يُعَدّ فضيلة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام، أحد أبرز قراء القرآن الكريم في العالم الإسلامي، يتميز صوته بالخشوع والسكينة، وتلاوته الندية التي تلامس القلوب وتعين المستمعين على التدبر والشعور بمعاني الآيات الكريمة.
وقد ساهمت وسائل الإعلام، ومنها قناة المجد للقرآن الكريم، في نشر تلاواته المباركة على نطاق واسع، مما جعله من القراء المألوفين والمحبوبين لدى ملايين المسلمين حول العالم، الذين يتابعون تلاواته ويحرصون على الاستماع إليها، خاصة في شهر رمضان المبارك.
أدعية جامعة من ليالي رمضان (من قنوت الشيخ ماهر المعيقلي)
ينتشر بين المسلمين دعاءٌ طويل يُنسب للشيخ ماهر المعيقلي، وهو في حقيقته ليس دعاءً من تأليف الشيخ، بل هو مجموعة مباركة من الأدعية الثابتة في السنة النبوية الصحيحة التي يلهج بها الشيخ في دعاء القنوت خلال صلاة التراويح والتهجد في المسجد الحرام، وتفصيل هذه الأدعية ومصادرها الشرعية كما يلي:
1، الثناء على الله بما هو أهله
يبدأ الدعاء بمجموعة من عبارات الثناء التي وردت في دعاء النبي ﷺ عند قيامه لليل، وهي من أعظم ما يفتتح به العبد دعاءه.
- “اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ…”.
المصدر: هذا الدعاء جزء من حديث صحيح رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن دعاء النبي ﷺ في صلاة التهجد، (متفق عليه: رواه البخاري ومسلم).
2، دعاء القنوت المأثور
يحتوي هذا الجزء على صيغة دعاء القنوت التي علمها النبي ﷺ لسبطه الحسن بن علي رضي الله عنهما، وهي من أشهر صيغ القنوت في صلاة الوتر.
- “اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ”.
المصدر: حديث حسن، رواه أصحاب السنن (أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه) وصححه العلماء.
3، أدعية جامعة من السنة النبوية
يختتم الدعاء بمجموعة من الأدعية النبوية الجامعة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة، وهي ثابتة في السنة الصحيحة.
- “اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئًا نَعْلَمُهُ، وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا نَعْلَمُهُ”، (حديث حسن).
- “اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا”، (حديث حسن رواه الترمذي).
- “اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ”، (جزء من حديث صحيح).
حكم نسبة هذا الدعاء المجموع للشيخ المعيقلي
تنبيه هام: نسبة هذا الدعاء كنصٍّ واحدٍ متكامل من “تأليف” الشيخ ماهر المعيقلي هو أمر غير دقيق، الصواب أنه تجميع لأدعية نبوية صحيحة ومأثورة، يختارها الشيخ ويدعو بها في قنوته، وهذا فعل مشروع ومبارك، الأصل في هذه الأدعية أنها من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والفضل يعود إلى السنة النبوية التي هي المصدر الأساسي للتشريع والعبادة.
سيرة موجزة عن الشيخ ماهر المعيقلي
وُلِدَ فضيلةُ الشَّيخِ ماهِرُ بن حمد المعيقلي في السابعِ مِن يناير عامَ 1969م في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، التحقَ بِكُليةِ المُعلمينَ ونَالَ شهادتَها ليبدأَ مسيرتهُ العمليّة كَمُدرسٍ لمادةِ الرياضيات، ثم انتقلَ إلى مكةَ المكرمةَ ليعملَ في مدرسةِ “بلاطِ الشهداءِ”، ثُمَّ تولَّى مَهامَّ الإرشادِ الطُّلابيِّ في إحدى المدارس الثانوية.
