دعاء دخول الحمام والخروج منه

يهتم الدين الإسلامي بتوجيه المسلم في جميع شؤون حياته، انطلاقًا من عظيم الأمور وحتى تفاصيلها اليومية، وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إرشادات وآداب تحفظ المسلم وتوجهه في كل أحواله، ومن ذلك الأدعية والأذكار المتعلقة بدخول الخلاء (الحمام) والخروج منه، والتي شُرعت لطلب الستر والحماية من الله سبحانه وتعالى.

الدعاء الصحيح عند دخول الخلاء

ثبت في السنة النبوية الشريفة أدعية يُستحب للمسلم أن يقولها قبل دخوله لمكان قضاء الحاجة، وهي حصن له من الشياطين وستر لعورته عن أعين الجن.

1، التسمية (قول: بسم الله)

يُسن للمسلم أن يبدأ بذكر اسم الله تعالى قبل الدخول، فهذا الذكر يحجب عورته عن أعين الجن.

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمُ الْخَلَاءَ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ”.

(رواه الترمذي، وصححه الألباني).

2، دعاء الاستعاذة

بعد التسمية، يُستحب الدعاء بالصيغة الثابتة في الصحيحين لطلب الحماية من الله من الشرور.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال:

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ”.

(متفق عليه: رواه البخاري ومسلم).

  • شرح المفردات: (الخُبُث والخبائث) قيل هما ذكور الشياطين وإناثهم، فالدعاء هو طلب للحماية من شرورهم وأذاهم.

دعاء دخول الخلاء والخروج منه مكتوب بالتشكيل الصحيح من السنة النبوية

الدعاء الصحيح عند الخروج من الخلاء

كما أرشدتنا السنة النبوية إلى الذكر عند الدخول، فقد ثبت أيضاً دعاء يُقال بعد الخروج من الخلاء، وهو تعبير عن شكر الله على نعمه.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال:

“غُفْرَانَكَ”.

(رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني).

ومعنى قول “غفرانك” هو طلب المغفرة من الله، وقد ذكر العلماء في مناسبة هذا الدعاء في هذا الموضع حِكَماً لطيفة، منها أن العبد يسأل الله المغفرة على تقصيره في شكر نعمة إخراج هذا الأذى الذي لو بقي في جسده لآذاه وأهلكه.

صيغ أخرى منتشرة وبيان حكمها

يتداول بعض الناس صيغاً أخرى للدعاء عند الخروج من الحمام، ومن المهم معرفة درجة صحتها من السنة النبوية.

  • صيغة: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي”، (هذا الحديث رواه ابن ماجه وغيره، ولكنه حديث ضعيف).
  • صيغة منسوبة لابن عمر: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذَاقَنِي لَذَّتَهُ، وَأَبْقَى فِيَّ قُوَّتَهُ، وَدَفَعَ عَنِّي أَذَاهُ”، (هذا الحديث ضعيف جداً أو موضوع).

تنبيه هام: هذه الصيغ لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، وإن كان معنى الدعاء صحيحاً في ذاته، فالأولى والأفضل هو الالتزام باللفظ النبوي الثابت وهو قول: “غفرانك”.

أبرز الآداب الشرعية لقضاء الحاجة

الآداب التالية مستمدة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والالتزام بها يعكس اتباع المسلم للسنة في تفاصيل حياته:

  1. تقديم الرجل اليسرى عند الدخول واليمنى عند الخروج: تأسياً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يحب التيامن في الأمور الطيبة، والتياسر فيما سوى ذلك.
  2. عدم استقبال القبلة أو استدبارها: في الأماكن الخالية (غير المُعدة للبنيان)، تعظيماً لشعائر الله، أما في البنيان فالأمر فيه سعة، مع أن الأفضل تجنب ذلك.
  3. استخدام اليد اليسرى في الاستنجاء: تُخصص اليد اليمنى للأمور الطيبة كالأكل والشرب، واليسرى لإزالة الأذى والنجاسة.
  4. الاستتار عن أعين الناس: يجب على المسلم ستر عورته جيداً وعدم كشفها إلا بقدر الحاجة، صوناً للحياء.
  5. الحرص على التطهر الكامل: يجب على المسلم أن يتطهر بشكل كامل من البول والغائط، فقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من التساهل في ذلك، وبيّن أنه من أسباب عذاب القبر.
  6. اجتناب قضاء الحاجة في طريق الناس أو ظلهم: لما في ذلك من أذية لهم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن “اللعانين” وهما من يقضي حاجته في طريق الناس أو ظلهم.
  7. عدم الكلام أو رد السلام أثناء قضاء الحاجة: فالموضع غير لائق لذكر الله أو الحديث إلا لضرورة قصوى.

آداب قضاء الحاجة في الإسلام كما وردت في السنة النبوية الشريفة

الأدعية والآداب المتعلقة بالخلاء في المذهب الشيعي

(ملاحظة: هذا القسم للعرض المعلوماتي والتوضيح).

للمذهب الشيعي صيغ وأدعية خاصة تتعلق بدخول الخلاء والخروج منه، وإن كانت تشترك في المضمون العام من طلب الحماية والشكر لله، نورد هنا بعض الأمثلة المأثورة لديهم للفائدة المعرفية.

أدعية مأثورة لديهم:

  • عند الدخول: “بِسمِ اللهِ وَبِاللهِ أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الرِّجسِ النَّجِسِ الخَبيثِ المُخبِثِ الشَّيطانِ الرَّجيمِ”.
  • عند الخروج: “الحَمدُ للهِ الَّذي عَرَّفَني لَذَّتَهُ وَأَبقى في جَسَدي قُوَّتَهُ وَأَخرَجَ عَنّي أَذاهُ، يالَها نِعمَةٌ يالَها نِعمَةٌ يالَها نِعمَةٌ لا يُقَدِّرُ القادِرونَ قَدرَها”.

من الآداب المذكورة لديهم:

تتقاطع العديد من الآداب الموصى بها في المذهب الشيعي مع الآداب العامة في الإسلام، مع وجود بعض الأدعية التفصيلية الخاصة بكل مرحلة من مراحل قضاء الحاجة، مثل الدعاء عند رؤية الماء، وعند الاستنجاء، وعند الانتهاء ووضع اليد على البطن.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

متى يُقال دعاء دخول الخلاء؟

يُقال دعاء الدخول (بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) قبل الدخول إلى مكان قضاء الحاجة، وليس بعد الدخول فيه.

ما حكم ذكر الله داخل الحمام؟

يُكره ذكر الله تعالى باللسان داخل مكان قضاء الحاجة تعظيماً لاسم الله، إلا إذا كان الذكر في القلب فلا حرج فيه، لهذا السبب شُرعت الأذكار لتُقال قبل الدخول وبعد الخروج.

ما هو الدعاء الصحيح الثابت عند الخروج من الخلاء؟

الدعاء الثابت بأصح الأسانيد عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الخروج هو قول: “غُفْرَانَكَ”.

هل دعاء “الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني” صحيح؟

لا، الحديث الوارد بهذه الصيغة ضعيف من حيث الإسناد، والأفضل للمسلم أن يلتزم بما هو أصح وأثبت، وهو قول “غفرانك”.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات