مع دخول العشر الأواخر من رمضان، يتضاعف حرص المسلم على الاجتهاد في العبادة، إحياءً لهذه الليالي المباركة التي خصّها الله بفضل عظيم، ومن أعظمها ليلة القدر، ويُعد الدعاء من أجلّ العبادات في هذه الأوقات، فهو فرصة للمناجاة وطلب المغفرة والرحمة من الله سبحانه وتعالى.
صيغ شائعة تُنسب لأدعية أيام رمضان
ينتشر بين الناس تخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء محدد، ومن هذه الأدعية ما يُنسب لليوم العشرين وأيام أخرى، نورد هنا بعض الأمثلة المتداولة من باب التوضيح العلمي:
- ما يُنسب لليوم العشرين من رمضان: “اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي فِيهِ أَبْوَابَ الْجِنَانِ، وَأَغْلِقْ عَنِّي فِيهِ أَبْوَابَ النِّيرَانِ، وَوَفِّقْنِي فِيهِ لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، يَا مُنْزِلَ السَّكِينَةِ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ”.
- ما يُنسب لأيام أخرى (أمثلة):
- دعاء 11 رمضان: “اللهم ارزقني حب العمل الصالح…”.
- دعاء 12 رمضان: “اللهم اجعل حياتي ملؤها العفاف والستر…”.
- دعاء 13 رمضان: “اللهم اغسل قلبي من كل دنس…”.
- دعاء 14 رمضان: “اللهم سامحني على كل كبوة أو زلة…”.
- دعاء 15 رمضان: “اللهم اجعلني من عبادك الذين يسيرون على طريق الطاعة…”.
- دعاء 16 رمضان: “اللهم اجعل يدي ممتدة نحو الخير دائمًا…”.
- دعاء 17 رمضان: “اللهم أصلح لي أمري واقض لي كل حاجاتي…”.
- دعاء 18 رمضان: “اللهم اجعل قلبي مستفيدًا من كل نفحة خير…”.
- دعاء 19 رمضان: “اللهم اجعل طريق البركة والخير مفتوحًا أمامي…”.
تنبيه هام وحكم هذه الأدعية المخصصة بالأيام
تنبيه وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغ المخصصة لكل يوم من أيام رمضان، بما في ذلك ما يُروى عن فضلها من نزول آلاف الملائكة أو بناء الخنادق بين الداعي والنار، هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ففيها الخير الكافي والبركة العظيمة، وهي أغنى وأعظم مما سواها.
الأدعية الصحيحة والثابتة للعشر الأواخر من رمضان
التقرب إلى الله في العشر الأواخر يكون بالحرص على الأدعية الثابتة في القرآن والسنة، فهي جامعة للخير ومباركة، قال تعالى في كتابه الكريم:
“وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ” [البقرة: 186]
ومن أفضل ما يدعو به المسلم في هذه الليالي المباركة:
- دعاء ليلة القدر: وهو أفضل ما يُقال في العشر الأواخر تحريًا لهذه الليلة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: “قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي:”
“اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”
(رواه الترمذي، حديث صحيح).
- سيد الاستغفار: وهو من أعظم صيغ الاستغفار، ويُرجى لمن قاله موقنًا به أن يكون من أهل الجنة.
“اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ”
(رواه البخاري).
- دعاء جامع لطلب المغفرة: من الأدعية النبوية الجامعة التي تشمل كل الذنوب.
“اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ”
(رواه مسلم).
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة: من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
[البقرة: 201].
أدعية عامة جامعة للخير
إلى جانب الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من الأدعية التي فيها صلاح دينه ودنياه، ما لم تشتمل على اعتداء في الدعاء، وهذه أمثلة على صيغ عامة يمكن الدعاء بها:
- “اللَّهُمَّ أَخْرِجْ حُبَّ الْمَعَاصِي مِنْ قُلُوبِنَا، فَكُلَّمَا تُبْنَا عُدْنَا، وَكُلَّمَا نَدِمْنَا كَرَّرْنَا، وَكُلَّمَا عَاهَدْنَاكَ نَقَضْنَا، رَبِّ اهْدِنَا وَرُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا.”.
- “اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّائِبِينَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ الْقَانِتِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِكَ الْمُتَّقِينَ.”.
- “رَبَّنَا اغْمُرْ حَيَاتَنَا بِبَرَكَةِ هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَنَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ مَحَبَّتِكَ، وَاجْعَلْ جَوَارِحَنَا تَسِيرُ عَلَى خُطَاكَ، يَا نُورَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.”.
من فضائل الصيام في رمضان
صيام شهر رمضان من أعظم العبادات التي تحمل خيرًا كبيرًا للمسلم، ومن أهم فضائله وثمراته ما يلي:
- تحقيق التقوى: وهي الغاية الأسمى من الصيام، كما قال تعالى: “لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.
- مغفرة الذنوب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” (متفق عليه).
- الأجر العظيم: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لله وهو يجزي به، وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه.
- باب الريان: خصص الله للصائمين بابًا في الجنة لا يدخل منه غيرهم، تكريمًا لهم.
- الشعور بالفقراء: ينمي الصيام في النفس الشعور بحاجة الفقراء والمساكين، مما يحث على الصدقة والإحسان.
الدعاء في اليوم العشرين من رمضان وبقية العشر الأواخر فرصة ثمينة لا تُعوَّض، فينبغي للمسلم أن يُقبل على ربه بقلب خاشع، طالبًا خيرَي الدنيا والآخرة، وأن يحرص على تحري ليلة القدر، سائلًا الله العتق من النار والفوز بالجنة.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 186.
- سورة البقرة، الآية 201.
- جامع الترمذي، حديث رقم 3513، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 483، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQ)
هل هناك أدعية مخصصة لكل يوم من أيام رمضان؟
لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة وجود دعاء مخصص لكل يوم من أيام رمضان، والأفضل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، أو بما يفتح الله به على عبده من الخير، دون تخصيص يوم معين لدعاء معين.
ما هو أفضل دعاء في العشر الأواخر من رمضان؟
أفضل دعاء يُقال في العشر الأواخر، وخاصة في الليالي التي يُرجى أن تكون ليلة القدر، هو: “اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة رضي الله عنها.
ما هو البديل الصحيح للأدعية اليومية المنتشرة؟
البديل الصحيح هو الإكثار من الأدعية الجامعة الثابتة في القرآن والسنة، مثل “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”، وسيد الاستغفار، ودعاء ليلة القدر، وغيرها من الأدعية الصحيحة التي فيها خير كثير وبركة عظيمة.

