يحرص المسلم على اغتنام الأوقات المباركة، كوقت الفجر، للتوجه إلى الله بالدعاء الصادق، راجيًا تحقيق أمنياته وقضاء حوائجه، إن الدعاء من أعظم العبادات التي تقرّب العبد من ربه، خاصةً عندما يقترن بالاستغفار والابتعاد عن المعاصي، فالاستغفار يمحو الذنوب، ويرفع الدرجات، ويعد من أسباب تفريج الكروب وجلب الأرزاق، كما قال تعالى على لسان نوح عليه السلام:
“فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا”
[نوح: 10-12].
أدعية صحيحة ثابتة لقضاء الحوائج وتفريج الكروب
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، ومباركة، وفيها الكفاية، ومن هذه الأدعية العظيمة:
- دعاء يونس عليه السلام: وهو من أعظم الأدعية لتفريج الكروب، قال تعالى:
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
[الأنبياء: 87]، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجاب اللهُ له”
(رواه الترمذي، حديث صحيح).
- دعاء الكرب: عن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في دعاء المكروب:
“اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”
(رواه أبو داود، حديث حسن).
- سيد الاستغفار: وهو دعاء جامع لطلب المغفرة التي هي مفتاح كل خير، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ”
(رواه البخاري).
- أدعية جامعة من القرآن الكريم:
-
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
[البقرة: 201].
-
“رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي”
[طه: 25-26].
-
أمثلة لصيغ دعاء عامة لتحقيق الأمنيات
إلى جانب الأدعية الثابتة، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من كلام طيب وبما في قلبه من حاجات، ما لم يكن في الدعاء إثم أو قطيعة رحم، وهذه بعض الأمثلة على صيغ عامة يمكن الدعاء بها:
- اللَّهُمَّ مع إشراقة هذا الفجر، أسألك من فضلك العظيم أن تفتح لي أبواب رحمتك ورزقك، وأن تحقق لي ما أتمناه، وأن تجعله خيراً لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري، اللهم يسّر لي كل عسير، واصرف عني كل سوء.
- يا رب، يا من تقول للشيء كن فيكون، أسألك بقدرتك التي وسعت كل شيء أن تقضي حاجتي، وتفرّج كربتي، وتجبر كسري، اللهم إن كان هذا الأمر خيراً لي فحققه ويسّره، وإن كان شراً لي فاصرفه عني واصرفني عنه، وقدّر لي الخير حيث كان ثم رضّني به.
- اللَّهُمَّ يا وليّ نعمتي وملاذي عند كربتي، أسألك أن تطهّر قلبي من كل ما لا يرضيك، وأن تملأه بحبك وخشيتك، وأن ترزقني اليقين وحسن الظن بك، اللهم حقق لي أمنياتي التي طالما دعوتك بها، واجعلها سبباً في قربي منك يا أرحم الراحمين.
- يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، اللهم ارزقني فرجاً قريباً، وعوضاً جميلاً، ورزقاً حلالاً طيباً مباركاً فيه، واحفظني وأهلي وذريتي من كل مكروه وسوء.
تنبيه هام حول أدعية منتشرة غير ثابتة
تنبيه هام: قد تنتشر بين الناس بعض الصيغ المخصصة لأمور معينة (مثل تحقيق المستحيل أو جلب الرزق السريع) وتُنسب إلى أوقات أو سور محددة دون دليل شرعي صحيح، هذه الصيغ هي في الغالب من اجتهادات بعض الناس أو مما يتداولونه، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير.
آداب الدعاء وأسباب الاستجابة
للدعاء آداب يُرجى بها القبول والإجابة، منها:
- الإخلاص لله تعالى: أن يكون الدعاء خالصًا لوجه الله.
- البدء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي: يُستحب افتتاح الدعاء بذلك وختمه به.
- اليقين بالإجابة وحضور القلب: أن يدعو المسلم وهو موقن بأن الله سيستجيب له.
- الإلحاح في الدعاء: تكرار الدعاء وعدم الاستعجال.
- تحري أوقات الإجابة: مثل الثلث الأخير من الليل (وقت الفجر)، وبين الأذان والإقامة، ويوم الجمعة، وعند نزول المطر.
- أكل الحلال: فإن أكل الحرام من موانع إجابة الدعاء.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة نوح، الآيات 10-12.
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة طه، الآيتان 25-26.
- جامع الترمذي، حديث رقم 3505، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 5090، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل وقت للدعاء لتحقيق الأمنيات؟
كل أوقات الدعاء خير، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، وأبرزها الثلث الأخير من الليل، حيث ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا، وهو وقت السحر والفجر.
هل يجوز أن أدعو بلهجتي العامية وبما في قلبي؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بأي لغة وبأي صيغة طيبة تعبر عما في قلبه، فالله سبحانه وتعالى يعلم ما في الصدور ويسمع دعاء عبده كيفما كان، والأفضل هو الجمع بين الأدعية المأثورة من القرآن والسنة والدعاء بما يحتاجه الإنسان من أمور دنياه وآخرته.
ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة غير الثابتة؟
البديل الصحيح والأكمل هو الأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة، يمكن للمسلم اختيار ما يناسب حاجته منها، مثل أدعية الكرب، وأدعية طلب الرزق، والاستخارة، مع الدعاء العام بجوامع الكلم مثل “اللهم أصلح لي شأني كله”.

