يُعَدُّ النوم نعمةً عظيمة من نعم الله تعالى، فهو ضروري لراحة الجسد وصفاء الذهن واستعادة النشاط، وقد يواجه المسلم أحيانًا صعوبة في النوم بسبب الأرق أو القلق، وهنا يأتي دور اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء وذكره، ففيه السكينة والطمأنينة للقلب، نستعرض في هذا المقال الأدعية الصحيحة الواردة في السنة النبوية الشريفة، مع بيان حكم الأدعية الشائعة وتقديم نصائح مفيدة لنوم هانئ.
أدعية صحيحة وثابتة للنوم والأرق من السنة النبوية
الأصل في العبادات، ومنها الدعاء، هو الاتباع والالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الكافية والمباركة، وفيما يلي مجموعة من الأذكار والأدعية الثابتة التي يُستحب للمسلم أن يحافظ عليها قبل نومه وعند شعوره بالأرق.
1، الدعاء عند وضع الجنب على الفراش
كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه أن يدعو بهذا الدعاء الجامع:
بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.
المصدر: صحيح البخاري (6320)، وصحيح مسلم (2714).
2، دعاء “اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ”
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وضع يده تحت رأسه ثم يقول:
اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ.
المصدر: سنن الترمذي (3398)، وصححه الألباني.
3، دعاء الأرق والفزع في المنام
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلّمهم من الفزع كلمات:
أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ.
المصدر: سنن الترمذي (3528)، وحسنه الألباني، وهو دعاء نافع لمن يعاني من الأرق أو الأحلام المزعجة.
4، أذكار قرآنية للحفظ والسكينة
ثبت في السنة الصحيحة أن قراءة بعض الآيات والسور قبل النوم من أسباب الحفظ والسكينة، ومن أهمها:
- آية الكرسي: من قرأها حين يأوي إلى فراشه، لا يزال عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح.
“اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ…” [البقرة: 255]
.
- آخر آيتين من سورة البقرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ” (متفق عليه).
- المعوذات (الإخلاص والفلق والناس): كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع كفيه ثم ينفث فيهما فيقرأ “قل هو الله أحد” و”قل أعوذ برب الفلق” و”قل أعوذ برب الناس”، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات، (صحيح البخاري).
صيغ وأدعية شائعة للمساعدة على النوم
يتداول بعض الناس صيغًا وأدعية أخرى للمساعدة على النوم، وهي وإن كانت تحمل معاني طيبة في مجملها، إلا أنها لم ترد في السنة النبوية بسند صحيح، ومن أمثلة هذه الصيغ المنتشرة:
- “اللهم يا مُيسر الأمور سهّل لي النوم وامنحني أحلامًا طيبة، اللهم أبعد القلق والتوتر عن قلبي واجعلني من عبادك الذين هديتهم إلى السكينة والراحة.”.
- “اللهم يا منوم العيون الساهرة، سكّن عروقي الضاربة، وائذن لعيني بنومٍ عاجل.”.
- “يا رب لقد غارت النجوم وسكنت العيون وأنت وحدك الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، اللهم أنعم عليّ بنعمة النوم وامنحني راحة البال.”.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وفيها الخير العظيم، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من كلمات طيبة لا تخالف الشرع، ولكن الأفضل والأكمل هو لزوم الأدعية المأثورة.
ما حكم الدعاء بصيغ غير مأثورة للنوم؟
يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بحاجته وبما يناسب حاله، ولو كان ذلك بأسلوبه الخاص، بشرط ألا يحتوي الدعاء على اعتداء أو مخالفة شرعية، ومع ذلك، فإن الالتزام بالأدعية النبوية المأثورة هو الأفضل والأعظم أجرًا، لأنها من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أكثر بركة وأقرب للإجابة.
نصائح عملية للمساعدة على النوم سريعًا
إلى جانب الدعاء والذكر، يمكن اتباع بعض العادات الصحية التي تساهم في تحسين جودة النوم وتساعد على الاسترخاء:
1، تحديد موعد ثابت للنوم والاستيقاظ:
- يساعد الالتزام بمواعيد نوم واستيقاظ منتظمة، حتى في عطلات نهاية الأسبوع، على تنظيم الساعة البيولوجية للجسم، مما يسهل عملية النوم.
2، تهيئة بيئة نوم مريحة:
- اجعل غرفة نومك هادئة، ومظلمة، وذات درجة حرارة معتدلة، استخدم الستائر المعتمة وأغلق الأجهزة الإلكترونية التي تصدر ضوءًا أو ضجيجًا.
3، تجنب المنبهات والوجبات الثقيلة قبل النوم:
- تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين (مثل القهوة والشاي) قبل النوم بست ساعات على الأقل، كما يُفضل تناول وجبة العشاء قبل موعد النوم بساعتين إلى ثلاث ساعات لتجنب الشعور بالثقل وعدم الارتياح.
4، ممارسة روتين مهدئ:
- قم بنشاط يساعد على الاسترخاء قبل النوم، مثل قراءة كتاب (غير إلكتروني)، أو الاستماع إلى القرآن الكريم بصوت هادئ، أو أخذ حمام دافئ.
5، الابتعاد عن الشاشات:
- الضوء الأزرق المنبعث من شاشات الهواتف والأجهزة اللوحية يعيق إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم، حاول التوقف عن استخدامها قبل ساعة على الأقل من موعد نومك.
إن الجمع بين الأخذ بالأسباب المادية، مثل تهيئة بيئة النوم الصحية، والأسباب الشرعية، مثل المحافظة على أذكار النوم، هو أفضل سبيل للحصول على نوم هانئ ومريح يعينك على طاعة الله ومهام يومك.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 255 (آية الكرسي).
- صحيح البخاري، حديث رقم (6320)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم (2714)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم (3398)، (3528)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول أدعية النوم
ما هو أفضل دعاء للنوم؟
كل الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم خير وبركة، ومن أجمعها وأشهرها دعاء: “بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ…”، بالإضافة إلى قراءة آية الكرسي والمعوذات.
هل يجوز أن أدعو بغير الأدعية الواردة في السنة؟
نعم، يجوز الدعاء بصيغ من عندك ما دامت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، لكن الالتزام بالأدعية النبوية المأثورة هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.
ماذا أفعل إذا لم أستطع النوم رغم ترديد الأذكار؟
استمر في ذكر الله واستغفاره، وتفكر في نعم الله عليك، يمكنك أيضًا أن تقوم وتتوضأ وتصلي ركعتين، فإن في الصلاة راحة وطمأنينة، وإذا استمر الأرق بشكل مزمن، فمن الحكمة مراجعة طبيب مختص للأخذ بالأسباب الطبية إلى جانب الأسباب الإيمانية.


