إن السعي إلى طمأنينة القلب وراحته من أعظم مقاصد المؤمن، والطريق الأمثل لتحقيق ذلك هو الإقبال على الله تعالى بالتوبة الصادقة، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي، والإكثار من ذكره ودعائه، فكلما شعر العبد بثقل الذنوب وضيق الصدر، وجد في اللجوء إلى ربه والاعتراف بتقصيره مخرجًا وسكينة، قال الله تعالى في كتابه الكريم:
“الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”
[الرعد: 28]، فالله سبحانه هو الغفور الرحيم الذي يفرح بتوبة عبده، ويفتح له أبواب رحمته، ويبدل سيئاته حسنات، والدعاء هو صلة العبد بربه، ومفتاح كل خير، وبه تُستجلَب الرحمات وتُدفَع الكروب.
أدعية ثابتة لراحة القلب والطمأنينة من القرآن والسنة
إن خير ما يدعو به المسلم هو ما ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها البركة والكفاية، ومن هذه الأدعية المباركة:
- دعاء نبي الله يونس عليه السلام (دعاء الكرب): وهو من أعظم الأدعية لتفريج الهموم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”، (رواه الترمذي، حديث حسن صحيح).
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
[الأنبياء: 87].
- الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة: كان هذا الدعاء من أكثر أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه، (متفق عليه).
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
[البقرة: 201].
- دعاء الثبات على الهداية: وهو دعاء عباد الله الراسخين في العلم الذين يثني الله عليهم في كتابه.
“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”
[آل عمران: 8].
- دعاء لذهاب الهم والحزن: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء ليستعيذ بالله من كل ما يثقل النفس ويُضعفها، (رواه البخاري).
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْzِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”
.
أمثلة على صيغ دعاء شائعة لطلب السكينة والرزق
إلى جانب الأدعية المأثورة، يتداول الناس بعض الصيغ العامة التي يعبرون من خلالها عن حاجاتهم لراحة القلب والسعادة والرزق، وهذه الأدعية، وإن كانت حسنة المعنى، إلا أنه يجب التنبيه على أنها ليست من الأدعية الواردة بخصوصها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويمكن للمسلم أن يستأنس بها أو يدعو بما يفتح الله عليه من كلام طيب لا يخالف الشرع.
نماذج لأدعية في طلب راحة البال
- “يا الله يا قوي يا قادر، أسألك أن تُحوِّل كل الأمور الصعبة في حياتي إلى خير، وأن تُصلح شأني وتيسِّر أمري، وتمنحني السكينة والراحة والطمأنينة، اللهم استرني وثبتني، وأبعد عني كل هم يثقل صدري.”.
- “يا رب، أسألك بكل اسم هو لك، أن تُبعد عني أسباب القلق والتشتت، وأن تجعل قلبي مطمئنًا عامرًا بذكرك، وارزقني دائمًا الأخبار الطيبة، وأبعد عني أصدقاء السوء، وأنر حياتي بنور هدايتك.”.
- “اللهم أصلح لي قلبي، واهدني إلى الطريق المستقيم، وأبعد عني كل ما يثقل صدري أو يجرح نفسي، يا رب اجعل لي نصيبًا من البشائر السعيدة، واغفر لي وقني عذابك يوم تبعث عبادك.”.
نماذج لأدعية في طلب الرزق والطمأنينة
- “يا ربَّ العرش العظيم، أسألك أن تغمرني بالصحة والأمان، وتفيض عليَّ بالمال الحلال الطيب الذي يغنيني عن سؤال الناس، اللهم اجعل قلبي خاشعًا بتقواك، وبارك لي في وقتي وعملي.”.
- “اللهم يا من بيده ملكوت كل شيء، أصلح لي شأني كله، وارزقني العافية، واصرف عني البلاء، واجعل القرآن الكريم نورًا لصدري، وارزقني الرزق الطيب المبارك، وأبعد عني الهموم والمشكلات.”.
- “يا الله، اجعلني من عبادك المخلصين، وامنحني الصحبة الصالحة التي تقربني إليك، يا الله، أزل من قلبي كل هم وضيق، ويسّر لي كل عسير، ووجه خطواتي نحو الخير والبركة، واصرف عني أقدار السوء برحمتك يا أكرم الأكرمين.”.
تنبيه هام وحكم هذه الأدعية
تنبيه هام: الصيغ المذكورة في القسم السابق هي من الأدعية العامة التي يتداولها الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ففيها الكفاية والبركة والخير العظيم، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من كلام طيب لا يخالف الشرع، ولكن الأفضل والأكمل هو لزوم الأدعية المأثورة.
المصادر والمراجع
- سورة الرعد، الآية 28.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة آل عمران، الآية 8.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6369، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2705، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3505، حديث حسن صحيح، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل دعاء لراحة القلب؟
أفضل الأدعية لراحة القلب هي تلك الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء الكرب “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”، ودعاء “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”، ودعاء “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن…”، فهذه الأدعية جامعة للمعاني العظيمة ومباركة لأنها من كلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لم ترد في السنة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بحاجته وبما يفتح الله عليه من كلام طيب لا يحتوي على إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء في الدعاء، ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة هو الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا.
ما هي أوقات استجابة الدعاء؟
يُرجى تحري أوقات وأحوال إجابة الدعاء ليكون أقرب للقبول، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، وفي حال السفر والصيام.