دَفَعَهُ سَعيُهُ المُستمرُّ نَحوَ العلم الشرعي لإكمَالِ دراساته العليا، فالتحقَ بجامعةِ أُمّ القُرى ونَالَ مِنهَا درجَةَ الماجستيرِ في فقه الإمام أحمد بن حنبل عام 2004م، ثم واصلَ رحلتَهُ العلمية حَتَّى نَالَ درجَةَ الدكتوراهِ في الفِقهِ عام 2012م بتقدير امتيازٍ معَ مَرتبةِ الشَّرفِ الأولى.
أتمَّ الشَّيخ ماهرٌ حفظَ القُرآنِ الكريمِ في سِنٍّ مُبكرَةٍ وأتقنَ أحكامَ التَّجويدِ، مِمَّا جَعلَهُ من القُراءِ المُتميزينَ الذين اشتهروا بأصواتِهِمْ الخاشعةِ وتلاوتهم المؤثرة، إحساسه العالي عندَ قراءةِ القرآنِ وَصوتُهُ المُمَيزُ جَعلاهُ مِن أكثرِ القُراءِ استِماعًا وَانتشارًا، وهو اليومَ أحدُ أئمَّةِ المسجد الحرام، حيثُ يُصلي خلفه ويستمع لِقِراءَتِهِ الملايينُ من المسلمين.
على الصعيد الأسري، يعيشُ الشَّيخُ ماهرٌ حَياةً هادئةً، فَهُوَ مُتزوجٌ وَلديه أربعةُ أبناءٍ (ولدان وبنتان)، وقد حَرصَ على غَرسِ حُبِّ القُرآنِ فِي قُلوبِ أبنائهِ بتَسجيلِهِم فِي مَدارِسِ تَحفيظِ القُرآنِ الكَرِيمِ.
أبرز المناصب التي شغلها الشيخ ماهر المعيقلي
تُبرز المناصب التي تولاها الشيخ ماهر المعيقلي مسيرته العلمية والدعوية المشرفة في المملكة العربية السعودية، ومن أبرزها:
- أستاذ مساعد ثم أستاذ مشارك بقسم الدراسات القضائية في كلية الدراسات القضائية والأنظمة بجامعة أم القرى.
- وكيل كلية الدراسات القضائية والأنظمة للدراسات العليا والبحث العلمي.
- إمامة مسجد عبد الرحمن السعدي في حي العوالي بمكة المكرمة.
- إمامة المصلين في المسجد النبوي الشريف خلال شهر رمضان لعامي 1426هـ و 1427هـ.
- إمامة المصلين في صلاتي التراويح والتهجد بالمسجد الحرام في شهر رمضان عام 1428هـ.
- عُيِّن إمامًا رسميًا للمسجد الحرام في العام نفسه، ولا يزال في هذا المنصب الشريف حتى الآن.
- عُيِّن خطيبًا للمسجد الحرام في عام 1437هـ.
المصادر والمراجع
- صحيح البخاري، حديث رقم 1120، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 769، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 464، وقال: “حديث حسن”، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3502، وقال: “حديث حسن غريب”، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
هل دعاء رمضان المنسوب للشيخ المعيقلي من تأليفه؟
لا، الدعاء ليس من تأليف الشيخ، بل هو مجموعة من الأدعية الصحيحة والثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي يجمعها الشيخ ويدعو بها في صلاة الوتر خلال شهر رمضان، وهذا أمر مشروع ومستحب.
ما هو الأصل الشرعي لهذه الأدعية؟
الأصل فيها هو السنة النبوية الصحيحة، حيث تتكون من دعاء النبي ﷺ في تهجده، ودعاء القنوت الذي علمه لسبطه الحسن بن علي، وأدعية نبوية جامعة أخرى، وكلها مروية بأسانيد مقبولة.
متى يُستحب قول هذه الأدعية؟
يُستحب الدعاء بها في كل وقت، وخاصة في مواطن إجابة الدعاء مثل السجود، وثلث الليل الآخر، وفي دعاء القنوت في صلاة الوتر، ويكثر المسلمون من الدعاء بها في ليالي رمضان المباركة اقتداءً بالأئمة والعلماء.

