد في الطاعات والإكثار من ذكر الله والتضرع إليه.

إن استغلال هذه الأيام الفاضلة بالإكثار من ذكر الله عز وجل، والدعاء، وسائر الأعمال الصالحة، يجلب البركة والخير، ويضاعف الأجر والحسنات، ويقوي الصلة بين العبد وربه، فالمؤمن الذي يرضى بقضاء الله ويسعى في مرضاته يجد السكينة والطمأنينة في قلبه، ويلمس توفيق الله له في كل أمور حياته.

حكم تخصيص اليوم السادس من ذي الحجة بدعاء معين
من المهم التنبيه على أنه لم يثبت في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة دعاءٌ مخصصٌ لليوم السادس من ذي الحجة بعينه، إن تخصيص يوم معين بعبادة معينة (كدعاء خاص) لم يرد به دليل شرعي يُعتبر من الأمور المحدثة التي ينبغي للمسلم تجنبها.
الأصل هو أن المسلم يُكثر من الدعاء والذكر وسائر الأعمال الصالحة في جميع أيام العشر من ذي الحجة دون تخصيص، والأفضل هو الالتزام بالأدعية المأثورة الجامعة من القرآن والسنة، فهي أعظم بركة وأكثر شمولاً للخير.
أدعية قرآنية ونبوية جامعة تُقال في عشر ذي الحجة
هذه مجموعة من الأدعية الصحيحة والمأثورة التي يُستحب الإكثار منها في هذه الأيام المباركة وغيرها، لما فيها من الخير العظيم:
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة: وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم.
 “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” (سورة البقرة، الآية: 201)، (المصدر: صحيح البخاري). 
- دعاء نبي الله يونس لتفريج الكروب:
 “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” (سورة الأنبياء، الآية: 87)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”، (المصدر: سنن الترمذي، حديث صحيح). 
- دعاء سؤال الهدى والتقى والعفاف والغنى:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى” (المصدر: صحيح مسلم). 
- دعاء طلب العفو والعافية:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي” (من أذكار الصباح والمساء، المصدر: سنن أبي داود، حديث صحيح). 

أمثلة على أدعية عامة منتشرة
يتداول الناس بعض الصيغ العامة للدعاء في هذه الأيام، وهي أدعية حسنة المعنى يمكن الدعاء بها في أي وقت، ومنها:
- اللَّهُمَّ في هذه الأيام المباركة، اغمرنا بفيض كرمك ورحمتك التي وسعت كل شيء، وزدنا من بركاتك وخيراتك يا أرحم الراحمين.
- يا رب، اجعل جميع أمورنا على طاعتك، واهدِ أبناءنا إلى سبيلك المستقيم، واغفر لنا ذنوبنا، وتُبْ علينا، واجعلنا من عتقائك من النار.
- يا الله، نسألك في هذه الأيام الفاضلة بكل اسم هو لك أن تجعلنا من المقبولين، وألا تحرمنا من فضلك، وكن لنا سندًا وعونًا يا معين.
- اللَّهُمَّ يا قاضي الحاجات ويا مجيب الدعوات، نتوسل إليك أن ترحمنا برحمتك الواسعة، وتقضي لنا كل ما أهمّنا، واجعلنا من عبادك الذين شملتهم برحمتك.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وجامعة لخيري الدنيا والآخرة.

أهمية الدعاء وفضله في العشر من ذي الحجة
تُعتبر أيام عشر ذي الحجة من أعظم مواسم الطاعة، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم فضل العمل الصالح فيها فقال:
“مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ – يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ -“
(المصدر: سنن أبي داود، حديث صحيح)
والدعاء هو من أجلّ الأعمال الصالحة، وهو العبادة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن فضائل الإكثار من الدعاء في هذه الأيام:

- نيل رضا الله: فالله سبحانه يحب عبده الذي يُلحّ عليه في الدعاء، ويسأله من فضله في الشدة والرخاء.
- تفريج الهموم والكروب: الدعاء من أعظم أسباب تفريج الكروب وراحة النفس، فالمؤمن حين يفوّض أمره إلى الله يجد السكينة والطمأنينة.
- قضاء الحاجات: كلما زاد إلحاح العبد ويقينه بالإجابة، كان ذلك أقرب لتحقيق مراده وتيسير أموره.
- تعزيز الإيمان والتوكل: الدعاء هو مظهر من مظاهر اليقين بالله والتوكل عليه، وإدراك أن النفع والضر بيده وحده سبحانه.






المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسنن أبي داود، (يمكن مراجعة الأحاديث على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو دعاء اليوم السادس من ذي الحجة؟
لم يثبت في السنة النبوية دعاء مخصص لليوم السادس من ذي الحجة، والمشروع للمسلم هو الإكثار من الأدعية الجامعة من القرآن والسنة في جميع أيام العشر دون تخصيص.
ما هو أفضل الذكر في عشر ذي الحجة؟
أفضل الذكر هو الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”، (رواه أحمد، حديث صحيح).
هل يجوز أن أدعو بأدعية من عندي لم ترد في السنة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، ولكن، لا شك أن الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الأفضل والأكمل والأكثر بركة.
