يُعد الدعاء بعد إتمام تلاوة القرآن الكريم من الأمور التي يستحبها المسلم، اقتداءً بفعل بعض السلف الصالح، ورجاءً للقبول والبركة، وفي شهر رمضان المبارك، يزداد الحرص على دعاء خَتْم القُرْآن، ومن بين الأصوات التي يطمئن لها المسلمون صوت الشيخ ماهر المعيقلي، إمام المسجد الحرام، هذا المقال يوضح الحكم الشرعي، ويقدم نماذج من الأدعية الصحيحة والمأثورة التي يمكن الدعاء بها في هذا الموطن المبارك.

من المهم التنبيه على أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاءٌ مخصصٌ بلفظه لختم القرآن، وإنما الثابت هو استحباب الدعاء بشكل عام بعد هذه العبادة الجليلة، حيث إنها من مواطن إجابة الدعاء المرجوّة.

أدعية جامعة من القرآن والسنة لختم القرآن

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة، فهي الكافية والشافية، وهذه بعض الأدعية الجامعة التي يُستحب للمسلم أن يدعو بها في كل وقت، بما في ذلك عند ختم القرآن:

• من القرآن الكريم:
  

  “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

  (سورة البقرة: 201)

  “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”

  (سورة آل عمران: 8).

• من السنة النبوية الصحيحة:
  

  “اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى”

  (صحيح مسلم، حديث صحيح)

  “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وَجَهْلِي، وإسْرَافِي في أَمْرِي، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي جِدِّي وَهَزْلِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ”

  (متفق عليه، حديث صحيح).

صيغ شائعة تُنسب لدعاء ختم القرآن للشيخ ماهر المعيقلي

يشتهر الشيخ ماهر المعيقلي، وغيره من أئمة الحرمين الشريفين، بأدعية مؤثرة يلقونها عند ختم القرآن الكريم في صلاة التراويح، هذه الأدعية غالبًا ما تكون تجميعًا لأدعية مأثورة وصيغ عامة تجمع خيري الدنيا والآخرة، وهي ليست نصًا توقيفيًا، بل اجتهاد منهم في جمع جوامع الكلم، ومن الأمثلة على ما يُتداول من هذه الأدعية:

• اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ.
• اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الوَفَاةَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الحَقِّ فِي الرِّضَا وَالغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَى.
• اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا.
• اللَّهُمَّ اجْعَلِ القُرْآنَ العَظِيمَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا، وَنُورَ صُدُورِنَا، وَجَلَاءَ أَحْزَانِنَا، وَذَهَابَ هُمُومِنَا وَغُمُومِنَا، اللَّهُمَّ ذَكِّرْنَا مِنْهُ مَا نُسِّينَا، وَعَلِّمْنَا مِنْهُ مَا جَهِلْنَا، وَارْزُقْنَا تِلَاوَتَهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي يُرْضِيكَ عَنَّا.

تنبيه هام وإخلاء مسؤولية

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله الناس وينسبونه للشيخ، وهي في مجملها أدعية حسنة المعنى، ولكن يجب التأكيد على أنها لم تثبت كصيغة محددة بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه لخصوص ختم القرآن، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من الأدعية الطيبة التي لا تخالف الشرع.

الحكم الشرعي في دعاء ختم القرآن

الدعاء بعد ختم القرآن الكريم هو أمرٌ مستحب، وقد ورد عن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده فدعا لهم، وهذا يدل على أن للدعاء عند ختم القرآن أصلاً عن السلف الصالح، وهو من مواطن إجابة الدعاء، لأن المسلم يكون قد فرغ من عبادة عظيمة وهي تلاوة كلام الله.

أهمية وفضل دعاء ختم القرآن الكريم

تكمن أهمية الدعاء عند ختم القرآن في كونه لحظة روحانية عظيمة، ومن أبرز فضائله المرجوّة:

• موطن إجابة: يُرجى أن يكون الدعاء بعد إتمام طاعة عظيمة كقراءة القرآن أقرب للقبول والإجابة من الله تعالى.
• شكر النعمة: هو تعبير عن شكر العبد لربه على توفيقه لإتمام هذه العبادة الجليلة.
• زيادة القرب من الله: يعكس الدعاء افتقار العبد لربه، ورغبته في نيل رضاه ومغفرته، مما يزيد من صلته بالله.
• اتباع السلف: فيه اقتداء بفعل بعض الصحابة والتابعين الذين كانوا يحرصون على هذا الأمر.

الرأي الشرعي بشأن إهداء ثواب ختم القرآن للغير

اختلف أهل العلم في مسألة وصول ثواب العبادات البدنية كقراءة القرآن إلى الميت على قولين مشهورين:

والأمر فيه سعة، والأولى بالمسلم أن يكثر من الدعاء والصدقة للميت، فهما مما أجمع العلماء على وصول نفعهما.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

هل ورد دعاء معين عن النبي صلى الله عليه وسلم لختم القرآن؟

لا، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء مخصص بلفظ معين لختم القرآن، وإنما المستحب هو الدعاء بشكل عام بما يفتح الله به على عبده من خيري الدنيا والآخرة.

ما هو أفضل دعاء يمكن قوله عند ختم القرآن؟

أفضل الدعاء هو ما كان من جوامع الكلم الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، كطلب المغفرة والرحمة، والفوز بالجنة والنجاة من النار، وسؤال الله الثبات على دينه، وصلاح الحال في الدنيا والآخرة.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لم ترد في السنة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية الطيبة التي يحتاجها، شريطة ألا يكون في لفظها أو معناها ما يخالف العقيدة الإسلامية أو يتضمن اعتداءً في الدعاء.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر