دعاء لرفع البلاء عن البلاد وعن المسلمين

عندما تحلّ بالناس الشدائد وتنتشر الأوبئة، يظل اللجوء إلى الله تعالى هو الملاذ الآمن والسبيل الأوحد للخروج من كل كرب، فالدعاء سلاح المؤمن، وعبادة عظيمة تُظهر افتقار العبد لربه وتعلقه به، وهو من أعظم أسباب كشف البلاء ورفع الغمة، نسأل الله أن يحفظ الجميع من كل سوء، وأن يمنّ على المرضى بالشفاء العاجل.

  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَعْفِ قُوَّتِي، وَقِلَّةِ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟…هذا الدعاء جزء من دعاء مأثور وطويل يُنسب للنبي صلى الله عليه وسلم عند عودته من الطائف، ورغم شهرته، إلا أن إسناده ضعيف كما بيّن أهل العلم، ولكن معانيه صحيحة ولا حرج في الدعاء به على أنه من الأدعية العامة التي تعبر عن الافتقار إلى الله وطلب رحمته.

أدعية مأثورة لرفع البلاء والوباء مكتوبة

أدعية صحيحة لرفع البلاء

إن الابتلاء سنة إلهية، وهو ليس بالضرورة دليلاً على غضب الله، بل قد يكون رفعةً في الدرجات وتكفيراً للسيئات، كما ابتُلي الأنبياء وهم أحب الخلق إلى الله، وقد وردت في السنة النبوية الشريفة أدعية ثابتة يُستحب للمسلم أن يدعو بها عند نزول البلاء لطلب العافية والسلامة من الله تعالى.

  • “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ”.المصدر: حديث صحيح، رواه البخاري في صحيحه (6347).
  • “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ”.المصدر: حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه (2739).
  • “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”.

    المصدر: دعاء نبي الله يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت، من القرآن الكريم [سورة الأنبياء: 87]، قال عنه النبي ﷺ: “فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”، (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

أدعية عامة لرفع البلاء عن الأمة

الصبر عند نزول البلاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم عظيم أجر الصابرين بقوله:

“إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى”.

المصدر: حديث صحيح، رواه أبو داود (3090) وصححه الألباني.

وإلى جانب الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ عامة، ما دامت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، ومن أمثلة ذلك:

  • اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِبِلَادِنَا وَبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ سُوءًا فَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيْهِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ..
  • اللَّهُمَّ احْفَظْ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ وَنَجِّهَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَاحْمِهَا مِنْ كَيْدِ الْفُجَّارِ، وَأَجِرْهَا مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ..
  • اللَّهُمَّ عَجِّلْ بِفَرَجِكَ عَلَيْنَا، وَأَغِثِ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ، وَاحْفَظْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمْنَحْهُمُ الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ وَالاسْتِقْرَارَ..

دعاء مكتوب لحفظ بلاد المسلمين من كل شر

أدعية من السنة النبوية للفرج وكشف الكرب

إن الله تعالى هو القادر وحده على كشف الضر ورفع البلاء، كما قال في كتابه العزيز:

“قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ” [الأنعام: 64]

، فالتوجه إليه سبحانه بالدعاء والتضرع هو السبيل للنجاة، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أدعية جامعة لكشف الكروب وتفريج الهموم.

  • “اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي”.المصدر: حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده (3712)، وصححه الألباني، قال النبي ﷺ عنه: “ما أصاب أحدًا قط همٌّ ولا حزنٌ فقال..، إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا”.
  • “اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”.المصدر: حديث حسن، رواه أبو داود (5090)، وحسنه الألباني، وهو من أدعية الكرب.
  • “اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ…”.المصدر: حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه (2713)، وهو دعاء جامع يُقال عند النوم وعند الشدائد.

دعاء الفرج وكشف الكرب من السنة النبوية

صيغ شائعة للدعاء (تنبيه هام)

تنتشر بين الناس بعض الصيغ والأدعية التي لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها:

  • “تَحَصَّنْتُ بِذِي الْعِزَّةِ، وَاعْتَصَمْتُ بِرَبِّ الْمَلَكُوتِ، وَتَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنَّا الْوَبَاءَ، بِلُطْفِكَ يَا لَطِيفُ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.

تنبيه وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغة هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة، وبها الخير والبركة، ويجوز الدعاء بأدعية عامة بمعانٍ صحيحة كهذه الصيغة، ولكن لا يُنسب فضل خاص لها أو يُعتقد أنها سنة مأثورة.

دعاء لمصر وحفظها

ذكر الله تعالى مصر في كتابه الكريم تكريماً لها، فقال على لسان يوسف عليه السلام:

“ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ” [يوسف: 99]

، كما أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم خيراً في حديثه الشريف:

“إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا”.

المصدر: حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه (2543).

ومن الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها لمصر وسائر بلاد المسلمين:

  • اللَّهُمَّ احْفَظْ مِصْرَ وَأَهْلَهَا مِنْ كَيْدِ الْكَائِدِينَ وَمَكْرِ الْحَاقِدِينَ، وَاحْرُسْهَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ.
  • اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْهَا السَّكِينَةَ وَالْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَبَارِكْ فِي أَهْلِهَا وَأَرْزَاقِهَا، وَأَعِنْهُمْ عَلَى طَاعَتِكَ.
  • اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنْهَا كُلَّ سُوءٍ، وَتَوَلَّ أَمْرَهَا بِرَحْمَتِكَ، وَاجْعَلْهَا فِي كَنَفِكَ وَرِعَايَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

دعاء لحفظ مصر وأهلها من كل سوء

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

ما هو أفضل وقت للدعاء لرفع البلاء؟

الدعاء مشروع في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول الشدائد، يكون التضرع إلى الله في كل حين هو المطلوب.

هل يجوز الدعاء بصيغ لم ترد في السنة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة كانت، بشرط ألا تحتوي على اعتداء في الدعاء أو إثم أو قطيعة رحم، والأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة لأنها جامعة للخير ومباركة.

ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة غير الثابتة؟

البديل الصحيح هو الأدعية الثابتة في الكتاب والسنة، فهي كافية وشافية، أدعية مثل “اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء…” ودعاء الكرب ودعاء يونس عليه السلام، هي كنوز نبوية عظيمة لرفع البلاء وكشف الغمة، وينبغي للمسلم أن يحرص عليها.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات