تُعدّ سورة الإخلاص من أعظم سور القرآن الكريم وأكثرها مكانةً، فهي سورةٌ محوريةٌ في العقيدة الإسلامية؛ لأنها تُرسّخ مبدأ التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى، وعلى الرغم من قصر آياتها، إلا أنها تحمل معاني جليلة، وتُعرف بأنها تعدل ثلث القرآن الكريم في الأجر، مما جعلها جزءاً لا يتجزأ من أذكار المسلم اليومية وأدعيته.

في هذا المقال، نستعرض الدعاء الصحيح الثابت عن النبي ﷺ والمتعلق بهذه السورة العظيمة، ونوضح حكم بعض الصيغ المنتشرة بين الناس، مع بيان فضائلها المؤكدة بالأدلة الشرعية.

الدعاء الثابت بسورة الإخلاص عن النبي ﷺ

ورد في السنة النبوية الشريفة دعاء عظيم يُعرف بـ “اسم الله الأعظم”، وقد علّمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعاني الجليلة لسورة الإخلاص، هذا الدعاء هو الصيغة الوحيدة الثابتة بسند صحيح في هذا الباب.

عن بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ:

• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ.

  فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى”، (رواه الترمذي وأبو داود، وصححه الألباني).

هذا الدعاء هو من أعظم صيغ التوسل إلى الله تعالى، حيث يتوسل العبد إلى ربه بالشهادة له بالوحدانية المطلقة والكمال، وهي نفس المعاني التي قامت عليها سورة الإخلاص، ويُستحب للمسلم أن يُكثر من هذا الدعاء في صلاته وسجوده وفي أوقات الإجابة، لما له من فضل عظيم ورجاء في القبول.

صيغ شائعة تُنسب لسورة الإخلاص

تنتشر بين بعض الناس صيغ أدعية وأوراد تُنسب إلى سورة الإخلاص لقضاء الحوائج أو جلب الرزق، ومن أشهرها دعاء يُنسب إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، نورد هنا هذه الصيغة للعلم بها، مع التنبيه على حكمها الشرعي.

بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد بفضلها يا رب لا تكلني إلى أحد ولا تحوجني إلى أحد وأغنني يا رب عن كل أحد يا من إليه المستند وعليه المعتمد عاليا على العلا فوق العلا فرد صمد منزه في ملكه ليس له شريك ولا ولد ورزقه ميسر يجري على طول المدد يا سيدي خذ بيدي من الضلال إلى الرشد ونجني من كل ضيق ونكد يا إله الفضل بحق الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد..

تنبيه هام وحكم هذه الصيغ

تنبيه هام: هذه الصيغة المنسوبة للإمام علي رضي الله عنه، وغيرها من الأدعية التي تحدد قراءة السورة بعدد معين (مثل ألف مرة) لقضاء حاجة معينة، هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الاتباع والالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية ومباركة وفيها الخير كله.

والصواب هو أن يدعو المسلم بالدعاء النبوي الثابت المذكور أعلاه، أو أن يقرأ سورة الإخلاص ثم يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة دون التقيد بصيغة محددة لم ترد بها السنة.

فضائل سورة الإخلاص الثابتة في السنة

لسورة الإخلاص فضائل عظيمة وثابتة في الأحاديث النبوية الصحيحة، مما يجعلها ذات مكانة فريدة، ومن أبرز هذه الفضائل:

• تعدل ثلث القرآن: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه:
  

  “أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ؟” فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: “اللَّهُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ، ثُلُثُ القُرْآنِ”، (رواه البخاري).

  .

• سبب لمحبة الله: حب سورة الإخلاص يوجب محبة الله للعبد، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ “قل هو الله أحد”، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: “سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟”، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أخبروه أن الله يحبه”، (رواه البخاري ومسلم).
• سبب لدخول الجنة وبناء قصر فيها: عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
  

  “مَنْ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ، بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ”، (رواه أحمد، وحسنه الألباني).

  .

نبذة تعريفية حول سورة الإخلاص

سورة الإخلاص سورة مكية، نزلت في مكة المكرمة قبل الهجرة النبوية، ترتيبها في المصحف 112، وعدد آياتها أربع، سُميت “الإخلاص” لأنها تخلّص قارئها من الشرك وتُخلِص العبودية لله وحده، ولأنها خالصة في الحديث عن صفات الله تعالى دون غيرها من الأحكام.

أسباب نزول سورة الإخلاص

جاء في سبب نزولها أن المشركين وقيل أهل الكتاب سألوا النبي صلى الله عليه وسلم قائلين: “يا محمد، انسب لنا ربك” أي صفه لنا، فأنزل الله تعالى هذه السورة لتكون جواباً شافياً وكافياً، يصف فيها نفسه بصفات الوحدانية والكمال، وينفي عنه كل نقص، فهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، وليس له مثيل أو شبيه.

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هو الدعاء الصحيح المتعلق بسورة الإخلاص؟
الدعاء الصحيح الثابت هو قول: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ”، وقد وصفه النبي ﷺ بأنه دعاء باسم الله الأعظم.

هل دعاء “قل هو الله أحد بفضلها يا رب…” المنسوب للإمام علي صحيح؟
لا، هذا الدعاء ليس له سند صحيح يثبت نسبته إلى الإمام علي رضي الله عنه أو غيره من الصحابة، وهو من الصيغ المنتشرة التي لا أصل لها في كتب السنة المعتمدة.

ما هو أبرز فضل لقراءة سورة الإخلاص؟
أبرز فضائلها أنها تعدل ثلث القرآن الكريم في الأجر والثواب، كما أن محبتها سبب لمحبة الله تعالى للعبد، وقراءتها عشر مرات سبب لبناء قصر في الجنة.

هل يجوز قراءة سورة الإخلاص 1000 مرة لقضاء الحاجة؟
لم يرد في السنة النبوية تحديد عدد معين لقراءة سورة الإخلاص لقضاء حاجة معينة، تخصيص الأعداد والكيفيات في العبادة دون دليل شرعي يُعد من الأمور المحدثة، والأفضل هو الإكثار من قراءتها والدعاء بعدها بما يشاء المسلم دون تحديد عدد معين واعتقاد فضل خاص فيه.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر