يجد المسلم السكينة والطمأنينة في مناجاة ربه، ويدرك أن توفيق الله عز وجل هو مفتاح كل خير في حياته، إن رؤية الدعوات تتحقق والأمنيات تصبح واقعًا بفضل الله هي من أعظم النعم، فالله سبحانه وتعالى قدير على أن يهب عباده ما يسألون إذا كان فيه صلاح لهم، لذا، يُعد الدعاء من أعظم العبادات التي تعبر عن صدق الإيمان وعمق التوكل، خاصةً حين تكون النية خالصة والقلب خاشعًا بين يدي الله، وفيما يلي مجموعة من الأدعية المأثورة من القرآن والسنة لطلب التوفيق والرزق والخير.
أدعية صحيحة لطلب التوفيق وسعة الرزق
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها البركة والكفاية، ومن هذه الأدعية المباركة:
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة: وهو من أكثر أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه.
 “اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”. (متفق عليه: صحيح البخاري، حديث رقم 6389؛ صحيح مسلم، حديث رقم 2690). 
- دعاء لطلب الهدى والتقى والعفاف والغنى:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى”. (صحيح مسلم، حديث رقم 2721). 
- دعاء تفريج الكرب وقضاء الدين:
 “اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”. (سنن الترمذي، حديث رقم 3563، حديث حسن). 
- دعاء لزوال الهم وقضاء الدين:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”. (صحيح البخاري، حديث رقم 6369). 
أمثلة على صيغ دعاء منتشرة
يتداول بعض الناس صيغًا للدعاء بقصد طلب التوفيق والرزق، ورغم أن معانيها قد تكون حسنة في مجملها، إلا أنه من المهم معرفة حكمها الشرعي.
- “اللّهُمَّ اجعلني ممن يتوكلون عليك بصدق وقوة وثقة، واجعلني من الذين ينعمون برضاك ومن المقربين إليك بكرم إحسانك يا من لا تُخيب الرجاء ولا ترد الدعاء”.
- “اللهم ارزقني رزقًا واسعًا طيبًا وحلالًا يبارك لي في حياتي، وأجب لي دعواتي كلها دون أن تردني خائبًا وأعوذ بك من كل أمر يُعيبني أو يُحرجني سواء كان فقرًا أو دينًا”.
- “اللهمّ يا نور السماوات والأرض، يا عماد السماوات والأرض، يا جبّار السماوات والأرض..، اللهمّ إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلّا أنت الحنّان المنّان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام برحمتك يا أرحم الرّاحمين”.
حكم الأدعية المنتشرة وغير المأثورة
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه وأمثالها هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية وشاملة ومباركة، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من الأدعية الطيبة التي لا تحتوي على محظور شرعي، ولكن لا يجوز نسبتها إلى السنة أو تخصيص فضل معين لها لم يرد به دليل.
آيات قرآنية لطلب الرزق والفرج
القرآن الكريم هو مصدر الهداية والشفاء، وفي آياته مفاتيح الفرج والرزق لمن تدبرها وعمل بها، ومن هذه الآيات العظيمة:
- الاستغفار مفتاح الرزق:
 “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا” [نوح: 10-12]. تحث هذه الآيات الكريمة على لزوم الاستغفار، فهو من أعظم أسباب نزول البركات وسعة الرزق في المال والذرية. 
- التقوى والتوكل يجلبان الفرج والرزق:
 “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا” [الطلاق: 2-3]. هذا وعد إلهي صريح بأن تقوى الله وحسن التوكل عليه هما السبيل للفرج من كل كرب، وللحصول على الرزق من أبواب لم تكن في الحسبان. 
- مع العسر يأتي اليسر:
 “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” [الشرح: 5-6]. تُعد هذه الآيات مصدر طمأنينة لكل مهموم، وتؤكد أن الشدة لا تدوم، وأن فرج الله وتيسيره يتبع العسر لا محالة، مما يبث الأمل في النفس ويدفعها إلى الصبر والعمل. 
الأسباب الشرعية والمادية لتحصيل التوفيق
إن السعي لطلب التوفيق والرزق في الإسلام يقوم على ركيزتين أساسيتين: الأخذ بالأسباب المادية والتوكل على الله بالأسباب الشرعية.
- العمل والجد والاجتهاد: حث الإسلام على العمل والسعي لكسب الرزق الحلال، فالاجتهاد يعزز الثقة بالنفس ويصقل المهارات ويمكّن الإنسان من مواجهة تحديات الحياة.
- التفاؤل وحسن الظن بالله: التفاؤل يمنح طاقة إيجابية ويجعل الإنسان يرى في التحديات فرصًا للنمو، وهو منبثق من حسن الظن بالله بأنه سيقدر الخير لعبده الساعي.
- الأخذ بالأسباب مع التوكل: التوكل الحقيقي هو أن يبذل العبد كل جهده في الأسباب المتاحة، ثم يفوض أمره إلى الله بقلب مطمئن وواثق بتدبيره.
- الدعاء والتقرب إلى الله: الدعاء هو مخ العبادة، وهو وسيلة المؤمن لطلب العون والتوفيق من الله في كل أموره.
- الاستقامة على أمر الله: طاعة الله واجتناب معاصيه من أعظم أسباب البركة في الرزق والتوفيق في الحياة، كما قال تعالى: “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ” [الأعراف: 96].
المصادر والمراجع
- سورة نوح، الآيات 10-12.
- سورة الطلاق، الآيتان 2-3.
- سورة الشرح، الآيتان 5-6.
- سورة الأعراف، الآية 96.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6389، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2690، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2721، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3563، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6369، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
ما هو المفهوم الصحيح لـ “الحظ” في الإسلام؟
المفهوم الإسلامي الأصح هو “التوفيق” و “الرزق” المقدر من الله، فكل ما يصيب الإنسان من خير هو بفضل الله وتوفيقه، وكل ما يبدو “حظًا سيئًا” هو ابتلاء أو حكمة إلهية، يؤمن المسلم بأن عليه السعي والأخذ بالأسباب، والنتيجة بيد الله سبحانه.
هل هناك دعاء معين لـ “جلب الحظ السريع”؟
لا يوجد في السنة النبوية دعاء مخصص بهذا الاسم، ولكن هناك أدعية جامعة لطلب الخير والتوفيق وتيسير الأمور، مثل الأدعية المذكورة في هذا المقال من القرآن والسنة الصحيحة، وهي أفضل ما يدعو به المسلم.
ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة غير الموثوقة؟
البديل الصحيح والأسلم هو الالتزام بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية، مباركة، وجامعة لخيري الدنيا والآخرة، والدعاء بها هو اتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
ما هي أفضل الأوقات لاستجابة الدعاء؟
هناك أوقات وأحوال يُرجى فيها إجابة الدعاء، منها: الثلث الأخير من الليل، بين الأذان والإقامة، في السجود، يوم الجمعة (خاصة آخر ساعة منه)، عند نزول المطر، وفي حال السفر والصيام.
 
		
