دعاء رؤية الكعبة المشرفة مكتوب

تُمثّل لحظة وقوع البصر على الكعبة المُشرّفة للمرة الأولى شعورًا إيمانيًا عميقًا، ولحظةً فارقة في رحلة المسلم الروحية، سواء كان حاجًا أم معتمرًا، فإن هذا الموقف المهيب يفتح أبواب الخشوع والتضرّع إلى الله تعالى، ويُعد من المواطن التي يُرجى فيها إجابة الدعاء، إن زيارة بيت الله الحرام، الركن الخامس من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلاً، هي تجسيد للخضوع والتوجه الصادق إلى الله، وعندما تكون النية خالصة لوجهه الكريم، فإنها تصبح رحلة لتطهير الروح وتجديد العهد مع الخالق عز وجل.

ما صحة وجود دعاء مخصص لرؤية الكعبة؟

من المهم التوضيح أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاءٌ مخصص بلفظٍ معين يُقال عند رؤية الكعبة لأول مرة، ومع ذلك، فقد ثبت عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم تعظيم هذا الموقف واستغلاله بالدعاء والتضرع، فقد ورد عن الإمام الشافعي رحمه الله قوله إن الدعاء يُستجاب عند رؤية الكعبة، لذا، فالمشروع للمسلم في هذا الموقف المهيب هو أن يرفع يديه ويدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، مستحضرًا عظمة المكان والزمان.

أدعية جامعة من القرآن والسنة يُستحب الدعاء بها

الأصل في الدعاء هو الإخلاص والتوجه بصدق إلى الله، والأفضل للمسلم أن يدعو بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي أجمع للخير وأعظم في البركة، وفيما يلي بعض الأدعية المناسبة لهذا الموقف العظيم:

  • دعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة:

    “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

    المصدر: سورة البقرة، الآية 201، وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم.

  • دعاء لطلب الثبات وصلاح الخاتمة:

    “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”

    المصدر: سورة آل عمران، الآية 8.

  • دعاء لطلب المغفرة والرحمة:

    “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ”

    المصدر: صحيح البخاري، وهو سيد الاستغفار، ومناسب جدًا لهذا المقام.

  • دعاء لطلب النور والهداية:

    “اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا”

    المصدر: متفق عليه (صحيح البخاري وصحيح مسلم).

دعاء رؤية الكعبة مكتوب مع منظر للكعبة المشرفة

صيغ وأدعية شائعة عند رؤية الكعبة

يتداول الناس بعض الأدعية والصيغ التي اعتادوا على ترديدها في هذا الموقف، ومنها ما هو حسن في معناه، يمكن للمسلم أن يدعو بها أو بما يفتح الله عليه من الدعاء، مع العلم أنها لم ترد بخصوصها في السنة النبوية، ومن أمثلة ذلك:

  • “اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا البَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً، وَزِدْ مِنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوِ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا.”.
  • “اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ.”.
  • “أعوذُ بِرَبِّ البَيْتِ مِنَ الكُفْرِ وَالفَقْرِ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ وَضِيقِ الصَّدْرِ.”.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، وبعضها مأثور عن بعض السلف، ولكنها لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن تحديداً، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، أو أن يدعو المسلم بما يشاء من خير لنفسه وأهله والمسلمين.

آداب وأحكام زيارة المسجد الحرام

لزيارة بيت الله الحرام آداب ينبغي للمسلم مراعاتها تعظيمًا لشعائر الله، ولتحصيل الأجر الكامل بإذن الله، ومن أهم هذه الآداب:

  • الإخلاص لله تعالى: أن تكون نية الزيارة خالصة لوجه الله تعالى، ابتغاء مرضاته وثوابه، بعيدًا عن الرياء والسمعة.
  • الدخول بالقدم اليمنى: يُستحب عند دخول المسجد الحرام، كغيره من المساجد، أن يُقدّم المسلم رجله اليمنى ويقول دعاء دخول المسجد.
  • صلاة تحية المسجد: يسن للمسلم أن يصلي ركعتي تحية المسجد عند دخوله، إلا إذا كان دخوله للطواف مباشرة، فإن الطواف يُجزئ عن تحية المسجد.
  • السكينة والوقار: الحرص على خفض الصوت، وتجنب اللغط والجدال ورفع الأصوات، لما في ذلك من منافاة لتعظيم المكان وحرمته.
  • الإكثار من العبادات: استغلال الوقت في الحرم بالإكثار من الطواف، والصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، فالأجر فيه مضاعف.
  • اجتناب المحرمات: الحذر من الوقوع في المعاصي كالنظر المحرم، والغيبة، والنميمة، وغيرها من الذنوب التي يعظم إثمها في هذا المكان المبارك.
  • تجنب إيذاء الآخرين: ينبغي للمسلم أن يتجنب إيذاء إخوانه المسلمين بالزحام الشديد، خاصة عند الحجر الأسود أو في أماكن الطواف والسعي، وأن يكون رفيقًا بهم.

فضل الدعاء عند الكعبة المشرفة وأوقات الاستجابة

إن الدعاء عند رؤية الكعبة يمثل لحظة اتصال روحاني فريدة، وفرصة عظيمة لمناجاة الله وطلب رحمته ومغفرته، والالتزام بما صح من السنة، مع الأدب والخشوع، هو السبيل الأمثل لنيل بركة هذه الزيارة المباركة، والعودة منها بقلبٍ نقي وروحٍ مطمئنة.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

هل الدعاء عند رؤية الكعبة لأول مرة مستجاب؟

يُعد هذا الموطن من مواطن إجابة الدعاء كما ورد عن بعض السلف الصالح، وعلى المسلم أن يحسن الظن بالله ويدعوه بيقين في الإجابة، فالله كريم لا يرد سائلاً دعاه بصدق وإخلاص.

ما هو أفضل دعاء يمكن أن أقوله عند رؤية الكعبة؟

أفضل الدعاء هو ما كان جامعًا لخيري الدنيا والآخرة، وما ورد في القرآن والسنة الصحيحة، مثل: “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، ويمكن للمسلم أن يدعو بما يشاء من أمور دينه ودنياه.

هل يجوز أن أدعو بالدعاء الشائع “اللهم زد هذا البيت تشريفًا…”؟

نعم، يجوز الدعاء به لأن معناه صحيح ولا يخالف الشرع، لكن مع استحضار أن هذا الدعاء لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظه في هذا الموطن، وأن الأدعية القرآنية والنبوية هي الأولى بالتقديم.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات