الدعاء هو جوهر العبادة، والصلة المباشرة التي تربط العبد بربه، وهو وسيلة المؤمن لمناجاة خالقه وطلب العون والرحمة في كل شؤون حياته، ويوم الجمعة هو خير أيام الأسبوع، وقد خصّه الله بفضائل عظيمة، منها ساعةٌ مباركة لا يُرد فيها الدعاء، مما يجعله فرصة ثمينة للمسلمين للتقرب إلى الله وطلب خيري الدنيا والآخرة.
أدعية مأثورة من القرآن والسنة ليوم الجمعة
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية هي الأجمع للخير والأعظم بركة، إليك بعض الأدعية الصحيحة التي يُستحب الإكثار منها في كل وقت، وخاصة في الأوقات الفاضلة كيوم الجمعة:
1، أدعية من القرآن الكريم
كان الأنبياء والصالحون يتوجهون إلى الله بأدعية جامعة ذكرها القرآن الكريم، ومنها:
- دعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة:
“وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201].
.
 - دعاء لإصلاح الذرية والثبات على الإسلام:
“رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” [البقرة: 128].
.
 - دعاء لطلب القبول من الله:
“رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” [البقرة: 127].
.
 - دعاء طلب المغفرة والرحمة:
“…وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ” [البقرة: 285].
.
 
2، أدعية من السنة النبوية الصحيحة
حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدعية جامعة، ومنها ما يناسب الدعاء به في كل وقت:
- سيد الاستغفار: وهو من أعظم صيغ طلب المغفرة، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: “وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ…”، (صحيح البخاري).
“اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ”.
.
 - دعاء القنوت: وهو دعاء جامع للخير، يُشرع في صلاة الوتر، ويمكن الدعاء به في غيره من المواضع، (سنن الترمذي، حديث حسن).
“اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ”.
.
 - الإكثار من الصلاة على النبي: وهو من أفضل الأعمال يوم الجمعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ”، (سنن أبي داود، حديث صحيح).
ومن أفضل صيغها الصلاة الإبراهيمية:
“اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ”، (صحيح البخاري).
.
 
أمثلة على صيغ الدعاء العامة يوم الجمعة
يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خير الدنيا والآخرة، وأن يناجي ربه بأسلوبه الخاص، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، وهذه بعض الصيغ العامة التي يمكن الاستئناس بها في الدعاء:
- اللَّهُمَّ يَا ذَا الْكَرَمِ وَالْجُودِ، نَسْأَلُكَ فِي يَوْمِكَ الْمُبَارَكِ هَذَا بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا، أَنْ تَرْزُقَنَا الْخَيْرَ كُلَّهُ عَاجِلَهُ وَآجِلَهُ، وَأَنْ تُحَقِّقَ لَنَا مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى.
 - اللَّهُمَّ يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ، نَسْأَلُكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْفَضِيلِ أَنْ تَغْفِرَ ذُنُوبَنَا، وَتُطَهِّرَ قُلُوبَنَا، وَتُبَاعِدَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كُلِّ شَرٍّ.
 - يَا رَبِّ، افْتَحْ لَنَا أَبْوَابَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَامْلَأْ حَيَاتَنَا بِقَبُولِكَ وَرِضَاكَ، وَابْسُطْ لَنَا يَدَكَ بِالْعَطَاءِ وَارْحَمْنَا أَيْنَمَا كُنَّا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
 - اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْآخِرَةَ هَمَّنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَارْزُقْنَا مِنْ فَضْلِكَ رِزْقًا وَاسِعًا حَلَالًا طَيِّبًا مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَلَا مَنٍّ مِنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ.
 - يَا اللهُ، أَنْتَ الْمُطَّلِعُ عَلَى سَرَائِرِنَا، وَتَعْلَمُ مَا تُخْفِي صُدُورُنَا، لَا تَجْعَلْ لَنَا حَاجَةً إِلَّا قَضَيْتَهَا، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، فَإِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
 - اللَّهُمَّ احْفَظْ أَحِبَّاءَنَا وَأَهْلَنَا مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَأَلْبِسْهُمْ ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَسَهِّلْ لَهُمْ أُمُورَهُمْ، وَارْزُقْهُمُ النَّجَاحَ وَالتَّوْفِيقَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
 
تنبيه وإخلاء مسؤولية هام
تنبيه هام: الصيغ المذكورة في القسم السابق هي مما يتداوله بعض الناس، وهي حسنة المعنى ويمكن الدعاء بها بشكل عام، ولكن، لم تثبت هذه الصيغ بنصها المحدد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، وفيها الخير العظيم.
أهمية الدعاء وفضله يوم الجمعة
يوم الجمعة له مكانة عظيمة في الإسلام، وقد خصه الله بفضائل متعددة تجعل الدعاء فيه أرجى للقبول، من أبرز هذه الفضائل:
- وجود ساعة الإجابة: وهي ساعة مباركة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“فِيهِ سَاعَةٌ، لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ”، (متفق عليه: صحيح البخاري وصحيح مسلم).
.
 - يوم تكفير السيئات: الأعمال الصالحة في يوم الجمعة، ومنها الدعاء وحضور الصلاة، سبب لمغفرة الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى”، (صحيح البخاري).
.
 - اقتران الدعاء بالأعمال الصالحة: يعظم أجر الدعاء يوم الجمعة حين يقترن بأعمال صالحة أخرى كقراءة سورة الكهف، والتبكير إلى الصلاة، والصدقة، والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
 - الشعور بالسكينة والطمأنينة: مناجاة الله في هذا اليوم المبارك تمنح النفس راحة وسكينة، وتزيل الهموم، وتجدد الأمل في رحمة الله وفضله.
 
لذا، ينبغي على كل مسلم أن يغتنم هذا اليوم الفضيل، ويُلحّ في الدعاء بإخلاص ويقين، سائلاً الله من خيرَي الدنيا والآخرة، لنفسه وأهله والمسلمين أجمعين.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
 - سورة البقرة، الآية 128.
 - سورة البقرة، الآية 127.
 - سورة البقرة، الآية 285.
 - صحيح البخاري، حديث رقم 6306 (سيد الاستغفار)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - سنن الترمذي، حديث رقم 464 (دعاء القنوت)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - سنن أبي داود، حديث رقم 1047 (فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - صحيح البخاري، حديث رقم 5297 (الصلاة الإبراهيمية)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - صحيح البخاري (935) وصحيح مسلم (852) (حديث ساعة الاستجابة)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - صحيح البخاري، حديث رقم 910 (فضل التبكير للجمعة)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 
أسئلة شائعة حول الدعاء يوم الجمعة
- ما هي ساعة الاستجابة يوم الجمعة؟
 - اختلف العلماء في تحديدها على أقوال، أرجحها قولان: الأول أنها من جلوس الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة، والثاني أنها بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، ويُستحب للمسلم أن يجتهد في الدعاء في كلا الوقتين.
 - هل هناك دعاء محدد لساعة الاستجابة؟
 - لم يثبت في السنة النبوية دعاء محدد لهذه الساعة، يمكن للمسلم أن يدعو بما يشاء من الأدعية المأثورة أو بما يحتاجه من أمور الدنيا والآخرة، بشرط ألا يكون فيه إثم أو قطيعة رحم.
 - ما أفضل الأعمال يوم الجمعة مع الدعاء؟
 - من أفضل الأعمال التي تعين على استجابة الدعاء يوم الجمعة: الاغتسال والتطيب، التبكير إلى المسجد، قراءة سورة الكهف، الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والصدقة.
 
		
