تُعد الأحلام المزعجة والكوابيس من الأمور التي تثير قلق الكثيرين، وقد أرشدنا الإسلام إلى كيفية التعامل معها بما يضمن الطمأنينة والسكينة، إن معرفة الهدي النبوي والأدعية الصحيحة تُعين المسلم على تجاوز الخوف والقلق الذي قد يصاحب هذه الأحلام، وتحصنه بإذن الله من شرها.
الهدي النبوي عند رؤية حلم مزعج (كابوس)
أوضح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في أحاديث صحيحة، الطريقة المثلى للتعامل مع الأحلام المكروهة، وهي تقوم على عدة خطوات عملية تهدف إلى إبطال أثرها السيئ وصرف شرها، وقد جاءت هذه التوجيهات في السنة النبوية لتعلمنا أن الحلم المزعج من الشيطان، ويمكن دفع ضرره باللجوء إلى الله.
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
“الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ”.
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6986).
وبناءً على هذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة، يُستحب للمسلم فعل الآتي عند الاستيقاظ من حلم مزعج:
- الاستعاذة بالله من الشيطان: أن يقول “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم” ثلاث مرات.
- النفث عن اليسار: أن يتفل تفلاً خفيفاً جافاً (نفث) عن جهة يساره ثلاث مرات.
- تغيير الجانب الذي ينام عليه: إن كان نائماً على جنبه الأيسر فليتحول إلى الأيمن، والعكس.
- الصلاة: أن يقوم فيصلي ركعتين، فالصلاة حصن وطمأنينة.
- عدم إخبار أحد بالحلم: لقول النبي ﷺ: “فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ، فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ”، (المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2263)..
أدعية وأذكار صحيحة للتحصين من الكوابيس والأرق
التحصن بالأذكار الشرعية قبل النوم من أعظم أسباب الوقاية من الأحلام المزعجة والشعور بالأرق، وقد وردت في السنة النبوية أدعية مباركة تمنح القلب السكينة وتحفظ الإنسان بحفظ الله.
1، أذكار ما قبل النوم
من أهم الأذكار التي يُحصّن بها المسلم نفسه قبل النوم ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها:
- آية الكرسي: قراءة آية الكرسي (البقرة: 255)؛ فمن قرأها قبل نومه لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، (المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 2311)..
- أواخر سورة البقرة: قراءة آخر آيتين من سورة البقرة؛ فمن قرأهما في ليلة كفتاه، (المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 5009)..
- المعوذات: قراءة سور (الإخلاص، الفلق، الناس) ثلاث مرات، والنفث في الكفين ومسح ما استطاع من الجسد، (المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 5017)..
- دعاء النوم:
 “اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ”. (المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 247). قال النبي ﷺ لمن يقوله: “فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ”. 
2، دعاء عند الأرق والوحشة في النوم
إذا أصاب المسلم أرق أو قلق منعه من النوم، فيمكنه الدعاء بما ورد في السنة:
عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه أصابه أرق، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يتعوذ عند منامه بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، وفي رواية أخرى، ورد دعاء للأرق وهو:
“اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظَلَّتْ، وَرَبَّ الأَرَضِينَ وَمَا أَقَلَّتْ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضَلَّتْ، كُنْ لِي جَارًا مِنْ شَرِّ خَلْقِكَ كُلِّهِمْ جَمِيعًا، أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ، أَوْ أَنْ يَبْغِيَ، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”.
(المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3523، وهو حديث حسن).
هل يمكن للدعاء أن يمنع تحقق تفسير حلم سيء؟
نعم، الدعاء من أعظم الأسباب التي يدفع الله بها البلاء ويرفع بها الضر، وقد دلت النصوص الشرعية على أن الدعاء له أثر عظيم في تغيير المقادير التي لم تُكتب كتابة نهائية.
- الدعاء يرد القضاء: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
 “لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ”. (المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 2139، وحسنه الألباني). وهذا يدل على أن المسلم إذا دعا الله بصدق، فإن الله قد يصرف عنه شراً كان سيقع به. 
- دعاء الكرب: دعاء نبي الله يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت هو من أعظم الأدعية لدفع الشدائد.
 “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87]. وقد قال عنه النبي ﷺ: “فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ”، (المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3505، وهو حديث صحيح).. 
- الهدي النبوي هو الوقاية: إن التوجيه النبوي بالاستعاذة من شر الحلم وعدم التحدث به هو بحد ذاته وقاية من تحقق أي ضرر محتمل منه، فالمسلم يفوض أمره إلى الله ويتوكل عليه، فيكفيه الله شر ما أهمه.
الأسباب المؤدية إلى الأحلام المفزعة والكوابيس
بينما أرشدنا الشرع إلى أن أصل الأحلام المزعجة من الشيطان لإحزان المؤمن، إلا أن هناك عوامل حياتية ونفسية قد تزيد من تكرارها، معرفة هذه الأسباب تساعد في تجنبها والعمل على علاجها:
- الضغوط النفسية: القلق والتوتر وكثرة التفكير في المشاكل الحياتية قبل النوم قد ينعكس على طبيعة الأحلام.
- اضطرابات النوم: النوم المتقطع أو السهر لساعات طويلة وعدم الحصول على قسط كافٍ من الراحة يؤثر سلباً على استقرار النوم.
- عادات غذائية سيئة: تناول وجبات دسمة أو ثقيلة قبل النوم مباشرة قد يسبب عدم ارتياح أثناء النوم ويزيد من احتمالية الكوابيس.
- بعض الأدوية: قد تكون بعض العقاقير الطبية من الآثار الجانبية لها التأثير على طبيعة الأحلام.
- البعد عن ذكر الله: إهمال أذكار النوم والتحصينات الشرعية يترك الإنسان أكثر عرضة لوساوس الشيطان وأحلامه المزعجة.
إن الحل الأمثل يكمن في الجمع بين الأخذ بالأسباب المادية، مثل تنظيم النوم وتحسين العادات الصحية، والتمسك بالهدي النبوي من خلال المحافظة على الأذكار والدعاء واللجوء إلى الله في كل حين.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- صحيح البخاري، أحاديث رقم: 247, 2311, 5009, 5017, 6986، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2263، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، أحاديث رقم: 2139, 3505, 3523، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
ما الفرق بين الرؤيا الصالحة والحلم المزعج؟
الرؤيا الصالحة تكون من الله، وهي مبشرة وتحمل معاني طيبة، ويُستحب للمسلم أن يحمد الله عليها وأن يخبر بها من يحب، أما الحلم فهو من الشيطان، ويهدف إلى إحزان الإنسان وتخويفه، والهدي النبوي هو الاستعاذة بالله منه وعدم إخبار أحد به.
هل هناك سورة معينة تُقرأ لمنع الكوابيس؟
نعم، ورد في السنة النبوية الصحيحة فضل قراءة آية الكرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة، وسور الإخلاص والمعوذتين (الفلق والناس) قبل النوم، فهي من أعظم ما يحصن به المسلم نفسه من الشياطين والكوابيس.
ماذا أفعل إذا تكررت معي الأحلام المزعجة كثيراً؟
إذا تكررت الكوابيس، فيُنصح بالمداومة على الخطوات النبوية المذكورة في المقال، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، والحرص على النوم على طهارة (وضوء)، والرقية الشرعية، ومراجعة نمط الحياة لتقليل مسببات القلق والتوتر.
 
		

